منوعات

توقف مؤسسات الصرافة عن التداول بالدولار… ما مصير الطلاب والعمال الأجانب؟

لا تزال الأزمة الاقتصادية تصادر أي فسحة أمل ينتظرها اللبنانيون بحثا عما يسد الرمق ويعيد بعضا من كرامة اهدرتها المصالح على مذبح السلطة ومفاسدها، ولا يزال المواطن حائرا يتطلع إلى سراب الحلول الضائعة وفي مختلف نواحي الحياة في لبنان، وسط تدابير الحجر والإغلاق، وما بينهما من وجع مقيم ومعاناة لا تنتهي، ولا سيما عقب كارثة المرفأ الشهيد والشاهد على فساد منظومة الحكم منذ ثلاثين عاما ونيف، ناهيك عن تراجع قيمة العملة الوطنية حيث باتت الليرة اللبنانية شهيدة الفساد والتسلط والتحاصص وسياسات التجويع والإفقار وما يتبعهما من ذل ومهانة يتساوى معهما اللبنانيون بمختلف انتماءاتهم.

مأساة حقيقية
من هذه القراءة المقتضبة لواقع الحال يمكن اختصار بعض معاناة اللبنانيين، ولا سيما ما له صلة بتأمين الحد الأدنى من موجبات ومتطلبات الحياة اليومية، خصوصا معاناتهم مع التجار، فمع ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية والإرباك القائم في السوق المالية يعيش المواطنون مأساة حقيقية لجهة عدم القدرة على تأمين حاجاتهم الإستهلاكية الأساسية، مع استمرار المصارف بحجب ودائعهم بالدولار الأميركي.
معاناة كبيرة تواجه شريحة من المجتمع، تضطر لتحويل الأموال للخارج عبر تأمين العملة الصعبة من مؤسسات الصرافة، سواء من يدرس أبناؤها في الخارج، أو تلك العائلات التي وظفت العمال الأجانب في مؤسساتها ومنازلها، بحيث يجري تحويل وتأمين رواتبهم بالدولار الأميركي، وعلى الرغم من قيام مصرف لبنان بتوفير هذه المبالغ للصرافين، إلا أنه في الآونة الأخيرة، توقفت هذه المؤسسات عن تسليم هذه المبالغ، وليس ذلك فحسب، بل بادر بعضها إلى الإغلاق.

ما العمل
تواصل “أحوال” مع المواطن ج.ع ، الذي يشكو من عدم توفر الأموال بالعملة الصعبة لدى الصيارفة. قال: “عملت لمدة خمسين عاما، ووضعت تقاعدي في أحد المصارف، وكنت أستعين بهذه الأموال لتأمين المصاريف المختلفة، حتى قام المصرف وغيره من المصارف بتجميد هذه الأموال، وبادرنا إلى قبض القليل من ودائعنا بالليرة اللبنانية، مع علمنا بأن خسائرنا من جنى عمرنا تضاعفت إلى درجة كبيرة، ولكن ما العمل؟”.
وأضاف: “كما هو الحال مع الكثير من العائلات، فإن لدينا عاملة منزلية، تعاونت مع إخوتي في تأمين أجرها للعناية بشقيقتي المسنة البالغة من العمر 80 عاما، وكنا نحول الأموال من الليرة اللبنانية للدولار الأميركي في أحد مؤسسات الصرافة، وفوجئنا مؤخرا بتمنع هذه المحال عن تحويل الدولار الأميركي، دون إيجاد تبرير لهذا الأمر، وقد تراكم المبلغ، ولا نستطيع الإستغناء عن هذه العاملة”.
وختم قوله متمنيا الإضاءة على هذا الأمر، والدعوة إلى الإفراج عن أموالنا بالدولار من المصارف، أو ليكون التحويل عبر المصرف مباشرة، لنتمكن من الاستمرار”.

الصرافون المعتمدون
في سياق متصل، لاحظ المواطنون منذ نحو أسبوع توقّف عدد من الصرافين المعتمدين من الفئة “أ” عن تحويل الأموال الى الخارج بالدولار المدعوم للعاملات المنزليات، وبادر العديد إلى إقفال محالهم، وبرزت هنا مشكلة متمثلة بتوقف خدمة تحويل الأموال الى الطلاب في الخارج، وهي اليوم شبه متوقفة، باستثناء قلة قليلة من مؤسسات الصرافة لا تزال تؤمّنها، فالصرّاف ما عاد يملك الإمكانات المالية لتحويل 3000 دولار (الحد الأقصى الذي حدّده المركزي في تعميم سابق)، بعدما خفّض المركزي بدوره سقف المبالغ الى الصرافين من 800 الف دولار يومياً الى 30 الفاً، لذا، يحاول الصرافون، مساعدة أكبر عدد ممكن من المواطنين، عبر تقليص حصة الفرد ليستفيد من الدولارات المتوفرة أكبر عدد منهم.
توازيا، كان نائب نقيب الصرافين في لبنان محمود حلاوي قد أشار إلى اننا حتى الآن لم نتبلّغ عن توقّف العمل بالدولار المدعوم ولم يتم إنذارنا بأنّ هناك توجّهاً لإيقافه، لكنّه رأى أن كمية الدولارات التي كانت تُعطى للصرافين تراجعت الى حدودها الدنيا بما يوحي وكأنه توقّف العمل به، وأشار إلى أن المبالغ التي يحصل عليها الصرافون من المركزي قليلة جداً ولا تكفي حاجات الناس.

رابطة المودعين
وفي اتصال مع ناشطين من رابطة المودعين، التي تضم عددا من الحقوقيين والمحامين، قال عضو الرابطة هادي جعفر لـ “أحوال: “للأسف هذا الأمر يطاول عددا كبيرا من اللبنانيين، سواء الطلاب في الخارج أو العمال الأجانب، ولا يمكن لهذه الشرائح الإجتماعية تقديم دعوى واحدة بحق المصارف كما هو الحال في الخارج، ذلك أن القانون اللبناني لا يسمح بذلك، بل على كل شخص تقديم دعوى فردية، بهدف الحصول على أمواله للإستخدامات المختلفة”، وأشار إلى أن “رابطة المودعين تحاول مساعدة المودعين لجهة تأمين الإستشارة القانونية، كما نتابع العديد من القضايا لمودعين مع مصارفهم”.
تجدر الإشارة إلى أنه في لبنان يوجد ما ينوف عن 250 ألف من العمال الأجانب في قطاعات مختلفة، وبسبب شح الدولار فقد أصبح التخلي عن الكثير من العمال وخصوصا عاملات المنازل أمرا ملزما وسط تردي الأوضاع المالية، مع عدم قدرة الأفراد والمؤسسات والعائلات على تأمين الدولار.
وفي ظل هذه الظروف من يعتني بكبار السن ممن خصص لهم عاملات أجنبيات لعدم توفر مراكز العناية محليا؟ وكيف يوفر المواطن الأموال المطلوبة لأولاده في الخارج؟ وغيرها من الحالات، وإلى متى يستمر استنزاف ودائع الناس وضرب الأمان الإجتماعي ومستقبل الطلاب خصوصا مع تمنع المصارف عن دفع الودائع، وسط أوضاع اقتصادية متردية، وقد بادر المواطنون لتوفير أموالهم للأيام السوداء القاتمة، فهل هناك ما هو أكثر قتامة من هذه الأيام الشديدة السواد؟

تحديث على المقال

تعميم جديد لمصرف لبنان

يبدو أن وجع اللبنانيين قد لقي آذانا صاغية هذه المرة، ولا سيما من لديهم أولاد وأحباء في الخارج، فأصدر مصرف لبنان هذا التعميم، أما بالنسبة للعمالة الأجنبية فلم يصدر أي شيء.

سوزان أبو سعيد ضو

سوزان أبو سعيد ضو

ناشطة وصحافية لبنانية. مجازة في التحاليل البيولوجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى