“الوثيقة الحدودية” بين تفاهم تثبيت الحقوق والمعاهدة الدولية..
هل تندرج ضمن المادة 52 وتعرض على المجلس النيابي؟
بعد تسلم الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين ملاحظات الدولة اللبنانية على مقترحه لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، طفت إشكالية دستورية وقانونية على سطح التوافق الوطني حول ملف الترسيم وتظهر باللقاء الرئاسي الأخير في بعبدا.
وتتمثل هذه الإشكاليات بطبيعة الوثيقة الأميركية.. هل هي اتفاق أم معاهدة حدودية ترتب نتائج قانونية ومالية والتزامات دولية وفق المادة 52 من الدستور؟ أم مجرد تفاهم اقتصادي وترتيبات أمنية للاستفادة الاقتصادية لكلا الطرفين؟ وهل تتطلب توقيع الحكومة ورئيس الجمهورية وعرضها على مجلس النواب لتصديقها ما يؤدي الى اعتراف لبناني بإسرائيل وتطبيع اقتصادي؟ أم يكفي ارسال الطرفين اللبناني والاسرائيلي رسالة للأمم المتحدة لتسجيل حدودهما البحرية؟.
نائب رئيس حزب الكتائب النائب د. سليم الصايغ، يشير لـ”أحوال” إلى أن “ملف الوثيقة المتعلقة بترسيم الحدود البحرية يتعلق بالسيادة والموارد الطبيعية وحقوق لبنان، ويخضع لاتفاقية فيينا التي تتطلب من لبنان التزاماً دولياً وتأثيراً قانونياً، فلو أرسل لبنان رسالة للأمم المتحدة فهذا اعلان اتحادي الجانب، ولكن لبنان أرسل ورقة للوسيط الأميركي الذي أرسلها بدوره للإسرائيلي ورد لبنان على الرد، ما يسقط صفة العقد الأحادي الجانب عن الوثيقة، ما يعني أنها معاهدة وتخضع للمادة 52 من الدستور اللبناني”
ويضيف الصايغ: “سبق ووقعنا اتفاقية الهدنة مع إسرائيل، وأنا لا أطالب بتوقيع اتفاقية ولا تطبيع ولا سلام، لكن إذا لم تكن معاهدة فلماذا فاوض في الملف رئيس الجمهورية عبر ممثله نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب؟ وما الضرر إذ عرضت على مجلس النواب؟، لذلك نحن نصوت على تعديل حدود لبنان وله أثر على سيادة لبنان وأثر مالي أيضاً، وله علاقة بثروات تقدر بمئات مليارات الدولارات فالمفروض اطلاع المجلس اللبناني أكان تفاهم أو اتفاقية أو وثيقة”.
في المقابل يشدد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب د. قاسم هاشم في حديث لـ”أحوال” إلى أن “الأمر لا يرتقي الى مستوى الاتفاقية والمعاهدة والمادة 52 من الدستور، فإسرائيل عدو لنا ولا نعترف بها على المستوى الرسمي، ونحن أمام تفاهم شبيه بتفاهم الخط الأزرق الذي حدد في العام 2000 ويقتصر الأمر على وفد تقني يوقع الوثيقة وإبلاغ الأمم المتحدة، وبالتالي لا يمكن اعتبار ما حصل معاهدة مهما كانت الظروف، ولبنان لن يوقع أي اتفاقية وما حصل هو تفاهم بتأكيد حق لبنان برعاية الامم المتحدة ووساطة أميركية ولن يوقع لبنان على نفس الوثيقة نفسها التي سيوقع عليها الإسرائيلي، بل سيرسل كل فريق العرض بعد التوقيع عليه لتسجيل مضمونه في الأمم المتحدة”.
ويشير هاشم الى أن “اتفاق الاطار الذي أنجزه الرئيس نبيه بري مع الأميركيين رسم مسار الترسيم وأطلق المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل وادى الى هذه الوثيقة”.
ويكشف هاشم أن “الملاحظات على وثيقة الوسيط تقنية شكلية وليست جوهرية ولن تعطل التفاهم”. ويضيف: “الوثيقة خطوة مهمة ولكن لم نصل إلى الخواتيم النهائية وننتظر النسخة النهائية وهناك مخاوف في ظل التخبط الإسرائيلي حيث ستحال الوثيقة في 27 الى المحكمة العليا لتوقيعها ولا نستبعد خيار الرفض”.
لكن النائب الصايغ يشدد على أن “لا يكفي توقيع رئيس الحكومة الوثيقة، كون حكومته لم تأخذ ثقة المجلس النيابي الجديد، ولو أنه رئيس مكلف بل هو يمارس مهمة وصلاحية رئيس تصريف أعمال، لذلك يجب توقيع رئيس الجمهورية والمجلس النيابي لمنح الثقة للشعب والمجتمع الدولي والشركات”.
وفي حين يشير الصايغ الى أن توقيع اتفاق الحدود البحرية، يحتم فتح ملف ترسيم الحدود البرية مع سوريا والحصول على وثيقة تؤكد ملكية لبنان لمزارع شبعا”، يوضح النائب هاشم أنه “المزارع لبنانية، ولا يوجد أي منزل في مزارع شبعا مسجل بدوائر العقارات في سوريا، بل المنازل يملكها لبنانيون ومسجلة في الدوائر العقارية اللبنانية قبل الاستقلال وبعده، ونملك وثائق تؤكد ذلك”.
ويضيف هاشم: “هناك الكثير من الخلاف على الحدود بين لبنان وسوريا الا في مزارع شبعا وهناك اتفاقية موقعة، من قاضيين سوري ولبناني وموجودة، وهما عدنان الخطيب وفوزي القهوجي، تؤكد أن الحدود بين لبنان وسوريا في مزارع شبعا هي حدود الملكية العقارية، وهي إحدى الوثائق زود بها لبنان الأمم المتحدة عام 2000، فضلاً عن إعلان الرئيس السوري بشار الاسد في تشرين الأول الـ2000 في الأمم المتحدة أن من حق لبنان الاستمرار بتحرير أرضه ولا سيّما مزارع شبعا”.
محمد حمية