منوعات

حزب الله لن يقدّم هدية الحرب لنتنياهو

لا يزال التوتر يسيطر على طول الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة في ضوء المشهد المشتعل داخل الأراضي الفلسطينية. فبعد احتواء حادثة إطلاق 4 صواريخ من الجنوب باتجاه شمال كيان الإحتلال، انفجر الوضع الشعبي على الحدود. إذ اقترب بالأمس عشرات اللبنانيين من السياج الحدودي عند مستوطنة المطلة، ما أدى إلى استشهاد الشاب محمد. ق.ط (21 عاماً) من بلدة عدلون الجنوبية في مستشفى مرجعيون الحكومي متأثراً بجروحه، بعد تعرّضه هو ومجموعة من الشبان لقذائف صاروخية أطلقها العدو عليهم أثناء محاولتهم اجتياز الشريط التقني. مصادر في فريق المقاومة تشير لـ”أحوال” إلى أن “إعتداءات العدو منحت المقاومة شرعية ومشروعية للرد والثأر في أي توقيت مناسب تختاره”.

هذه الأحداث الأمنية المتتالية على الحدود في ظل الحديث عن إطالة أمد الحرب الدائرة في فلسطين المحتلة على مختلف الجبهات في غزة والضفة وأراضي الـ48، تُعزّز المخاوف من توسّع رقعة الحرب إلى خارج فلسطين باتجاه جنوب لبنان وسوريا.

حزب الله لن يقدم هدية لنتنياهو

يؤكد الخبير الإستراتيجي الدكتور هشام جابر في حديث لـ”أحوال”، أنّ “الجبهة الجنوبية ستبقى هادئة في الوقت الراهن، إذ لا مصلحة لإسرائيل ولا لحزب الله بفتحها لأسباب عدة، أبرزها التقدم على صعيد المفاضات الأميركية – الإيرانية حول الملف النووي. فمن مصلحة واشنطن وطهران إنهاء المفاوضات باتفاق سلمي لحل الأزمة النووية.

وفي المقابل، حاولت “إسرائيل” بشتى الطرق عرقلة هذه المفاوضات، وأرسلت رئيس الموساد إلى الولايات المتحدة لإقناع الإدارة الأميركة العدول عن هذا الإتفاق، لكن الرئيس الأميركي جو بايدن كان واضحاً بإبلاغ “إسرائيل” بأن الإتفاق النووي يشكّل مصلحة إستراتيجية أميركية، ولن يغطي أي عملٍ عسكري إسرائيلي ضد إيران أو حزب الله، وأقصى ما يمكن أن يقدمه هو ضمانات أمنية لإسرائيل.

ويضيف جابر: “كذلك الأمر بالنسبة لحزب الله، الذي يدرك أن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو في مأزقٍ مفصلي ويريد فرصة للخروج منه. لذلك الحزب لن يمنحه هدية بشن هجمات عسكرية على أهداف إسرائيلية، يستخدمها نتنياهو كطوق نجاة، ويضع نفسه في موقع الدفاع عن النفس ويلقى التعاطف الدولي والأميركي معه”.

وينوّه العميد جابر بأنّ “الصواريخ التي أُطلقت على إسرائيل من مخيم الرشيدية في جنوب لبنان باتجاه فلسطين المحتلة لن تؤثر في المعادلة القائمة. لكن الخطورة التي قد تشعل الجبهة الجنوبية، هو قيام عملاء إسرائيليين بإطلاق صواريخ من الجنوب على مناطق سكنية في إسرائيل تقتل مدنيين تدفع بنتنياهو إلى الرد وإشعال الجبهة؛ أو إطالة أمد الحرب وتدهور الوضع واستدراج دخول قوى أخرى هذه الحرب منها لبنان”. لكن جابر يشرح بأن الجبهة الجنوبية تكسر ظهر إسرائيل، سيّما في ظل انشغالها بجبهات عدة في فلسطين المحتلة. ويُذكّر بما قاله وزير خارجية كيان العدو، أفيغدور ليبرمان، بأن الكيان لن يحتمل صواريخ غزة، فكيف بصواريخ حزب الله.

ويذّكُر العميد جابر بعنصر أساسي مانع للحرب، وهو أن “الإسرائيليين وحتى الأميركيين باتوا على علمٍ ويقين بأن أي حرب مع لبنان لن تبقى محصورة في لبنان، بل ستتسع إلى جبهات أخرى في سوريا واليمن والخليج، وهذا ليس من مصلحة أحد”.

ويرجّح جابر الذهاب إلى التسويات في المنطقة لأكثر من ملف متفجر، كالملف النووي والحرب في اليمن والتوتر في الخليج بين طهران والرياض، وكذلك الحل السياسي للأزمة السورية. لكن هذه التسويات تحتاج إلى عمليات جراحية وحروب صغيرة لن تتطوّر إلى حروب كبيرة، بل هدفها إنضاج الإتفاقات، وما يجري في فلسطين هو مواكبة لها وضغط من قبل الطرفين لإدراج القضية الفلسطينية على جدول أعمال المحادثات”.

لكن السؤال: هل سيتدخل محور المقاومة في حال طال أمد الحرب العسكرية، والمواجهات الشعبية في فلسطين؟  

محور المقاومة لن يقف مكتوفي الأيدي

مصادر مطلعة في فريق المقاومة تشير لموقعنا إلى أن “الحرب الدائرة في فلسطين فاصلة ومفصلية لأسباب عدة، وستؤثر على توازن الردع والمعادلتين العسكرية والقيمية؛ سيّما وأن الصراع بات على هوية القدس ومصيرها ومصير الكيان الصهيوني، مقابل مستقبل الشعب والقضية الفلسطينية”. وترى بأن “المحور لن يقف مكتوف الأيدي إذا ما تمادى العدو في قتل الشعب الفلسطيني وتهجيره ومصادرة أراضيه ومنازله وأملاكه والتعدي على المقدسات الإسلامية والمسيحية وتكريس الأمر الواقع. والمحور مستعد لرفد المقاومة الفلسطينية بأي شكل من أشكال الدعم وصولاً إلى التدخل العسكري بطرق مختلفة.

فهل يكون هذا التدخل من لبنان؟

ترى المصادر أنه “من المبكر الحديث عن مسار الحرب لكن الصراع مستمر، و”لا يعني أننا سندخل إلى القدس غداً أو بعد غد؛ لكن بالتأكيد المقاومة في فلسطين تتقدم عسكرياً وشعبياً وسياسياً وعلى مستوى التعاطف العربي والإسلامي والعالمي؛ وهزيمة العدو هي نتاج مسار طويل من الإنجازات التراكمية، تحتاج إلى وقت لتتبلور على مستوى النتائج الكبرى والحاسمة”. وتؤكد المصادر بأن “إسرائيل ستستمر بالحرب حتى تغيير قواعد الإشتباك، لأن أي زعيم إسرائيلي لا يملك المشروعية للإلتزام بقرار دولي يحد من سطوت العدو وسيطرته على القدس”.

وتقول المصادر، “في المقابل لن توقف المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني الحرب، إذا لم يتوقف العدو عن إنتهاك حرمة المسجد الأقصى، ويجمّد قرارات الإخلاء بحق العرب في القدس الشرقية ويوقف الإستيطان. وتتوقع المصادر استمرار الحرب حتى الشهر المقبل.

هل تستطيع “إسرائيل” الصمود في الحرب لمدة طويلة، في ظل فشل القبة الحديدية في اعتراض الصواريخ وإقفال المطارات والموانئ والحركة الاقتصادية والتجارية؟

محمّد حميّة

 

 

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى