منوعات

مصارف “تقاوم” لأجل البقاء في السوق وأخرى تنتظر موعد “الخروج”

تُحاول المصارف اللبنانية جاهدة البقاء في السوق، وهي اليوم تخوض سباقاً مع الزمن لتأكيد قدرتها على ذلك، ففي تشرين الثاني من العام 2019، أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تعميماً طلب بموجبه من المصارف اللبنانية زيادة رؤوس أموالها بنسبة 20 بالمئة على مرحلتين، وتم اختيار نهاية شباط 2021 تاريخاً نهائياً للمهل المعطاة للمصارف، وبالتالي بعد شهر وأسبوع تنتهي المهلة، ونكون قد دخلنا المرحلة الأولى من رحلة هيكلة القطاع المصرفي اللبناني.

مهلة شباط ثابتة

حاولت بعض المصارف الضغط على سلامة والمصرف المركزي لتمديد المهلة ولم تنجح، إذ تؤكد مصادر مصرفية مطّلعة أن المهلة، حتى اللحظة، لن تُمدّد، مشيرة عبر “أحوال” إلى أن إدارات المصارف تبلغت منذ أشهر بأن المهلة ثابتة، وبأن عليها التعاطي معها على هذا الأساس.

بالفعل بدأت المصارف اللبنانية سعيها لزيادة رأسمالها وتحسين أرقامها الدفترية منذ عام تقريباً، ولأجل ذلك عمدت، بحسب المصادر، إلى تخفيض النفقات ومحاولة رفع قيمة الموجودات، فأنجزت المهمة الأولى عبر إقفال فروع، بحيث أًقفل خلال النصف الثاني من العام الماضي حوالي 400 فرع مصرفي، العدد الأكبر منهم كان للمصارف الكبيرة والتي تملك عدداً كبيراً من الفروع، وعبر تسريح موظفين، بحيث زاد عدد الموظفين المصرفيين المسرّحين عن 6 آلاف موظف، وقد سبق لنا أن تحدّثنا عن ذلك.

وتضيف المصادر: “أما مهمة رفع قيمة الموجودات فتمّت من خلال إعادة تخمين ممتلكات المصارف، وتحديداً الممتلكات العقارية، والتي ارتفعت قيمتها ورقياً بعد إنهيار سعر صرف العملة، كذلك عمدت بعض المصارف إلى إقفال فروع في مبان تمتلكها، وضمّها إلى لائحة الموجودات العقارية لزيادة حجم أموالها”، مشيرة إلى أن عملية تحسين أرقام موازنات المصارف تمّت أيضاً عبر التخلّص من “ثقل القروض”.

لا شكّ أن قدرة المقترضين على دفع قروضهم ضعُفت كثيراً، حتى أن المجلس النيابي اللبناني كان قد أصدر قوانين تمنح المقترض القدرة على عدم الدفع، لفترة زمنية، الأمر الذي تسبّب بزيادة “الحمل” على المصارف، فلجأت، بحسب المصادر، إلى اعتماد اقتراحات تشجّع المقترض على التسديد، وتُشعره بأنه “الرابح” بحال “سكّر” قرضه، منها دفع قيمة القرض بالدولار على أساس سعر الصرف الرسمي، استبدال القرض بالدولار بعقارات، وغيرها من الوسائل التي ساهمت بخفض “محفظة القروض” بحوالي 15 مليار دولار.

من وسائل تحسين “أرقام” المصارف

من المحاولات التي اعتمدتها المصارف لتحسين “أرقامها”، كان خفض حجم الودائع بالدولار، فانخفضت الودائع إلى حوالي 105 مليار دولار بداية هذا العام، وتكشف المصادر أن المصارف تمكّنت من خفض هذه الأرقام من خلال:

  • السحوبات العادية التي يقوم بها المودع على أساس سعر صرف المنصة، خصوصاً بعد سقوط احتمال حصول المودعين على دولار ولو بالقطّارة.
  • شراء شيكات لتسديد القروض، بمعنى أن مدين ما يملك ديناً بقيمة 100 ألف دولار، يقوم بشراء شيك مصرفي بهذه القيمة، مقابل 30 ألف دولار نقدي، فيسدد قرضه، وعندها يكون حساب بائع الشك قد نقص بقيمة 100 ألف دولار، مع العلم أن هذه الوسيلة اعتمدت لتسديد قروض بمبالغ مرتفعة جداً.
  • قيام المصارف بشراء حسابات ضخمة بالدولار، مقابل نسبة مئوية من حجم الحساب تُدفع نقداً، بمعنى أن مصارف عرضت على مودعين لديها تسديد 35 بالمئة من حجم حساباتهم بالدولار مقابل إقفال هذه الحسابات.
  • تحويل الأموال إلى الخارج، وتهريب الأموال إلى الخارج.

باعت المصارف الكبرى أعمالها في دول عربية وغربية، وهناك مصارف تسير على هذا الطريق وتنتظر العقود المناسبة، وهناك مصارف بدأت بالفعل بالتواصل مع مودعين لديها من أجل إجراء عملية “bail in”، أي شراء أسهم بالمصارف مقابل نسبة من ودائعهم، وبالتالي هناك مصارف كبرى لن تعاني من مشكلة في زيادة الرأسمال، وهناك مصارف صغرى ستعاني من هذه المشكلة، وفي هذا السياق تكشف المصادر أن عدد المصارف التي ستخرج من السوق لن يكون كبيراً، خاصة في المرحلة الاولى، ومن الممكن أن نشهد عمليات دمج في مرحلة مقبلة، مشددة على أن الهيكلة بدأت والأكيد أن القطاع المصرفي في لبنان لن يعود كما كان.

 

محمد علوش

 

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى