لماذا ابتعدت “الكبّة الزغرتاوية” عن موائد متوسطي الدخل؟
الكبة الزغرتاوية (النيئة، المشوية والمقلية) بأشكالها المختلفة تحولت من أكلة شعبيىة شبه يومية لدى عائلات عديدة، إلى طبق مميز لدى الطبقة البورجوازية نتيجة إرتفاع أسعار اللحم وكلفة التصنيع التي خرجت عن قدرة العائلات الفقيرة والمتوسطة الدخل.
فالكبة الزغرتاوية هي كمجمل أصناف الكبة المتنوعة التي تُقدّم على المائدة اللبنانية المشهورة بتنوع الأصناف، وهي بالعادة مؤلفة من اللحم المدقوق يضاف إليه البرغل والبصل والبهارات، ولكنها تختلف عن سواها في بقية المناطق حيث توجد آلة خاصة لطحن اللحم مضافاً اليه حبات من الثلج، في حين تختلف طريقة تحضيرها وفق الأصناف التالية:
الكبة النية التي تُصنّف بملكة المائدة في لبنان لأنها مميزة عن العديد من الموائد في المطابخ المختلفة، أو “القرص” بطبقتين (المشوي أو المقلي) والمحشو بالدهن المطحون مع النعناع والبهارات”، أو “الكبكوبة” (ذات الاحجام المختلفة) المحشوة باللحم المفروم مع البصل والبهارات، أو الكبة “المبسطة” التي يجري فلشها في صواني من الالومينيوم أو الكبة “المطبقة” أي كالكبة المبسطة ولكن على طبقتين ومحشوة باللحم المفروم مع التوابل.
جميلة معوض ربة منزل لعائلة مؤلفة من خمسة أشخاص أكدت لـ “أحوال” أنه “قبل هذه الأزمة لم يكن يمض يوم من دون تحضير نوع من أنواع الكبة إلى مائدتنا، أما في هذه الأيام فقد تحوّل هذا النوع من الطعام إلى ترف لأن الكيلوغرام الواحد من لحم العجل الذي نستخدمه في هذه الأصناف من الأطعمة قد تخطى المئة وخمسين ألف ليرة”.
مارتا الخواجة زوجة عاملة لعائلة مؤلفة من ستة أشخاص، قالت “الكبة على أنواعها بالنسبة للعديد من العائلات قد تصبح من الماضي بالرغم من أنها من تراثنا وصلب مأكولاتنا اللبنانية، فمثلاً إذا أردنا أن نحضّر صينية كبة “المطبقة” (أي ذات الطبقتين المحشوة باللحمة والبصل والبهارات) ولوجبة غذاء واحدة فإن كلفتها تتخطى الأربعمئة ألف ليرة لبنانية بين اللحم والبرغل والزيت وطهيها بالفرن إضافة إلى التوابل، فكيف إذا أردنا تحضير أكثر من طبق للوجبة الواحدة كما كنا نفعل منذ سنتين خلت؟”.
انطوان زخيا واشقاؤه الذين يديرون أقدم الأفران المتخصصة بطهي صواني الكبة في مدينة زغرتا والذي يعود عمره إلى مطلع القرن العشرين وقد ورثه وأشقاؤه عن والده الذي ورثه عن والدته، يقول “لقد إنعكست الأزمة علينا بشكل كبير وهذا الأمر لم نشاهده في أي مرحلة من عمر هذا الفرن، وتراجع عملنا بنسبة الثلثين عما كان عليه قبل سنتين”.
وأضاف “في أيام الذروة أي السبت والأحد كان يصل عدد الصواني التي نخبزها إلى حدود المئة صينية وبكلفة أربعة الآف ليرة للصينية الواحدة (أي نحو ثلاث دولارات)، أما اليوم ومع الإرتفاع الجنوني باسعار اللحوم فقد تراجع عملنا إلى حدود الثلث وبكلفة طهي عشرون ألف ليرة للصينية الواحدة(أي دولار واحد). لأن أي نوع من الكبة يكلف العائلة مئتي ألف ليرة للصينية الواحدة فكيف يمكن الاستمرار، إذا إحتسبنا ان طن المازوت هو اكثر من اربعمئة وخمسين دولاراً وبالكاش”.
ولفت أنطوان “موقع أحوال”، وهو يقف إلى باب الفرن، إلى أن “بعض العائلات كانت تحضّر يومياً الكبة لأنها تتحول فوراً إلى وجبة جاهزة ويمكن تزويد أي فرد من العائلة يتوجه إلى عمله خارج الشمال أو في الحقل بها بإعتبارها غير معرضة للتلف سريعاً كما باقي المأكولات، أما في هذه المرحلة فإن هذه العائلات الاّ مرة بالشهر أو في افضل الظروف مرتين”.
ويتحسر انطوان على انه “في أيام الخير كنا نعمل أكثر من عشر ساعات في اليوم وكان مردود الفرن يكفي جميع أفراد العائلة أما اليوم فبالكاد الفرن يغطي مصروفه وعدد محدود من أفراد العائلة”.
مرسال الترس