منوعات

من فخخ جلسة مجلس الوزراء بلغم بسري؟

من حيث لا يحستب أحد وكمن ينفخ الروح في جسد ميّت، عاد الحديث عن سد بسري بعد توقف صندوق النقد الدولي عن دعم المشروع إثر الحراك الذي قام به ناشطون بيئيّون ناهضوا المشروع عام 2020 والذي وُصف بالتدميري للمنطقة، والذي رُوِّج له على أنه المشروع الاستراتيجي الذي سيجلب المياه لبيروت وضواحيها، ويحل أزمة المياه في لبنان إلى غير رجعة.

اللافت في الأمر أن موضوع السد لم يكن على جدول أعمال مجلس الوزراء، ليصار ومن دون سابق إنذار إلى طرحه على طاولة البحث تحت عنوان إعادة التفاوض مع البنك الدولي للسير بالسد من جديد، وكأن مسرحية تهريب المراسيم والقرارات باتت الشغل الشاغل عند بعض التيارات السياسيّة لتمريرها في جلسات مجلس الوزراء، بعضها خلسة وبعضها احتيالًا.

مصدر خاص أكّد لأحوال أن عددًا من الوزراء ومنهم وزير البيئة ناصر ياسين تفاجؤوا بما حصل، ولفت إلى أن الموضوع الذي كان على جدول الأعمال هو مصير المتعهد في سد بسري ووضعيته القانونية ليس أكثر ، ليتفاجأ هؤلاء الوزراء خلال الجلسة بإعادة طرح التفاوض مع البنك الدولي لاستكمال مشروع سد بسري، وهذا يعني أن الذي حصل هو خداع واحتيال، ومحاولة لتمرير المشروع خلسة.

صدر قرار قضائي بوقف العمل بسد بسري في أيلول 2020، ومنذ ذلك الحين لم يستجد أي رأي قضائي مناقض للقرار الأول، ولا حتى دراسة بيئية تنفي الدراسات التي أعدت حول الأثر البيئي الخطير للسد، فلماذا الحديث عن العودة للتفاوض مع البنك الدولي اليوم؟

الناشط البيئي بول أبي راشد وفي حديثه لأحوال استغرب الدعوة لمعاودة التفاوض مع البنك الدولي حيال سد بسري، لافتًا إلى أن وزير البيئة أكّد ضرورة التعمق في ملف سد بسري، إذ لا يجوز إعادة فتح الموضوع قبل الاطلاع على البدائل الموجودة والتي هي أقل كلفة وأقل ضرر على الطبيعة والتي يمكن أن تؤمّن مياه أنظف لأهالي بيروت.

وحول وجود الغرف الزراعية في منطقة بسري حاول البعض استغلال وجود 20 غرفة زراعية يعمل فيها عمال سوريّون والقول بأنه علينا أن نقيم السد بدل أن تتحول المنطقة إلى مخيم للاجئين، إلا أن والواقع عكس ذلك تمامًا فهذه الغرف هي لمزارعين لبنانيين يعاونهم عمال سوريون وغير سوريين، وفق ما أكّد أبي راشد.

ولفت أبي راشد إلى أن الذي يجري اليوم هو إلهاء للناس بالانتخابات لتمرير عدّة صفقات وسمسرات ومنها مشروع بسري، مؤكّدا أن هذا المشروع لن يعطي مياه شرب لبيروت ولن ينتهي بأقل من عشرين سنة.

أثبتت السدود فشلها بشهادة الخبراء البيئيّن والمهندسين، نظرًا لطبيعة الأرض اللبنانية الطبشورية، وأثبتت في الوقت عينه أنها شعار برّاق يجلب أموالًا لجيوب المنتفعين، وأصواتً للمرشحين، علمًا أن الخبراء أجمعوا أن لا أزمة مياه في بلد يطفو على آبار جوفيّة ضخمة وأنهار سطحية، ولكن قلب المشكلة يكمن في سوء إدارة قطاع المياه في لبنان، والذي تخاذل مسؤولوه عن حلّه لكي تبقى مزاريب الهدر على حالها، وأباطرة الصهاريج في نشاط مستمر.

 

منير قبلان

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى