هلع كورونا في مجلس النواب… وتطعيم معجّل يثير انتقادات!
من خارج جدول الأعمال وبصفة عاجل استفاق بيت الشعب التشريعي على هلع من وباء كورونا الذي تسلّل إلى مجلس النواب، جرى استدعاء اللّقاحات بصفة عاجلة، لتطعيم معجّل في المجلس النيابي للنواب الذين تخطوا الـ75 من العمر… ولم يمر الأمر مرور الكرام. البنك الدولي هدّد بوقف التعاون مع اللّجنة الوطنية لكورونا. ورئيس اللجنة لوّح بالاستقالة.
في الرواية البرلمانية، أنه تمّ تسجيل إصابة عدد من الموظفين في مجلس النواب بفيروس كورونا، وبين المصابين النائب آلان عون الذي جاءت نتيجة فحصه إيجابية.
وعلى الأثر تمّ تعقيم مبنى المجلس وقاعاته، وتمّ إبلاغ وزارة الصحة والصليب الأحمر.
ويتحدث عدد من النواب عن حال الإهمال تجاه الإجراءات الوقائية في بعض الأماكن داخل المجلس، الأمر الذي استدعى القيام بحملة تطعيم للنواب، لكنّ الأمر لم يمرّ مرور الكرام من دون انتقاد لاذع على مواقع التواصل الاجتماعي، على أساس أن النواب مسجلون على المنصة، ولا يجب أن يكون لهم أولوية على حساب الشعب. وأنّهم يجب أن يخضعوا للتطعيم في المناطق والمراكز المخصصة لأماكن وجودهم حالهم حال المواطنين دون واسطة ولا استنسابية ولا تفضيل.
البنك الدولي أيضًا لم يهضم الأمر، وهدّد بوقف اللّقاحات عن لبنان بعد تلقيه معلومات حول تلقيح نواب وموظفي البرلمان، معتبرًا أن هذا لا يتماشى مع الخطة الوطنية المتفق عليها مع البنك الدولي. وخرق الشروط والأحكام المتفق عليها.
وعلّق المدير الإقليمي لدائرة المشرق في مجموعة البنك الدولي ساروج كومار عبر “تويتر”، وهو المسؤول عن قرض شراء اللّقاحات، على هذه المعلومات، معتبرًا أن “هذا لا يتماشى مع الخطة الوطنية المتفق عليها مع البنك الدولي”، مضيفًا “سنسجل خرق الشروط والأحكام المتفق عليها معنا للتطعيم العادل والمنصف، فعلى الجميع التسجيل وانتظار دورهم”، موجهًا السؤال إلى وزير الصحة حمد حسن، ورئيس اللّجنة الوطنية لإدارة اللّقاح عبد الرحمن البزري. لكن وزير الصحة الذي ورطّه “البرلمان” لم يُصدر صوتًا حتى الآن.
أمّا رئيس اللّجنة الوطنية للقاح “كورونا” د. عبد الرحمن البزري فاستشاط غضبًا لتغييبه عن العملية الذي تجاوزته، تنظيميًا ولوّح بالاستقالة من اللّجنة الوطنية للقاح كورونا. وبحسب معلومات “أحوال” جرت اتصالات بين المجلس النيابي ووزارة الصحة والبزري للملمة “البلبلة” الوطنية التي اقتربت من الفضيحة بحق المواطنين والبروتوكولات الدولية التي انتهكها 16 نائبًا وعدد غير معروف من الموظفين في بيت التشريع.
البزري الذي آثر الاستقالة دون أن يُقدم عليها وأبقاها معلّقة بناءً على التوضيحات بعد الاتصالات على أعلى المستويات لتلافي عمليات التلقيح الفوضوية، قدّم اعتذارًا لكل مواطن لبناني على هذا الخلل. وفي مؤتمره الصحافي شرح موقفه “أبدينا اعتراضنا على الذي حصل وبعد ما حصل كنت أمام موقف محرج بعد أن مورس أمامنا تمييز واضح بين المواطنين وكنت أمام موقف طبيعي وهو الاستقالة.. رغبتي الشخصية هي الاستقالة لرد التجاوزات والأخطاء، ولكن أعضاء اللّجنة المتطوعين أبدوا استياءً من الاستقالة وطلبوا الاستمرار في المهمة لاستكمال تنفيذ الخطة الممتازة التي وضعناها واستكمالها لتحقيق المناعة الجماعية الوطنية”.
وأوضح، رئيس اللّجنة الوطنية لكورونا، أنّ “الموافقة على توجّه اللّقاح إلى مجلس النواب أتت من وزارة الصحة ويجب أن يكون هناك تبرير واضح لما حصل”. ولفت إلى أنّ منصة التلقيح مراقبة من ديوان المحاسبة وكنّا نريد أن نعطي نموذجاّ للعالم بأنّنا قادرون على القيام بهذه المهمة ولا نحتاج إلى إشراف”.
من خارج جدول الأعمال إذًا، أفتى أمين عام مجلس النواب بضرورة تلقيح النواب من الفئة العمرية المستهدفة ضمن الجدول الذي وضعته المنصة الوطنية للتلقيح. وهكذا كان بحضور وزارة الصحة والصليب الأحمر.
وأوضح ضاهر في هذا الشأن أنّ عدد النواب الذين تلقوا اللّقاح هم 16 نائبًا بوجود فريق من وزارة الصحة والصليب الأحمر اللّبناني”.
وفي حين أنّه رفض الاتهام بالاستنسابية أكّد أنّ “كل أسماء النواب الذين تلقوا اللّقاح موجودة على المنصة الرسمية وحسب الفئة العمرية وقد حان دورهم”. وأضاف مبررًا “هذا ما فعلناه باعتبار أنّ النواب هم الأكثر عملًا في القوانين واجتماعاتهم دائمة وخوفًا من أن ينقلوا العدوى إلى المجتمع إذا ما أصيبوا”. وأيضًا يبرّر بتخفيف الازدحام في مراكز التلقيح!
آليات التلقيح فيها عيوب وبطء وفوضوية
الخروقات في المجلس النيابي ليست استثنائية على ما يبدو، وهذا ما أثاره نقيب أطباء لبنان في بيروت البروفسور شرف أبو شرف الذي علّق على عملية التلقيح ضد كورونا، وقال في بيان “لقد عملت اللّجنة المختصة للقاح كورونا في وزارة الصحة، على دراسة وتحضير آليات تلقيح المواطنين، وقدّمت بذلك عملًا جبارًا تشكر عليه.
لكن حساب الحقل جاء مغايرًا لحساب البيدر، إذ أظهر التنفيذ على أرض الواقع عيوبًا كثيرة من حيث الأداء، والتنظيم الذي جاء بعيدًا عن الشفافية، بطيئا وفوضويًا. وخلق انطباعًا عامًا في القطاع الصحي خاصة لناحية الإهمال أو الاستخفاف به كخط الدفاع الأوّل لمواجهة وباء كورونا”.
أضاف: “هناك تجاوزات كثيرة حصلت في مراكز تلقيح عديدة، وشاهدناها على شاشات التلفاز وفي الإعلام، بعدما طال التلقيح فئات عديدة لا أولوية لها ولم تكن اسماؤها مسجلة على المنصة، وقضينا الوقت نرد على مكالمات الزملاء الهاتفية، من أطباء وأطباء أسنان وصيادلة وممرضين وممرضات ومواطنين تزيد أعمارهم عن 75 سنة، لم يتمكنوا من الحصول على لقاح ولا على مكان وزمان تلقيه، يتصلون بنا ويستجدون واسطة ليضمنوا دورًا لهم، وهذا أمر غير مقبول”.
ولفت أبو شرف إلى أنّه “لا شكّ ان عامل الضغط قوي جدًا على المسؤولين في الوزارة، لكنّ الأمور لا تستطيع أن تكمل سيرها على هذا الشكل”. وتابع “الحل السريع يكون بالعودة إلى شفافية أكبر وبدعوة القطاع الخاص، بما فيها القطاع الرياضي، للمساهمة بهذه المهمة والمشاركة بالتلقيح تحت إشراف الوزارة، وإلّا فنحن قادمون على كارثة كبيرة.
من يلملم فوضى التلقيح وما جرى اليوم؟ وما هي الآلية التي استدعت هذا التجاوز الصحي من المشرّعين في بلد غابت فيه قيم القانون والدستور والمعايير الأخلاقية والإنسانية؟ لماذا هؤلاء ومئات آلاف اللّبنانيين ممن هم من هذه الفئة العمرية ويعانون من الأمراض؟ ومن يشرّع خدمة الديليفري للقاح؟!
رانيا برو