منوعات

نقيب مستوردي المواد الغذائية لـ”أحوال”: هذا سبب فقدان السلع من الأسواق

إنخفاض الاستيراد بنسبة 50 في المئة

إنخفض استيراد المواد الغذائية في لبنان بنسبة 50 في المئة في العام الحالي مقارنة بالعام الماضي، وهذه النسبة مرجحة الى الارتفاع في حال لم يتمّ إيجاد الحلول المطلوبة لمعالجة الأزمة المرتبطة بسعر صرف الدولار، فضلاً عن عدم توافر السيولة المالية النقدية إن بالدولار أو حتى بالليرة اللبنانية، ما يُفاقم صعوبة الاستيراد، بحسب نقيب مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي.

الى المعاناة التي بدأت منذ نحو عام جرّاء ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة، تزداد مشكلات المستوردين يوماً بعد يوم، وفق ما يقول بحصلي لـ”أحوال”، مشيراً الى “أنّنا، وبعد فقدان الدولار في السوق، بتنا لا نجد حتى المبالغ المطلوبة بالليرة نقداً لكي نشتري الدولار وبالتالي لكي نستورد، إذ بات هناك سقوف لدى المصارف للسحوبات النقدية بالليرة، وجراء ذلك لا نتمكّن من تأمين السيولة النقدية الكافية للاستيراد، كذلك لا يمكننا تسييل كلّ الشيكات المصرفية التي نقبضها من الزبائن”.

ويوضح أنّه “يجب علينا الدفع نقداً بنسبة مئة في المئة، لمصرف لبنان لتأمين المواد والسلع المدعومة، وللصرّافين لكي نشتري مبالغ بالدولار لاستيراد البضائع غير المدعومة. وبالتالي إنّ الشح في الليرة اللبنانية سيؤثر سلباً على الاستيراد ان لم يتم إيجاد حلول سريعة”. ويؤكد أنّ “الوضع سيتجه نحو الأصعب إذا لم نجد حلولاً تؤمن لنا السيولة النقدية”.

جرّاء عدم التمكن من تأمين السيولة النقدية اللازمة، إضافةً الى ارتفاع سعر الدولار وصعوبة الاستيراد، من الطبيعي أنّ هناك سلع عدة لن يستوردها الوكيل ولن يشتريها المستهلك، وبالتالي ستنقص هذه السلع في السوق وستُفقد “علامات تجارية” معينة، بحسب بحصلي. لكن هذا لا يعني أنّ البضائع عامةً ستُفقد في السوق، ولا يجب الخشية من المجاعة أو فقدان السلع إنّما سيحصل تغيير في “بروفايل” السلع و”ماركاتها”، وفق ما يوضح بحصلي. ويقول: “هناك “ماركات” مرتفعة الثمن قد لا نجدها، كذلك قد لا نجد في السوق سلع وماركات معينة بصرف النظر عن سعرها، ومنها على سبيل المثال ما يُستخدم خلال فترة الأعياد”.

كلّ هذه الصعوبات، إضافةً الى عدم استقرار سعر الصرف لا تبشّر خيراً للمستقبل، وفق ما يؤكد بحصلي، ويأسف لـ”أنّ الوضع سيصبح أصعب، والدليل على ذلك أرقام الاستيراد حيث انخفضت بنسبة 50 في المئة خلال عام الحالي مقارنة بالعام الماضي”.

كذلك تشير هذه الأرقام الى أنّ الأمن الغذائي للمواطن اللبناني بخطر. وهذا ما ينبّه بحصلي منه، موضحاً أنّ “الأمن الغذائي لا يعني فقط وجود السلع الغذائية أو فقدانها من السوق، بل يرتبط أيضاً بمواصفات السلع التي قد تكون غير سليمة وبجودتها التي قد تكون منخفضة، كذلك يتعلّق الأمن الغذائي بفقدان بعض المواد وليس فقط بالمجاعة”.

لذلك، ينبّه بحصلي المعنيين من “المخاطر التي يعانيها المستوردون، فبالنتيجة إنّ البضائع التي نستوردها هي للاستهلاك وإذا لم نتمكّن من استيرادها لن يتمكّن المستهلك من الحصول عليها، وقد يظهر هذا الخطر بعد شهرين أو ثلاثة إذا لم يحصل التغيير اللازم ولم ينوجد الحلّ الفعلي لمعالجة هذا الأمر”. وإذ يشير الى أنّ “السلع التي تكون موجودة في السوق وفي المخازن تكفي عادةً لشهرين أو ثلاثة أشهر”، يلفت الى أنّ “هذه الوتيرة تزداد صعوبةً مرحلةً بعد أخرى. فمنذ عام كنا  نتحدث عن انقطاع بضائع معينة لكنها لم تنقطع فوراً إذ إنّ هناك عدداً منها موجود ومخزّن وعدد آخر في طريقه الى لبنان بعد شحنه من الخارج، أمّا الآن فهناك بضائع لم تعد تأتي وهذا ما نبهنا منه منذ 6 أشهر. وهذا ما ننبه اليه الآن والذي قد يحصل في الأشهر المقبلة”.

أمّا لجهة تخفيض عدد السلع المشمولة بالدعم ضمن السلة الغذائية، والحديث عن ترشيد الدعم، وخفض السلع الغذائية المدعومة بنسبة 55 الى 60 في المئة أي من 210 مليون دولار الى أقل من 100 مليون دولار، فهذا لا يعني خفض الاستيراد، بحسب بحصلي، بل “أنّنا سنستورد هذه السلع بسعرٍ غير مدعوم”. ويقول: “الوضع متأزم وندور في حلقة مفرغة، وستسوء الأمور أكثر إذا لم يتفق المعنيون على أن يجلسوا ويأخذوا في الاعتبار حاجة المواطن، فالحلّ موجود، لكن من الناحية السياسية إنّ المعنيين يذهبون في اتجاه مصالحهم وليس مصلحة المواطن”، معتبراً أنّ “ما يحصل معيب، فتوافر المواد الأولية والسلع الغذائية من البديهيات”.

ولجهة انعكاس فقدان بعض “علامات” السلع الغذائية واستيراد أنواع أخرى من البضائع، على نوعية الغذاء الذي يحصل عليه اللبنانيون، يوضح بحصلي أنّ “السلع المرتفعة الثمن ليست كلّها جيدة كذلك ليست البضائع الأرخص كلّها سيئة، فهناك سلع منخفضة الثمن ضمن مواصفات مقبولة”. وهنا يأتي دور وزارة الاقتصاد للحفاظ على مواصفات معينة للسلع المستوردة، بحسب بحصلي، الذي يشير الى أنّ “الماركات العالمية ترخي ثقة لدى لمواطن بجودة منتوجاتها ومواصفاتها، فيما أنّ الماركات غير المعروفة تتطلّب وقتاً لكي يثق فيها المواطن، وفي هذا الوقت يجب على وزارة الاقتصاد وخصوصاً حماية المستهلك تأكيد أنّ هذه السلع المستوردة وغير المعروفة تتمتّع بمواصفاتٍ مقبولة”.

أمّا الحلّ الناجع لهذه المعضلة، فيكمُن بحسب بحصلي في “استعادة الثقة وبالتالي عودة دخول الدولار الى لبنان، وحينها لا داعي للحديث عن دعم أو سلة غذائية، فإذا انخفض سعر الدولار الى 3900 ل.ل. وليس الى 1500 ل.ل.، تصبح سلة الدعم غير موجودة إذ إنّ الدعم يتمّ على سعر 3900 ل.ل. ويشتري المواطن هذه السلع المدعومة وفق هذا السعر. وبالتالي حين يصبح سعر الدولار 3900 ليرة تصبح كلّ السلع بسعر السلع المدعومة الآن”. ويؤكد أنّ “الحلّ لا يكمن في عدد السلع المدعومة، وإذا كان 300 أو 150 سلعة أو 10 سلع، بل في الثقة وسعر الصرف، وهذا الحلّ معروف، إلّا أنّ كلّ التيارات السياسية تبدّي مصالحها على مصلحة المواطن”.

ويشدّد بحصلي على “أنّنا كمستوردين يجب أن نُظهر الأخطاء والمخاطر المرتقبة إذا بقي الوضع على ما هو عليه، وذلك لكي يستدركها المعنيون بغية أن نتمكّن من الوصول الى حد أدنى من توافر البضائع والسلع في الأسواق، فكلّما تأخرنا ستكبر الأزمة وسنصل الى عدم استقرار اجتماعي ناتج من عدم تمكُّن المواطن من تأمين حاجاته الأساسية، فحتى الآن وفي ظلّ دعم عدد من السلع لا يتمكّن كثيرون من تأمين حاجاتهم”.

 

 

 

رنا أسطيح

صحافية لبنانية، كتبت في شؤون الفن والمجتمع والثقافة في عدد من الصحف اللبنانية والعربية. قدّمت برامج إذاعية وقامت بإعداد العديد من البرامج الفنية والاجتماعية في أكثر من محطة تلفزيونية.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى