“تسوية قضائية” لـ”البيطار” واستقالة “طوعية” لـ”قرداحي”
توجّه رئاسي لـ"الحلحلة" و"الحكومة" للانعقاد بداية كانون
شكّل الإحتفال بعيد الإستقلال الـ78 فرصة للقاء رئاسي في قصر بعبدا، جمع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وذلك بعد طول انقطاع وتصعيد شهدتها العلاقة بين الرئاستَين الأولى والثانية تحديداً، ومناخ من التوتر وتفاقم الأزمات على مختلف الصعد.
وقد اقتصر اللقاء بين الرؤساء الثلاثة في وزارة الدفاع في اليرزة على البروتوكولات والمجاملات والسلام والابتسامات، من دون التطرّق إلى أي حديث سياسي؛ إلا أنّه وبعد انتهاء العرض العسكري، طلب عون من برّي وميقاتي مرافقته في موكبه للإنتقال إلى بعبدا، فوافقا واستقلّا السيارة، وحصل اجتماع بينهم في مكتب رئيس الجمهورية استمرّ حوالي الساعة.
فهل تمكّن اللقاء من إحراز تقدّم على صعيد الحلول للأزمة الحكومية القائمة؟
مصادر بعبدا أشارت لـ”أحوال” إلى أن “جو اللقاء كان إيجابياً ويكتسب أهمية أنّه جاء بعد التشنج الذي ساد في المرحلة الاخيرة”.
واستعرض الرؤساء خلال اللقاء، بحسب المصادر، جملة من القضايا السياسية والاقتصادية والمالية، و”المراسيم الجوالة” التي تحتاج إلى إقرار في الحكومة، ومشاريع قوانين أرسلتها الحكومة الى المجلس النيابي وتستوجب إقرارها.
كما تحدّث الرؤساء، وفقًا للمصادر، في الحلول للأزمة السياسية – الحكومية والقضائية والدبلوماسية الناشئة عن اعتكاف عدد من الوزراء عن حضور الجلسات الحكومية اعتراضاً على أداء المحقق العدلي في تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار، وكذلك تصريح وزير الاعلام جورج قرداحي تجاه السعودية، وتم الغوص بأسباب الأزمات وكيفية الخروج منها، حيث عرض رئيس الجمهورية مقاربته ثم تلاه الرئيس بري ثم عقّب ميقاتي على حديث الرئيسَين مؤكداً دعمه لأي حل يجري الاتفاق عليه للخروج من الأزمة.
وأكدت المصادر أن جوّ اللقاء يتّجه الى الحلحلة من دون الغوص في تفاصيل الحل، “لكن ما نستطيع تأكيده هو أن هناك إرادة جدّية من قبل الرؤساء الثلاثة للحل”.
وفي سياق ذلك، كشفت أوساط مطلعة على اللقاء لموقعنا عن توجّه رئاسي للدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء بعد عودة ميقاتي من السفر، وإلى حينه ستستمر المشاورات بين عون وبري لإنضاج الحل. كما كشفت عن تفاهم شبه منجز بين الرؤساء الثلاثة على حل لقضية القاضي البيطار ضمن المؤسسة القضائية وليس في مجلس الوزراء، أي بحلّ يخرج به مجلس القضاء الأعلى وبالتالي فصل الصلاحيات وعدم تدخّل السلطة السياسية بعمل السلطة القضائية، وهذا ما أكّد عليه عون خلال اللقاء وأيّده ميقاتي.
أما قضية استقالة قرداحي والأزمة مع السعودية ودول الخليج، فحصل نوع من الاتفاق الضمني على أن تُحل قضية البيطار أولاً ويعود مجلس الوزراء للإنعقاد، ويجري التعويل على مبادرة من قرداحي بتقديم استقالته من تلقاء نفسه بعيداً عن أي ضغوط أو إقالة، لكن الأمر لم يُحسم ويحتاج الى بلورة وضمانات من المنتظر أن يحصل عليها ميقاتي من السعودية عبر الفرنسيين والاماراتيين، بوقف الإجراءات الخليجية التصعيدية بعد الاستقالة فوراً وفتح حوار مع المملكة يعالج المسائل الخلافية.
وتخلص الأوساط للتأكيد بأن المناخ العام إيجابي ومن المرتقب أن ينعكس على مجمل الوضع العام في البلد وعلى تحريك الملفّات العالقة، إضافة إلى حرص من بري وميقاتي على حلحلة جدية وسريعة وضرورية للأزمة، لكن لا يعني ذلك أن الحل سيولد خلال أيام، بل المؤكد وجود إرادة للحل والسعي لهذا الهدف.
وكشفت الأوساط أن عون سيغادر لبنان الى قطر في زيارة رسمية في 29 الجاري، ستستمرّ لمدّة يومين يتخلّلها لقاء مع أمير قطر ويحضر افتتاح كأس العرب كون لبنان مشارك فيه ويعود بداية الشهر المقبل.
أما على صعيد ثنائي “أمل” و”حزب الله” و”المردة”، فتفيد مصادرهم لـ”أحوال” أن “تنحّي المحقّق العدلي الحالي لم يعد المطلب الأساسي ولم يكن كذلك أصلاً، بل الهدف تصحيح وتصويب أدائه وتوقفه عن تسييس الملف من خلال أمرين: فصل ملاحقة الوزراء والرؤساء عن باقي الملف، لا سيما أن الذين يلاحقهم ينتمون لجهة سياسية معينة وواحدة، والأمر الثاني وقف محاولات فبركة بعض الملفات لاتهام مسؤولين ينتمون لحزب الله”. ولفتت المصادر الى أن “الحزب والرئيس بري منفتحان على أي حل للجم البيطار وتصويب ملف التحقيقات وإعادته الى مساره القانوني والدستوري، وأي حلّ آخر لا يراعي هذه الأهداف فلن يعود الوزراء الى الجلسة”، أما لجهة استقالة قرداحي، فتؤكد مصادر “الثنائي” و”المردة” بأن “الأمر مرهون بإنهاء أزمة البيطار ثم العودة الى مجلس الوزراء والبحث باستقالة قرداحي إذا كانت تصب بمصلحة لبنان أم لا، لكن الأكيد لن تكون الاستقالة مجانية ولا قسرية بل طوعية وبعيدة عن أي مقايضة مع قضية البيطار”.
أما التيار الوطني الحر، فتشدد مصادر نيابية في “التيار” لموقعنا تأييده لأي حل يتفق عليه الرؤساء ويراعي الأصول القانونية والدستورية، وأوضحت أن “التيار لم يطالب باستقالة قرداحي إلا إذا كانت الإستقالة مدخلاً للحل يضمن عودة العلاقة مع السعودية ودول الخليج الى طبيعتها”.
محمد حمية