نتائج “غير دقيقة” لاختبارات كورونا في لبنان.. هذه أسبابها
د. سليم أديب لـ"أحوال": هناك أسباب شرعية وأخرى غير شرعية للأخطاء الحاصلة في فحوص الـPCR في لبنان
منذ الإعلان عن تسجيل أول حالة إصابة بكورونا في العالم، والمواطنون يعيشون في حالة “هلع” من فيروس صنّفته منظمة الصحة العالمية بـ”الوباء” الذي قد يرافقنا لسنوات عدة. ومع محاولة العديد من الدول الكبرى إيجاد لقاح لهذا الوباء، تعتمد الحكومات في مختلف البلدان إجراءات وقائية صارمة لحصر الفيروس ومنع انتشاره.
في لبنان، تمثّلت هذه الإجراءات بداية بإعلان التعبئة العامة ومنع التجوّل، وصولًا إلى عزل بعد المناطق وفرض ارتداء الكمامات على السكان، تحت طائلة الغرامة المالية.
إلى ذلك، فعند اكتشاف إصابات جديدة، يُفرض على المخالطين إجراء فحوص الـPCR لمعرفة ما إذا كانت العدوى قد انتقلت إليهم، إلا أن هذه الفحوص كانت في معظم الأحيان تعطي نتائج غير دقيقة، الأمر الذي فاقم الأزمة، حيث سجّل لبنان في هذا الخصوص سلسلة أخطاء، كان أولها نتيجة اختبار النائب جورج عقيص الذي أعلن إصابته بكورونا ليتبيّن لاحقًا أن نتيجة الفحص خاطئة، كما أن الأمر عينه حصل مع المسعفين الـ17 في الصليب الأحمر اللبناني في زحلة.
هذه الأخطاء أثارت شكوك العديد من المواطنين حول مدى فعالية الفحوصات التي تُجرى لتحديد ما إذا كان الشخص مصابًا بفيروس كورونا أم لا، الأمر الذي خلق أزمة في الشارع اللبناني خصوصًا أن نتائج فحوص الـPCR الخاطئة تعود بالضرر “غير المباشر” على الفرد من نواحٍ عدة. مثلًا، إذا كان الشخص مصابًا وأعطى فحصه نتيجة سلبية، بطبيعة الحال لن يسارع إلى عزل نفسه، وبالتالي سينتقل الفيروس منه إلى الآخرين دون علمه، وهكذا ترتفع أعداد الإصابات في بعض المناطق ما سيؤدي إلى عزلها، كما يحصل حاليًا، الأمر الذي من المؤكد أن ينعكس سلبًا على الحركة الاقتصادية ويزيد من حدة الأزمة الراهنة.
في هذا السياق، قال أستاذ الوبائيات وطب المجتمع في الجامعة الأميركية في بيروت، د. سليم أديب، في حديث لـ”أحوال”، إن هناك أسباب شرعية وأخرى غير شرعية للأخطاء الحاصلة في فحوص الـPCR، موضحًا أن الأولى تعود إلى عامل الوقت الذي قد يؤثّر على نتائج الفحوص بثلاث طرق، هي:
أولًا أن تأتي نتيجة الفحص إيجابية، ما يعني أن الشخص مصاب بالفيروس وقد ينقل العدوى إلى الآخرين، لذا يجب أن يحجر نفسه 14 يومًا.
ثانيًا أن يكون الفرد مصابًا لكن جسمه قد بدأ بمحاربة الفيروس، وبالتالي فهناك احتمال أن يزول الفيروس بعد 3 أيام، ما قد يرجّح أن تأتي نتيجة الفحص الثاني سلبية.
ثالثًا أن يكون الشخص المصاب قد استطاع محاربة وقتل الفيروس، فيعمل عندها جسمه على إخراج بقايا الفيروس، ولكن في هذه الحالة، بحسب د. أديب، هناك إمكانية التقاط بقايا الفيروس “المفكّكة” خلال الفحص، ما يؤدي إلى إعطاء نتيجة إيجابية. من هنا، يتابع د. أديب، “بات يجب إجراء الفحص مرتين في كل الحالات السابقة، لأن إعادة الفحص بعد نصف ساعة تقريبًا قد يعطي نتيجة سلبية، ما يؤكد أن الشخص قد تعافى من الفيروس نهائيًا”.
في المقابل، وفي ما يتعلّق بالأسباب غير الشرعية، يقول د. أديب لموقعنا: “قد تقع أخطاء في الفحوصات بسبب طريقة إجراء فحوصات المسح الشامل في القرى والبلدات”، موضحًا أن الفحوص تُجرى بـ”كيت” على 600 أو 700 شخص، لذا فإذا كان أحد الأشخاص مصابًا ضمن مجموعة من 20، ستأتي نتيجة المسح الشامل إيجابية لأن الماكينات التي تُستخدم للمسح هدفها تحديد نسبة الإصابات بشكل عام، وليس عدد الأشخاص المصابين فعليًا، ما يدفع أهالي القرى لإعادة الفحص في المختبرات كلّ بمفرده، لتأتي النتائج سلبية، إلا أن البلديات تكون قد أرسلت نتيجة الفحص الشامل الى الوزارة، ما يدفع الأخيرة إلى إقفال أو عزل البلدة، مرتكزين على نتائج أو أسلوب فحص غير دقيق، أي على أساس إصابة 20 شخصًا في هذه البلدة.
أما السبب الثاني الذي يُضاف إلى الأسباب غير الشرعية، فهو، وفقًا لأستاذ الوبائيات وطب المجتمع، يتمثّل بـ”الخطأ البشري” بقراءة نتائج الفحوصات، والذي قد يعود الى عدد الفحوصات الضخمة التي تجريها المختبرات يوميًا، ما قد يرهق العاملين فيها ويجعلهم في بعض الأحيان يصدرون نتائج مغلوطة، ما من شأنه أن يزيد من نسبة النتائج الـfalse positive.
ويتابع د. أديب: “هناك سبب ثالث “غير شرعي” لإصدار نتائج غير دقيقة وخاطئة، وهو إدماج الحالات المتوسطة بالإيجابية أي Medium Positive، حيث أن بعض الأفراد قد يتماثلون للشفاء ويحتاجون إلى يوم أو يومين للشفاء التام، إلا أن المختبر لا يفسّر للأفراد أن معدّل الفيروس قد انخفض في جسمهم، بل يقول إن النتيجة إيجابية، ما يعني أنهم لا يزالون حاملين للفيروس، فتُرسل هذه النتائج الى وزارة الصحة ويبقى عدد الإصابات في بعض القرى مرتفعًا”.
وفي هذا السياق، لفت د. أديب الى أن وزارة الصحة كانت تحسب عدد الفحوصات وليس عدد الأفراد الذين أجروا الفحوصات، فمثلًا إذا أجرى شخص واحد 3 فحوصات وجاءت نتيجة اثنين منها إيجابية، تسجّل الوزارة وجود حالتي إصابة وليس حالة واحدة أجرت الفحص مرتين، إلا أن هذا الأمر تنبّهت إليه الوزارة مؤخرًا، فأصبحت تأخذ بعين الاعتبار الحالات المكرّرة، لكن رغم ذلك فالحسابات لازالت غير دقيقة.
من جهة أخرى، أشار د. أديب إلى أن هناك مختبرات تُعطي نتائج غير صحيحة بهدف الربح المادي، خصوصًا إذا كان الشخص الذي خضع للاختبار يعمل في مؤسّسة معينة، فهو بطبيعة الحال سيخبر زملاءه في العمل ليقوموا بإجراء الفحص، فيجني عند ذلك المختبر أرباحًا طائلة، علمًا أن سعر الفحص مرتفعًا ويبدأ من 150 ألف ليرة لبنانية كحد أدنى. وإلى جانب ما ذُكر أعلاه، فقد قالت مصادر طبية لـ”أحوال”، إن هناك مختبرات تقوم بإصدار نتائج فحوصات “غب الطلب”، وفقًا لحالة كل شخص ووضعه وظروفه، الأمر الذي تحقّق منه موقعنا ليتبيّن أن ما قيل صحيحًا خصوصًا إذا كان الشخص يستعد للسفر أو غير ذلك.
في الخلاصة، يبدو أن الوضع في لبنان يتّجه إلى مرحلة “الانفجار الصحي – الاقتصادي”، فبين مختبرات تتاجر بصحة وجيوب الناس من جهة، ووزارة تحاول جاهدة ضبط وضع انتشار كورونا في لبنان فتعزل وتقفل مناطق بالكامل من جهة أخرى، بات العبء أكبر على اللبنانيين والمعنيين على حد سواء، فلا المواطن قادر على تحمّل نتائج إقفال المؤسّسات، ولا المسؤولين قادرين على تحمّل الإصابات المرتفعة التي تُسجّل يوميًا في لبنان، وهو ما أعلنه وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن مؤخرًا، حيث طالب المستشفيات الخاصة بتحمّل جزء من المسؤولية الى جانب الدولة.
باولا عطية