القطاع التجاري يُحتضر: إقفال 30% من المؤسسات والبقية تسندها قشة
الشماس لـ"أحوال": تدابير الافتتاح ستكون ضمن بروتوكول صارم
قرّرت حكومة تصريف الأعمال، بإعادة فتح الأنشطة التجارية في البلاد اعتبارًا من مطلع آذار، اليوم. مرّت سنة كاملة وصرخات أصحاب المحال والمؤسسات التجارية تعلو مطالبة بعدم تجرّع كأس الإقفال، وذلك لأنّ 27% من العائلات اللّبنانية أي 1 من أصل 4 عائلات تعمل في المجال التجاري في لبنان ويرتكز قوتها اليومي على هذه التجارات.
رغم تحذيرات الخبراء الاقتصاديين بأنّ قرارات الإقفال المتكرّرة ظالمة وتهدّد استمرارية أعمال التجار ومستقبل مصالحهم، ورغم تقدير الصندوق النقد الدولي بأنّ حجم الاقتصاد اللّبناني سيتراجع من 55 مليار دولار إلى 18 مليار دولار، فقد شهدت نهاية سنة 2020 بسبب القرارات غير الدروسة إقفال 30% من المحال والمؤسسات التجارية في البلاد أي بمعدل الثلث والمحال الباقية تسندها قشة.
يفنّد رئيس جمعية تجار بيروت نقولا الشماس في حديث لـ”أحوال” مراحل تراجع القطاع التجاري قائلًا:
- المرحلة الأولى من منتصف العام 2011 مع بداية الأزمة السورية إلى نهاية 2017 مع استقالة الرئيس الحريري في السعودية؛ بدأت الانعكاسات على لبنان تظهر مباشرة بعد النزوح السوري وامتداداته. وفي المرحلة عينها، انخفض عدد السيّاح العرب وهم جزء لا يتجزأ من الاستهلاك اللّبناني. فتفاقمت المزاحمة في السوق والقوة العاملة وبذلك فقد اللّبنانيون جزءًا من مداخيلهم و قدراتهم الشرائية.
- المرحلة الثانية من نهاية 2017 مع استقالة الرئيس الحريري في السعودية إلى نهاية 2019، اقرّت سلسلة الرتب والرواتب ثم بدأت قروض الأموال، ارتفعت الفوائد ولتمويل سلسلة الرتب والرواتب ازدادت الضرائب ممّا أدّى إلى ضرب القطاع التجاري أكثر.
- والمرحلة الثالثة منذ نهاية 2019 لغاية اليوم، حيث اشتدّ الخناق حول عنق اللّبنانيين مع اندلاع المظاهرات وتسكير الطرقات وانفجار الأزمة المصرفية وانخفاض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار بشكل هستيري ليتبعه تفشي وباء كورونا مع ما فرضه من حجر وإقفال، قبل أن يقع انفجار المرفأ الذي دمّر ما تبقى من الحياة الاقتصادية.
في هذه المرحلة، ظهر وبحسب “مؤشر جمعية تجار بيروت فرنسَبنك لتجارة التجزئة ” للفصل الرابع من سنة 2019 (Q-2019) والفصل الرابع من سنة 2020 (Q4 – 2020) مزيدًا من الانخفاض في الحركة الاستهلاكية بنسبة 80%.
أمّا بالرجوع للسنين الماضية، انخفض مؤشر تجارة التجزئة (Retail index) إلى ما دون الـ10% منذ نهاية سنة 2011 إلى نهاية سنة 2020 أي على امتداد 9 سنوات ممّا يعني أنّ الحركة التجارية خسرت 90% من نشاطها.
في المرحلة الأخيرة، 20% من القطاعات (المأكولات، المعقمات والحاجات اليومية…) فقط كانت تعمل ولكن 80% من القطاعات الأخرى تنازع. ولأسباب عديدة من انخفاض القدرة الشرائية واستحالة التاجر استيراد سلع جديدة من الخارج إلى سنة 2020 التي بدورها حملت ثلاث مصائب جائحة كورونا، انفجار مرفأ بيروت والانهيار المالي وهذه المصائب كلّها لا زالت موجودة دون أي معالجة، “فوصلنا لسنة 2021 القطاع التجاري على الحضيض و قاربنا من ملامسة القعر”.
وضع الأسواق التجارية في بعض المناطق
في بيروت
يقول نقولا الشماس، رئيس جمعية تجار بيروت لـ”أحوال”: الأزمة في بيروت مباشرة بسبب الإنفجار فقد دمرت أحياء بأكملها (المرفأ، الأشرفية، المصيطبة،الوسط التجاري، الرمال…) ممّا أدى إلى دمار مئات المؤسسات وإقفالها. لم تعوّض الدولة على المتضررين وشركات التأمين لم تدفع لانتظارها نتائج التحقيق.
في زحلة
يقول زياد سعاده، رئيس جمعية تجار زحلة لـ”أحوال”: أعداد التراجع في المجال التجاري تختلف بين لحظة ولحظة لأنّ البلد بانهيار تامّ، نحن في دائرة مغلقة والتغييرات مستمرة. في زحلة بحسب احصاءات أواخر 2020 تبيّن أنّ نسبة 30% فقط من المؤسسات تستطيع الصمود والإستمرار بعملها بينما، في أواخر سنة 2019 ضمن الإحصاء نفسه ظهر لدينا تعسّر بسيط بالمؤسسات بنسبة 20% فقط وسويت أمورهم.
مع الأسف، كنّا نعمل في السنين الماضية على مشروع تأهيل الأسواق وتطويرها، اليوم نعمل على مساعدة المؤسسات في تصفية أعمالها بأقلّ ضرر على جميع الأصعدة”.
في الحدت
يقول بيار اسطفان، رئيس جمعية تجار الحدت لـ”أحوال”: هذه السنة كانت الأسوأ على التاجرعلى الإطلاق. تحتل المحال التجارية نسبة 95% من البلدة وهي مقفلة بسبب قرارات الدولة، و 15% من المحال قد أقفلت نهائيًا بسبب سوء الأحوال.
المحال التجارية في البلدات لا تستقطب عددًا كبيرًا من الزبائن خاصة مع تراجع القدرة الشرائية، وربما كان الأجدى التعامل مع أصحابها على أساس المفرد/ مجوز أي تحديد أيام الإقفال وعدمه انطلاقًا من المهن ونوع التجارة.
من بيروت إلى زحلة وعلى امتداد مساحة لبنان الوجع واحد، اتّحدت جمعيات تجار المناطق لتوحيد المطالب. يقول الشمّاس إنّهم نجحوا في بعض الاستثناءات مثل تقريب موعد إعادة افتتاح الأنشطة التجارية قبل أسبوع من الموعد المحدّد (أصبح الأسبوع الأول من آذار)، وهو أمر جيّد لأن أسبوع من العمل يشكّل 2.5 إلى 3% من رقم الأعمال السنوي للتجار. أمّا تدابير الافتتاح ستكون ضمن بروتوكول صارم من قبل جمعيات التجار في المناطق ومع التزام التجار والموظفين بفحوصات ال PCR بشكل دوري كلّ اسبوعين، واذا كانت مساحة المحال أكثر من 150 متر مربع يحتم على صاحب المحال أن يسجّل عبر المنصة نتائج فحوصات الـ PCR للموظفين.
إلى ذلك تستمر مطالب التجار المتمثلة بـ الإعفاء الضريبي الكامل لسنة 2020، التسوية الضريبية بما يعني إقفال كل الملفات الضريبية من سنة 2019 وما قبل لقاء مبالغ معينة لختم كل الحسابات المالية. والمساعدة المالية من الدولة لدفع للموظفين أجورهم (الحد الأدنى)، على غرار ما حصل في فرنسا حيث دفعت الدولة 80% من أجور الموظفين و20% فقط دفعته المؤسسات.
أمّا في لبنان، لم تدفع الدولة والمؤسسات التي تابعت الدفع لموظفيها اعتبرت هذه المبالغ بمثابة سلفة قدمّها التاجر للخزينة؛ على أن تخفّض هذه القيمة في ما بعد من ضرائبهم السنوية وهذا ما يسمى بال(tax credit).
ماري لو بيضون