منوعات

واتساب أمام أصعب اختبار… لماذا اتّخذت إدارته قراراً ثم تراجعت عنه؟

واتساب يتعدّى على خصوصيتنا! واتساب سيغلق حساباتنا إذا لم نوافق على مشاركة معلوماتنا الشخصية مع فايسبوك! هل يتنصت واتساب على محادثاتنا واتصالاتنا؟ ماذا يجب أن نفعل؟ هل ننتقل إلى تيليغرام (Telegram) أو سيغنال (Signal)؟ هذا التسونامي من الأسئلة أتى بعدما أعلن واتساب تحديث شروط الاستخدام وإلزامه جميع المستخدمين بالموافقة على هذه الشروط والا لن يتمكنوا من استخدام واتساب بعد 8 شباط / فبراير المقبل.
بعد كل هذا التخبّط، عاد واتساب وتراجع عن قراره وتم تأجيل الموضوع لـ 15 أيار / مايو المقبل وأعلن أنه سيبلّغ المستخدمين تباعاً بآخر المستجدات مؤكداً مرة جديدة على سرية وخصوصية المراسلات والاتصالات عل واتساب وأن خصوصية المستخدمين هي من أولياته.

فماذا حدث فعلاً؟ ولماذا أخذت إدارة واتساب هذا القرار ثم تراجعت عنه؟
في البداية، يجب أن نشرح سبب أخذ واتساب هذا القرار المفاجئ والمتسرع من دون أن يتم تحضير المستخدمين بشكل جيد ومن دون التسويق له بشكل استراتيجي. البداية كان من قرار شركة آبل (Apple) تحصين خصوصية المستخدمين خلال العالم 2021 من خلال إضافة ميزة تسمح لمستخدمي أجهزة آبل معرفة ما هي المعلومات التي يطلبها أي تطبيق ويمكنه الموافقة أو عدم الموافقة على مشاركة معلوماته وبياناته الشخصية مع التطبيقات.أثار هذا الموضوع حفيظة فايسبوك كون المردود المادي الأساسي له هو من المعلومات التي يجمعها من المستخدمين و يستهدفهم بإعلانات مخصصة لكل شخص حسب اهتماماته. أضف إلى ذلك، أن فايسبوك اشترى واتساب بـ 19 مليار دولار وما زال التطبيق حتى الساعة مجاني ولم يستطع فايسبوك إضافة الإعلانات عليه وبطبيعة الحال أي شركة لن تقدّم تطبيقات بحجم فايسبوك، انستغرام و واتساب والتي تكلف الملايين بين أجهزة وتطبيقات وتحسينات ودعم فني من دون أي مقابل.
هذا الموضوع وضع فايسبوك في صراع مع الوقت لإلزام جميع مستخدميه بالموافقة على التعديل الجديد في الخصوصية وإلا لن يتمكنوا من استخدام التطبيق. هذا الموضوع هو الذي فجّر ردّة فعل المستخدمين بالإضافة إلى الحملات الإعلامية التي شنت ضد فايسبوك. ففي العادة، معظم المستخدمين يوافقون على جميع شروط الاستخدام الخاصة بأي تطبيق من دون قراءته حتى! فهل تعرفون ما هي شروط الخصوصية الخاصة بالتويتر؟ أو سناب شات؟ أو تيك توك؟ طبعا لا. وما زاد من صعوبة الأمر على فايسبوك هي تغريدة ايلون ماسك، أغنى رجل في العالم، حيث دعا الجميع لاستخدام تطبيق Signal كبديل عن واتساب مما أدى لهجرة ملايين المستخدمين من واتساب إلى Signal.

بعد كل هذه الزوبعة، وبعد الخسائر الكبيرة في عدد مستخدمي واتساب في العالم، حتى على صعيد رؤساء الدول، حيث شاهدنا الرئيس البرازيلي والرئيس التركي ينتقلون لتطبيق Telegram، وجدت إدارته نفسها مضطرة للتراجع عن هذا القرار وإعادة دراسته، وفي هذا الإطار، استغلت الأخطاء التقنية الطبيعية التي حصلت مع تطبيق Signal بعد زيادة نسبة المستخدمين بشكل جنوني مما وضع ضغط كبير على السيرفرات الخاصة بهم خاصة أنSignal هو تطبيق تابع لجمعية لا تبتغي الربح ولا يمكنها أن تتماشى مع شركة بحجم فايسبوك وتتكلف الملايين على تطبيق من دون أي عائد مادي.

بعد سرد كل ما تقدم، يجب توضيح النقاط التالية:
– لا يوجد شيء مجاني في الحياة، فشركة مثل فايسبوك تتكلف الملايين لتقدّم للمستخدمين تطبيقات مثلاً فايسبوك، انستغرام وواتساب، يجب أن يكون لهم مردود مادي بالمقابل وهذا المردود هو من ناحية الاعلانات التي تتم عبر جمع المعلومات المتعلقة بالمواضيع التي تهمنا لكي يتم استهدافنا بإعلانات تخصّنا.

– في الحياة اليومية، نزور المحلات والمطاعم نفسها بإستمرار بسبب أن موظفي هذه الاماكن يعرفوننا ويعرفون ماذا نفضّل، ويقدمون لنا ما نحب حتى من دون أن نطلب، وهذا ما يقوم به فايسبوك فعلياّ، فهو يقدّم لنا منصات متكاملة مجانية، ولنا أن نستخدمها ونشارك المعلومات التي يطلبها، أو أن لا نستخدمها، لكننا لا يمكن أن نفرض على فايسبوك استخدام منصاته وأن نفرض شروطنا!

– النقطة الأخيرة والأهم هي أن جميع المحادثات والمراسلات على واتساب هي مشفّرة وتؤكد الشركة أن الخصوصية محفوظة، لكن اللغط الذي حصل هو في استخدام واتساب للأعمال (Whatsapp Business) حيث يمكن إضافته كوسيلة للدردشة على المواقع الالكترونية كما يمكن استخدامه بحد ذاته كتطبيق لبيع المنتجات وغيرها. وفي هذا الإطار، أعلن واتساب أن في شروط الخصوصية الجديدة، وفي حال استخدام واتساب للاعمال، يمكن جمع وحفظ المراسلات على سيرفرات فايسبوك أو مشاركتها مع جهات أخرى، وهذا أمر طبيعي كما في حال اتصالك هاتفياً بأي شركة حيث يتم إعلامك بأن إتصالك سيكون مسجّلا لضمان خدمة الجودة والعودة له في حال حدوث أي خطأ.

في النهاية، لا يوجد ما يسمى حماية كاملة في أي تطبيق الكتروني أو في استخدام الانترنت بشكل عام، ولا أحد يستطيع الاجابة عنكم من ناحية الابقاء على تطبيق واتساب أو الانتقال لاستخدام أي تطبيق آخر. الأهم في هذه الموضوع أن يكون لدينا الوعي الكامل لمعرفة شروط استخدام أي تطبيق ومعرفة أي معلومات نشارك مع هذا التطبيق أو ذاك، وعلى هذا الاساس يمكننا اختيار التطبيق المناسب لاحتياجاتنا.

رولان أبي نجم

مستشار وخبير في التحوّل الرقمي وأمن المعلومات. مدرّب في الأمور المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات وأمن وسرية المعلومات بالإضافة إلى التسويق الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى