الأمطار الطوفانية تُغرق لبنان وحبّات البرد تتضخّم مصلحة الأرصاد الجويّة تشرح الأسباب
يوم السبت الماضي تساقط المطر على عدد من المناطق اللبنانية بشكل كثيف جداً، أدى إلى غرق شوارع وسيارات، وترافق مع تساقط لحبّات البرد الكبيرة نسبياً، ولكن لم تكن هذه “الشتوة” الكثيفة الأولى هذا الموسم، ولا حتى هذا العام، فالأمطار الطوفانية تزور لبنان دائماً.
ليس لبنان وحده من يعاني من ظاهرة “الأمطار الطوفانية”، التي هي عبارة عن تساقط كميات ضخمة من المياه في وقت قصير جداً، والسبب بحسب الدراسات العالمية هو التلقبات المناخية الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة العالمية بسبب الصناعة وانبعاثاتها.
ظاهرة الغيوم الركامية
في لبنان هذا العام والعام الماضي وقبله، تحوّلت الشوارع إلى بحيرات بسبب كثافة الأمطار، وفي هذا السياق يشير رئيس دائرة التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت الدولي عبد الرحمن زواوي الى أنّ المطر الغزير ينتج عن الغيوم الركامية التي تتكوّن بشكل كثيف في شهري تشرين الأول وتشرين الثاني لأننا نكون خلال فترة انتقالية بين الصيف والشتاء، فتكون درجة حرارة الأرض مرتفعة بحدود الـ 30 درجة مئوية، وتكون الطبقات العليا بالجو خصوصاً تلك التي يصل ارتفاعها إلى 5 الاف متر باردة للغاية، ما يسبّب بالإضافة إلى الرطوبة المرتفعة في البحر الأبيض المتوسّط، والجبال التي هي عامل أساسي بتكوّن الغيوم، إلى تساقط المطر الغزير السّريع المترافق مع برقٍ ورعدٍ.
تبلغ نسبة المتساقطات في مطار بيروت الدولي حتى تاريخ 29 تشرين الثاني 172 ملم، بينما كانت العام الماضي بنفس التاريخ 99 ملم، والمعدل العام هو 161 ملم، أما في طرابلس فتبلغ هذا العام 167 ملم، بينما العام الماضي كانت 103 ملم، والمعدل العام 172 ملم، وفي حوش الأمراء بلغت 122 ملم هذا العام، و55 ملم العام الماضي، بينما المعدل العام يبلغ 97 ملم.
إن هذه الأرقام التي حصل عليها “أحوال” تُظهر أن كميات المتساقطات هذا الموسم أعلى مما كانت عليه الموسم الماضي رغم تأخر المطر هذا العام، ما يدلّ بوضوح على أن الأمطار تساقطت بكميات ضخمة في وقت قصير فتسبّبت بما تسبّبت به.
ويُشير زواوي في حديث لـ”أحوال” إلى أن الجبال اللبنانية تشكّل عاملاً مساعداً لتكوّن هذه الغيوم، ولكن كمية الأمطار التي تحملها الغيمة تختلف، كما أن موقع الغيمة بالنسبة للبنان يؤثر على الكميات التي تتساقط منها، فأحياناً تتمركز الغيمة فوق البحر، وأحياناً بين البحر والبر، وأحياناً تتمركز بأكملها فوق منطقة معينة كما حصل السبت على الساحل الجنوبي والشمالي في لبنان، مشدّداً على أن دخولنا في فصل الشتاء يقلّص فرص تكوّن الغيوم الركامية لأن الفرق في الحرارة بين سطح الأرض والغلاف الجوي يصبح أقل.
إن ارتفاع الغيوم الركامية في السماء، يساهم بتكوّن حبات البرد الضخمة، إذ تتكون في طبقات الغيمة العليا المتواجدة على ارتفاع يزيد عن 12 ألف متر عن سطح البحر، كرات ضخمة من الثلج، تصل إلى الأرض على شكل حبّات برد ضخمة، بحجم اليد أحياناً، وذلك بعد أن تكون قد خسرت من حجمها الضخم خلال رحلتها من مصدرها إلى الأرض بسبب الإحتكاك في الهواء.
ماذا عن غرق الشوارع؟
يشتهر اللبنانيون بتبادل الإتهامات السياسية، فعندما تغرق الشوارع تتوجّه السهام إلى وزير الأشغال كونه يتحمّل مسؤولية عدم تنظيف المجاري، ولكن مشكلة الشوارع ليست بنظافة المجاري فقط، بل المشكلة بحجم المجاري، وحجم كتلة “الباطون” في المدن.
في كل عام تتساقط الأمطار في لبنان، وإذا عدنا بالزمن 15 عاماً إلى الوراء، لم تكن تغرق الشوارع كما يحصل اليوم، ولكن بعد أن أكل النمو العمراني كل المساحات الترابية والخضراء في المدن، لم يعد بإمكان الأرض أن تشرب أي نقطة ماء من الأمطار، ما يعني أن كل ما يسقط من السماء سينحدر نزولاً وصولاً للبحر، الأمر الذي جعل كميات المياه ضخمة، تفوق قدرة المجاري على الإستيعاب، إلى جانب المشكلة الأساسية المتمثّلة بالنفايات التي تُرمى من نوافذ السيارات يومياً، فإذا نُظفت المجاري قبل موسم الأمطار، ستمتلىء مجدّداً بالنفايات بعد أسبوع.
إذاً، إن الحل لمشكلة غرق الشوارع واضحة، وهي توسيع المجاري القديمة وهذا ما يتطلّب مشروعاً لتطوير البنى التحتية في لبنان، وإلا سنكون كل عام أمام مشاهد مماثلة، خاصّة في فصل الخريف.
محمد علوش