مجتمع

تويتر: هل فضحت ساعات السياسيين الإثراء غير المشروع؟

يبدو أنّ الغضب الشعبيّ الذي اندلع مع ثورة 17 تشرين، كان في أحد وجوهه يستهدف حياةَ البذخ والترف، التي يعيشها المسؤولون ويتباهَوْن بها من دون خجل، ومنها ظهور بعض السياسيّين وهم يرتدون أفخر أنواع الساعات العالمية وأغلاها ثمنًا، ما دفع غالبية اللبنانيّين إلى شنّ هجمات لاذعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد هؤلاء السياسيين، ما جعل بعضهم يستبدل ساعاته الباهظة بأخرى أقلّ ثمنًا من تلك التي اعتادوا أن يرتدوها، أي بمعنًى آخر، الساعات التي يستطيع المواطن المقتدر ماليًّا أن يقتنيها، في خطوة وصفها الناشطون بالنفاق ومحاولة ذرّ الرماد في العيون، والظهور بمظهر المتضامن مع حالة الناس السيّئة، وأن هذه المهزلة لم تنطلِ على أحد، لأنّ معظم شخصيات السلطة الحاكمة لم يتركوا فرصةً إلا وأظهروا فيها أنهم غير آبهين، وغير مكترثين لوجع الناس، فيما المواطنون يئنّون من الجوع ويغرقون في أزمة اقتصادية لا أفقَ لحلها في المستقبل القريب.

وللوقوف على هذه القضية، أجرت “أحوال” سلسلةً من المقابلات مع أخصائيين في المجال الاقتصادي والقانوني والمظهر.

الإثراء غير المشروع

تقول الصحافية المتخصّصة في الشأن الاقتصادي “محاسن مرسل” لـ “أحوال”: “عندما انطلقت الثورة في لبنان، تعاطى السياسيون بحالة من اللامبالاة للواقع، وظلّ العديد منهم يلبسون ساعاتهم الفاخرة التي تساوي آلاف الدولارات الكفيلة بسدّ رمق مئات العائلات في الوضع الاقتصادي المزري الذي يعيشه اللبنانيون؛ وبالتالي فإنّ راتب الوزير أو النائب لا يمكنّه شراء هكذا نوع من المقتنيات، الأمر الذي أسفر عن موجة غضب شديدة على وسائل التواصل الاجتماعي، تمثّلت بالتشهير بهؤلاء وإظهارهم وهم يرتدون الساعات الفاخرة في أيديهم”.

وتعتبر مرسل أنّ “لجوء السياسيين إلى استبدال ساعاتهم الفاخرة بأخرى أقلّ ثمنّا، هي محاولة لإظهار تضامنهم مع الناس، ولا سيما مؤيّديهم”.

وتضيف مرسل أنّ “مظاهر البذخ التي يعيشها هؤلاء السياسيّون، ولو كان هناك فعلاً محاسبة جدّية في لبنان، لكانت طالتهم في مسألة الإثراء غير المشروع واستغلال الوظيفة”.

رأي قانوني

وللوقوف على الرأي القانوني في موضوع الإثراء غير المشروع، تقول المحامية “دانا حمدان” لـ”أحوال”: “يدخل موضوع الممتلكات الشخصيّة والساعات الفاخرة، ضمن مفهوم قانون الإثراء غير المشروع، وفي الواقع هذا القانون سُمّي-تصريحًا عن الذمّة المالية والمصالح ومعاقبة الإثراء غير المشروع- تحت رقم 189، وهذا القانون حديث العهد، ولكن سبقه من قبل عدد من المراسيم الاشتراعية والنصوص القانونية، التي كانت تدور في فلك الإثراء غير المشروع. ولكنّ هذه النصوص لم تكن مجدية، فكان الإصرار مؤخرًا على تغيير هذه التسمية لتكون شاملة، مع تعديلات مهمة جدًّا على نصوص القانون، فتم إقرار قانون جديد يرعى هذه الحالات ولكن هذه المرة بصورة منتِجة”.

وتضيف حمدان لـ”أحوال”: “فعليًّا هذا القانون يتميز بوضوحه، إذ جاء ليحدّد من هو المقصود بالموظف العام، فحدد أنّ الموظف العام هو كل موظف عمومي باستثناء موظفي الفئة الرابعة وما دون أو ما يعادلها، غير المكلّفين بمهام فئة أعلى، وأفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية والمدارس والمعاهد الرسمية”.

وتتابع حمدان: “أتت المادة الرابعة لتحدد لنا ما الذي ينبغي أن يتضمّنه التصريح عن الذمّة المالية والمصالح، الذي على كل موظف عمومي أن يقدمه، إذ يجب أن يتضمن هذا التصريح جميع عناصر الذمة المالية والمصالح العائدة للموظف وزوجه وأولاده القاصرين في لبنان، وحتى في الخارج”.

وتضيف: “من هنا أكدت هذه المادة على ضرورة التصريح عن أموال الموظف العمومي كافة المنقولة وغير المنقولة، وكيف اكتسبها؛ أكان عن طريق شراء أم إرث أم وصية أم هبة. وذكرت المادة أيضًا عن لزوم التصريح عن الإيرادات الناجمة عن أموال الموظف، بما فيها الأموال المنقولة وغير المنقولة عبر وكالات غير قابلة للعزل، أو عقود ائتمان أو سواها وحتى الأمور الأخرى كافة المنقولة من مجوهرات ومعادن ثمينة وأموال نقدية”.

وفي ما خصّ الممتلكات الشخصية للموظف العام، تقول حمدان: “لا تكون هذه الممتلكات موضع مساءلة قانونية، ولكن اذا توافرت عناصر جرم الإثراء غير المشروع سندًا للمادة 10 من القانون، فحكمًا في هذه الحالة تكون موضع مساءلة، وهذا الأمر يتحقق فعليًّا عندما يكون لدى الموظف العمومي زيادةٌ كبيرة في الأموال في لبنان أو الخارج، بعد تولّيه وظيفته، فعندما لا يمكننا تبرير هذه الزيادة نسبة للموارد التي يتقاضاها الموظف، من هنا تكون هذه الممتلكات بما فيها الساعات و المجوهرات موضع مساءلة قانونية”.

حالة إنكار مخادعة

من جهتها، لا تستغرب الإعلامية والخبيرة في الموضة والمظهر “لمى لاوند”، لجوء السياسيين إلى هذه التصرفات، التي تعكس إنكارًا واضحًا للواقع المرير الذي يعيشه اللبنانيون، بين التخبّط في وضع اقتصادي مزرٍ، وجنون الأسعار.

وترى لاوند أنّ “الأساسي في هذه المرحلة، لم يعد يقتصر على ساعة لبسها النائب أو الوزير أكانت باهظة أو أقل ثمنًا، إذ لم يعد اللبناني يصدّق المظاهر الخدّاعة لهؤلاء الذين تعاطوا بشكل فجّ مع أوجاع اللبنانيين منذ بدء الأزمة، بل الأمر بات أكثر إيلامًا، حيث إنّ الفساد طغى على كل مظاهر الحياة، وتعدّى قصة الممتلكات الشخصية التي يتباهَوْن بها، فهم الذين نهبوا البلد ولم يرفّ لهم جفن، وأوصلوا الشعب إلى ما هو عليه، فالأجدى في هذه الحالة التفكير في تغيير هذه المنظومة بأكملها”.

غنوة طعمة

 

غنوة طعمة

صحافية لبنانية. حائزة على الإجازة في العلوم الإدارية والسياسية من جامعة القديس يوسف.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى