منوعات

اقتراح بري الانتخابي يُلغي القيد المذهبي لا الطائفي

حزب الله: لتطوير النّظام الانتخابي الحالي

على عكس الأجواء “الكلاميّة” المشحونة التي سادت خارج مبنى البرلمان اللبناني، كانت جلسة اللجان النيابيّة المشتركة التي عُقدت أمس، لمتابعة درس إقتراحات القوانين المتعلّقة بالإنتخابات النيابيّة، هادئة نسبيّاً، حيث تم التباحث في المشروع المُقدَّم من “كتلة التنمية والتحرير”، بظلّ خلاف جوهريّ، أخذ الطّابع الطّائفي، مع رفض الحزبين المسيحيين الأكبر، أي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، لهذا الإقتراح.

بعض تفاصيل القانون المقترح من كتلة التنمية والتحرير

توقّف المعترضون على “توقيت” طرح القانون الانتخابي، ولكن اقتراح القانون المقدّم من كتلة التنمية والتحرير لم يكن وليد الأمس، فعمره زاد عن عام، وحتّى اللحظة تمّ درسه والتّباحث به في 3 جلسات للّجان المشتركة، بداية من تشرين أول 2019، لذا “لا يمكن القول إنّ لهذا التوقيت علاقة بأي ملف حالي في لبنان”، يقول عضو كتلة التنمية والتحرير قاسم هاشم.

يشير هاشم في حديث لـ”أحوال” إلى أنّ اقتراح القانون المقدّم من قبل الكتلة استند إلى المادّة 95 من الدستور والتي تنص على تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، وإلغاء هذه الآفة، لافتاً إلى أن “القانون المطروح يحاكي تطلعات الشباب للخروج من القوقعة الطائفية والمذهبية واعتبار النائب ممثلاً عن الأمة واللبنانيين أينما كانوا فحريّ باللبنانيين أن يكون لهم رأيهم بإختيار نواب الأمة”.

يعتمد القانون المطروح للبحث على “اعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة، مع اعتماد النظام النسبي خارج القيد المذهبي، لا الطائفي، وهذه نقطة جوهريّة، إذ يتحدّث الاقتراح عن الخروج من عباءة المذاهب لا الطوائف، ما يعني احترام المناصفة الطائفية داخل المجلس النيابي، وبالتالي لا يوجد أي إلغاء لأحد”، ويؤكد هاشم على أننا “اقترحنا الخروج من القيد المذهبي بالمرحلة الأولى على أمل الخروج من القيد الطائفي بالمستقبل، وذلك لأننا نعرف خصوصيّة لبنان وتركيبته، وأننا بحاجة إلى مراحل انتقالية قبل الخروج من الطائفية بشكل نهائي”، مشيراً إلى هذا الاقتراح ترافق مع اقتراح يتعلق بإنشاء مجلس للشيوخ يحاكي هواجس وقلق الطوائف”. ينص القانون على وجود كوتا نسائية، والخروج من مسألة الصوت التفضيلي، والدخول في “آلية” ترتيب الأسماء باللوائح، أي أن المرشح رقم واحد يكون له الأفضلية على المرشح رقم 31 ضمن لائحة مكوّنة من 50 إسماً مثلا، فإذا حصلت اللائحة على نسبة أصوات تسمح لها التمثل بـ 30 نائباً تكون الأسماء الـ 30 الأولى فيها فائزة.

“القوات” ترفض “الديمقراطية” العددية

وقفت “القوات اللبنانية” في وجه اقتراح القانون بشكل عنيف، وخلفيّات موقفها تنطلق، بحسب رئيس جهاز الإعلام والتواصل في  الحزب شارل جبّور، من أنّ الأولويّة اليوم في البلاد يجب أن تكون للأزمة المالية المعيشية الاجتماعية، مشيراً في حديث لـ”أحوال” إلى أن الأولوية هي لتشكيل حكومة، لذلك ترى القوات اي بحث آخر بأي موضوع غير ذلك، هو مشكوك بأمره وأهدافه بهذه المرحلة.

الأمر الثاني بالنسبة للقوّات يتعلّق بالإقتراح نفسه، إذ بحسب جبّور، ليس المطروح تغيير قانون الانتخاب بقدر ما هو تغيير النّظام السياسي، وبالتالي هو انقلاب على الدستور بشقّه الميثاقي الذي يعكس الشراكة، والتوجّه نحو الإطاحة بالديمقراطية التوافقية باتّجاه الديمقراطية العددية، وهذا الأمر خطير للغاية، مشدّداً على أنّ الإصرار على بحث قانون الإنتخاب حالياً، يعني أنّ هناك من يريد أن يصنع التبريرات للتمديد بعد عام ونصف، عبر القول أننا حاولنا أكثر من مرة الوصول لقانون إنتخابي جديد ولم نفلح، لأنّ هناك من يعتقد أنّه بحال حصلت الإنتخابات سوف يخسر بسبب تبدّل المزاج الشعبي.

ويضيف: ” قبل تعديل وتطوير النظام وصولاً لدولة مدنية كاملة، يجب العودة للأساس وتطبيق السيادة وأن تتساوى الجماعات والأفراد أمام القانون، وعندما ينطلق قطار الدولة يمكن الحديث عن تطوير النظام اللبناني”.

بين المصلحة الحزبية والمصلحة الوطنية!

يُشير هاشم إلى أن كل المواقف الرافضة تنطلق من مصالح حزبية سياسية وليست مصالح وطنية، وإذا كان يُعتبر ان القوانين الإنتخابية السابقة كانت سيئة، فنحن نرى أن القانون الساري حالياً هو الأسوأ لأنه يُثير العصبيات المذهبية، وأن أي نقاش يجب أن ينطلق من منطلقات وطنية بعيدة عن المكاسب الحزبية.

بالمقابل يُشير جبّور إلى أن القوانين الإنتخابية لا تتغيّر في كل دورة إنتخابية، بل تتغيّر لأنها لم تعد تعكس صحّة التمثيل السياسي، والقانون الحالي يؤمن ذلك ولا نرى حاجة لتغييره، مشدّداً على أن توافق المواقف مع التيار الوطني الحر حول هذا الملف لم يأت بعد تنسيق بين الطرفين، بل سببه أن التيار الذي زايد مسيحياً وصولاً للمطالبة بالتوازن في حراس الأحراج، لن يستيطع ان يتراجع عن مسألة تتعلق بكيانية لبنان، خصوصاً أن القانون الحالي قد يكون الإنجاز الوحيد لهذا العهد.

حزب الله مع التغيير ولكن…

تشير مصادر مطّلعة على موقف حزب الله من مسألة قانون الإنتخاب، إلى أنّ موقف الحزب لا يمكن أن يكون معترضاً على فكرة “لبنان دائرة واحدة”، ولكنه بحسب حساسيّة الظّروف، فهو سيسعى إلى تطوير النظام الإنتخابي الحالي، لأن فيه بعض الشوائب التي تحتاج إلى تطوير، خصوصاً تلك المتعلقة بتقسيمات الدوائر على أساس طائفي، والصوت التفضيلي وتقييده بالقضاء، على أمل أن يتمكن اللبنانيون من الوصول إلى القانون الإنتخابي الذي يُخرجهم من النظام الطائفي في أقرب فرصة.

 

محمد علوش

 

 

 

 

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى