مستقبل طلّاب “الجامعة الأميركية” في خطر.. وماذا عن تحويلها إلى “مجّانية”؟!
خبر إعلان “الجامعة الأميركية في بيروت”، في منتصف عامها الدراسي، رفع سعر صرف دولار الأقساط الجامعية من 1515 ليرة إلى 3900 ليرة لبنانية ليتناسب مع سعر “المنصّة الإلكترونية” للمصرف المركزي، جاء كـ”الصّاعقة” على طلاب الجامعة، وخصوصًا أبناء الطبقة الوسطى الذين أصبح مصير دراستهم على المحك.
هذا القرار، رفضته الهيئات الطلابية في الأحزاب والحركات الجامعية المستقلة على حدّ سواء، إذ تخوّفوا من أن تتوجّه إدارات الجامعات الخاصة الأخرى باعتماد الخطوة نفسها، في حين أن رئيس الجامعة الأميركية في بيروت، فضلو خوري، الذي زفّ الخبر برسالة وجّهها الى أسرة الجامعة، عزا سبب رفع الأقساط إلى وجود مستحقات كثيرة تدفعها الجامعة بالعملة الصعبة. فما هي الأسباب الحقيقية وراء هذا قرار؟ وماذا عن سوء الإدارة والمصاريف غير المبرّرة؟ وما هي الحلول التي قد تلجا إليها الجامعة؟
سوء الإدارة موجود ولكن…
لا ينفي أحد أساتذة الجامعة الأميركية، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، في حديث لـ”أحوال”، وجود سوء إدارة وزيادة غير مبرّرة في مصاريف الجامعة، إلا أنه يؤكّد بالمقابل أن سوء الإدارة هذا كان موجودًا قبل تولّي خوري رئاسة الجامعة، معتبرًا أن إدارة الأخير بدأت تتحسّن بعد تعيين السيد “جوزيف عتيق” مديرًا للمركز الطبي التابع للجامعة الأميركية، وبالتالي فـ”سوء الإدارة على مشارف الحلّ”، بحسب قوله.
من جهة أخرى، يعتبر أنّ المشكلة الأساسية التي تواجهها الجامعة الأميركية هي الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان، خصوصًا بعد الحجز على أموال الجامعة في المصارف، مشيرًا إلى أنّ “اللولار” بدأ ينفذ وسيختفي بين شهري شباط وآذار 2021، كما أن رأسمال الجامعة مجمّد ويُستخدم للمساعدات الاجتماعية للطلاب العاجزين عن دفع أقساط تعليمهم الجامعي.
وفي سياق متّصل، يوضح الأستاذ في الجامعة الأميركية أن الأخيرة تابعة للدولة الأميركية، وأنه بالرغم من المساعدات التي قدّمتها الدولة للجامعة، إلا أنّ الولايات المتحدة الأميركية اليوم في مرحلة انتقالية بين الرئيسين دونالد ترامب وجو بايدن، ما يعني أن الإدارة الأميركية منشغلة بمشاكلها السياسية والصحيّة، خصوصًا بعد الأزمة التي تسبّب بها وباء كورونا في البلاد، لذا فلا وقت لديهم للاهتمام بمشاكل الجامعة في لبنان.
أما عن المبلغ الذي يتقاضاه رئيس الجامعة وما وصفته بعض الصحف بـ”الحاشية”، فيقول: “صحيح أنّ راتب رئيس الجامعة مرتفع، ولكن ليس كما يُحكى في بعض وسائل الإعلام التي تزعم أنه “مليون دولار”، إذ يتراوح بين الـ700 و800 ألف دولار نظرًا لخبرته الواسعة في هذا الشأن”، مشيرًا إلى أنه عندما وافق مجلس الأمناء على الراتب الذي سيتقاضاه رئيس الجامعة، منذ ما يقارب الـ5 سنوات، لم تكن الجامعة تعاني من أزمة مالية، ولم يكن وضع البلد الاقتصادي كما هو عليه اليوم.
في المقابل، وفي ما يخصّ الموظفين الـ11 الذين يتقاضون أجرهم بالدولار، فيلفت إلى أن هؤلاء موظّفين قدِموا من أميركا وكانوا يتقاضون الأجور عينها في بلدهم، لذا من البديهي أن يتقاضوا الأجر نفسه في لبنان. وفي هذا السياق، يضيف الأستاذ في الجامعة إلى أن الأخيرة فرضت اقتطاع نسبة 10% من رواتب هؤلاء، ما أدى إلى خسارتها أحدهم، إذ فضّل الاستقالة من عمله بدل القبول باقتطاع جزء من راتبه، الأمر الذي قد يُقدم عليه المزيد من أساتذة الجامعة في حال بقي الوضع كما هو عليه.
برامج الجامعة الأميركية في خطر!
يشير الأستاذ في الجامعة الأميركية الى أنّ الجامعة ليست منفصلة عن واقع لبنان، وإن كان هناك سوء إدارة، إلا انّ الأقساط تتأثّر بتدهور العملة اللبنانية، كما أن مصاريف الجامعة مرتفعة، ليس بسبب رواتب موظفيها أو الحجز على أموالها فحسب، بل بسبب فرق سعر صرف العملة اللبنانية وارتفاع سعر الدولار، خصوصًا أن مصاريف الجامعة كثيرة أما أموالها فعالقة، ما يهدّد بتوقيف العديد من برامجها مع حلول ربيع 2021.
الجدير بالذكر في هذا السياق، أن للجامعة الأميركية مشاريع إنمائية كبيرة في القرى والمدن على حدّ سواء، كالمشروع الزراعي الذي يساعد أهالي القرى ويقدّم لهم إرشادات زراعية إلى جانب الأسمدة والشتول والبذور، وكذلك مشروع “الجار للجار” لكل المعزولين ضمن نطاق راس بيروت حول الجامعة، والذين تضرّروا من انفجار المرفأ، وغيرها من المشاريع المتنوعة.
تحويل الجامعة الأميركية إلى “مجانية”؟!
على الضفّة الموازية، يكشف الأستاذ في الجامعة أنّ هناك توجّه إلى تحويل الجامعة العام المقبل إلى “جامعة مجانية”، وهو طرح يعمل على إعداده عدد كبير من الأساتذة، خوفًا من أن ينخفض عدد الطلاب “النخبويين” في الجامعة بسبب ارتفاع الأقساط، لافتًا إلى أنه عند الانتهاء من المشروع، سيتم طرحه على إدارة الجامعة بهدف المحافظة على نوعية جيدة من الطلاب، ومنعًا لتهميش طلاب الطبقة الفقيرة والمتوسطة وجعل الجامعة حكرًا على أبناء الطبقة الغنية.
أما لتحقيق ذلك، فيقول: “سنقوم بحملة تبرّعات واسعة جدًا، ستتضمّن شبكة خريجي الجامعة الأميركية في بيروت الموجودين في كل دول الاغتراب، على أن يضمن المبلغ استمرارية الجامعة لمدة سنتين على الأقل حتى انتهاء الأزمة في البلد، خصوصًا أن استمرارية هذه المؤسسة التعليمية أصبحت في خطر”.
إذًا، يبدو أنّ الأزمة الاقتصادية توغّلت في كل مؤسسات الدولة الخاصة والعامة على حدّ سواء، ووسط غياب أي تحرّك سياسي في هذا الشأن، يتخوّف طلاب الجامعات الخاصة من أن تتّخذ الأخيرة منحى الجامعة الأميركية في بيروت، ما قد يهدّد المستقبل التعليمي للعديد منهم، في وقت تُعاني فيه الجامعة اللبنانية من فائض في عدد طلابها.
باولا عطية