سياسة

اتصالات يتولاها الراعي بموازاة لقاءات مكوكية للواء إبراهيم لإزالة العقد الداخلية

حراك البطريرك على خط التأليف..هل يلد حكومة قبل الأعياد؟

الحلول الحكومية لا تزال بعيدة المنال، وفيما تلاشت الآمال على زيارة الرئيس الفرنسي لتحريك المياه الراكدة بعدما ضربت “كورونا” إيمانويل ماكرون، حلّ حراك البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ليضيف بعض الحماسة على حركة المشاورات واللقاءات السياسية المقطوعة بين أهل الحكم. ولكن زيارة الراعي إلى قصر بعبدا، بصفته الشخصية كبطريرك لا “وسيط” تندرج في سياق حمل هموم الناس وأوجاعهم. واقتصرت مشاورات الراعي على تمنيات لا مبادرة واستطلاع مجريات الاتصالات بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلّف، فيما أضاف لقاء النائب جبران باسيل مع البطريرك نكهة جديدة للمشهد السياسي دون أن يُفضي يوم “صاحب الغبطة” لأي ثمار يقدمها هدية للبنانيين في الأعياد.

لا جديد على صعيد الاتصالات الحكومية ولا دخان أبيض يخرج من القصر الجمهوري. والحراك اليتيم قبل انقضاء أسبوع آخر مفتوح على الفراغ واللعب بالوقت الضائع، هي زيارة البطريرك الماروني إلى قصر بعبدا حمل فيها حصيلة لقائه بالرئيس المكلّف سعد الحريري قبل يومين في بكركي. “الأمور لا يمكن أن تستمرّ بهذا الشكل والشعب لم يعد يحتمل ولا يمكن الاستمرار بحكومة تصريف أعمال كل هذه المدة” يقول الراعي من على منبر الرئاسة الأولى دون أن يحمل جديداً سوى تمنيات، مع العلم أنّ لا يد للبطريرك في التشكيل لكن الحال أن اللبنانيين معلقين بقشة التمنيات والمبادرات. الحكومة بعيدة المنال حتى الآن وهذا ما بدا جليّاً في كلام البطريرك “كنتُ أتمنّى أن نعيّد السنة بوجود حكومة جديدة لأنّ البلد لم يعد يحتمل، ومهما كانت الظروف من الضروري حصول تفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وفقاً للدستور وتشكيل حكومة لأنّها المدخل إلى الإصلاح”.

لا حكومة قبل العيد وما بعده على ما يبدو والبلد برمته وُضِع على سكّة الانتظارات إلى حين تبلور مناخ لا تُعرف طبيعته محلياً وإقليمياً ودولياً يدفع بالطبقة السياسية إلى الإفراج عن الحكومة الجديدة وإخراج البلاد من حال الشلل والانهيار التام لمؤسساته. “الشعب اللبناني جائع ومدمر وهذا سبب أساسي لتأليف حكومة لأنها سلطة تنفيذية يجب أن تكون موجودة، فمن غير الطبيعي أن تستمر حكومة تصريف الأعمال كل هذا الوقت والبلد يقع في الشلل”. يقول غبطته بعد لقائه رئيس الجمهورية. 

بحسب المعلومات فإن البطريرك الراعي تمنى على الرئيس عون الإبقاء على وتيرة مشاوراته مع الحريري لمعالجة نقاط سوء التفاهم، وأبدى استعداده للمساعدة في هذا المجال. وردّ رئيس الجمهورية بأن لا مشكلة في التواصل مع الحريري وأن أبواب القصر مشرّعة للحوار والتفاهم. نفى البطريرك أن يكون وسيطاً لكن الرئيس المكلّف سعد الحريري الذي زاره في بكركي بطلب من سيّد الدار، كان طلب الوساطة بحسب مصادر مطّلعة على اللقاء بين الرجلين. وتفيد المصادر أن الحريري، الذي أراد تقديم براءة ذمته من محاولة السيطرة على الحصة المسيحية في الحكومة وعلى التعدي على صلاحيات رئيس الجمهورية، طلب من الراعي العمل على تذليل العقبات والعقد مع رئيس الجمهورية، ليحظى بالغطاء المسيحي لحكومته. وتؤكد المصادر أن الراعي وضع رئيس الجمهورية في أجواء لقائه مع الحريري والأسباب التي تؤخر التأليف، مشيرةً إلى أن “اللقاءات بين عون والراعي دائمة ومتواصلة والراعي الذي أراد أن يستمع من الحريري إلى الأمور التي تعرقل الحكومة من وجهة نظره وشرح مداولاته مع الرئيس “حول مسار التأليف وما جرى لجهة توزيع المقاعد وطرح الأسماء”. وكان الحريري نفى المعلومات التي تتحدث عن إصراره على التدخل في الحقائب التي هي من حصّة المسيحيين أو فرض بعض الأسماء المسيحية على عون.

“المسعى الذي يقوم به البطريرك الراعي بين عون والحريري جيّد في هذه المرحلة ومن شأنه فتح كوة في جدار الجمود”، بحسب النائب في كتلة “المستقبل” النيابية محمد الحجار مؤكداً أن “الرئيس سعد الحريري يقوم بواجباته بالتشاور مع رئيس الجمهورية لتشكيل حكومة أهل اختصاص، أما ما يقال بالإعلام عن تعطيل الرئيس الحريري للتشكيل فهو غير صحيح وهدفه الضغط على الرئيس سعد الحريري”. ويؤكد الحجار أن “الرئيس المكلف ينتظر رد رئيس الجمهورية على تشكيلته ليبني على الشيء مقتضاه، وإذا كان فعلاً البطريرك الراعي لمس من الرئيس عون أنه لا يريد الثلث المعطل فتكون الامور إيجابية في الايام المقبلة”.

وفيما تنفي مصادر بعبدا أن يكون البطريرك نقل شكوى من الحريري ضد الرئيس أو رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لجهة مطالباتهما بالثلث المعطل وهو ما لم يحدث. فإن مصادر أخرى متابعة تؤكد أن الحريري طلب الاستعانة ببكركي ليس لتليين رئيس الجمهورية بل لوقف شروط باسيل الذي يعتبره الحريري المعرقل الأول للتأليف، وفيما نفى الرئيس ما يُساق من اتهامات لباسيل دعا البطريرك إلى الاستماع لوجهة نظر باسيل. وفور خروجه من بعبدا اتصل البطريرك بباسيل، داعياً إياه للتشاور فلبّى باسيل الدعوة على عجل، في أول خروج سياسي له بعد إصابته بكورونا وبعد فرض العقوبات الأميركية عليه. 

باسيل بعد خروجه من لقاء البطريرك صرّح قائلاً “تشرّفت بتلبية دعوة الراعي لأنه يحمل همّ اللبنانيين والحكومة وعرضنا للموضوع الحكومي من خلفيّة الرغبة في أن يكون هناك حكومة” مؤكداً “توافقنا على المواضيع كافة وضرورة تشكيلها بسرعة”. وأضاف رئيس تكتل “لبنان القوي” “الحكومة تنتهي بوقت قصير جداً فور اعتماد معايير واحدة موحدة وتحدثنا مع البطريرك الراعي في هم البلد وبقاء اللبنانيين والمسيحيين في الشرق”. فيما أفادت مصادر مطلعة أن الكلام بين الرجلين تناول “شكوى” الحريري من شروط باسيل فيما أوضح الأخير أن لا شروط مفروضة على التشكيل وأن التيّار قدّم كل التسهيلات لتأليف الحكومة. وأن الاتهامات بالمطالبة بثلثٍ معطلٍ غير واقعية ولا صحة لها. لكن ما يقوم به الرئيس المكلّف هو استبعاد لفرقاء دون آخرين.

نائب تكتل “لبنان القوي” إدي معلوف ينفي بدوره ما يُشاع عن عرقلة رئيس “التيار الوطني الحر” لتأليف الحكومة، ويقول “نرحب بكل مسعى لتقريب وجهات النظر، ونحن منذ البداية تمسكنا ولا نزال بوحدة المعايير ولنصارح اللبنانيين أن الثلث الضامن لم يكن يوماً مطلباً لنا كل ما أردناه هي وضع معايير محددة للأسماء وتوزيع الحقائب والمواصفات. فكيف يمكن لوزير خارجية أن يكون في نفس الوقت وزيراً للزراعة؟ هكذا هي تشكيلة الحريري”. فيما يُعلّق النائب في كتلة “التنمية والتحرير” قاسم هاشم على كلام الراعي عن ضرورة ولادة الحكومة قائلاً “هذا لسان حال جميع اللبنانيين، البطريرك يحاول تقريب وجهات النظر بين المسؤولين للخروج من المأزق. ويلفت هاشم إلى أن أكثر من قناة اتصال فتحت هذا الاسبوع وكلها تصب بإطار تعزيز نقاط التفاهم والوصول إلى ما يتمناه اللبنانيين”. أما بالنسبة إلى تشكيلة الحكومة المرفوعة إلى بعبدا فيؤكد هاشم “أن الحريري لم يطلب أسماء من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولو فعل لكانت جاهزة لديه، هناك لائحة لكنه لم ينسق معه بموضوع الاسماء بالتشكيلة التي رفعها”.

بينما ألغيت زيارة الرئيس الفرنسي دون إلغاء المساعي الفرنسية لمعالجة الوضع اللبناني هناك مساع داخلية وخارجية، لتحرير الحكومة العتيدة من أغلال الداخل والخارج ولكن لم تنضج نتائجها بعد. وتشير مصادر مطلعة إلى وجود مساعي جدّية لتخفيف التوترات وتعزيز التلاقي يتولاها حزب الله والرئيس نبيه بري على خط رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، ورئيس التيار الوطني الحر. وأيضاً لقاءات مكوكية يقوم بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بين بعبدا وعين التينة وبيت الوسط، لتأمين المناخ الإيجابي الذي يحقق مصلحة البلد الغارق بكل أنواع الازمات وأهله المدفوعين بقرار دولي وفساد داخلي الى مستنقع الجوع والوجع. 

رانيا برو

صحافية وكاتبة لبنانية. عملت في مؤسسات اعلامية لبنانية وعربية مكتوبة ومرئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى