منوعات

في عصر التطبيع ماذا بقي من وعد بلفور في الذّاكرة العربية بعد 103 أعوام على إطلاقه؟

عبد العال لـ "أحوال": هذه الذكرى هي الأشد اظلاماً في تاريخنا

يصادف اليوم الذكرى 103 لوعد بلفور المشؤوم الذي صدر في الثاني من تشرين الثاني / نوفمبر 1917 والذي منحت بموجبه بريطانيا حقًا لليهود في تأسيس وطن قومي لهم في فلسطين، بناءً على المقولة المزيّفة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”.

وكان هذا الوعد بمثابة الخطوة الفعلية الأولى للغرب على طريق إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين استجابة لرغبات الصهيونية العالمية على حساب شعب أصيل متجذر في هذه الأرض منذ آلاف السنين.

وكان الوعد قد صرّح به وزير خارجية بريطانيا في ذلك الوقت “آرثر جيمس بلفور” وذلك بعد مفاوضات استمرت ثلاث سنوات دارت بين الحكومة البريطانية من جهة، واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية من جهة أخرى؛ واستطاع من خلالها الصهاينة إقناع بريطانيا بقدرتهم على تحقيق أهداف بريطانيا، والحفاظ على مصالحها في المنطقة.

وجاء ضمن التصريح : “إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يكون مفهوماً بشكل واضح أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى”، وبهذا الوعد تحققت العبارة الشهيرة التي تلخص حالة من هذا القبيل: “لقد أعطى من لا يملك وعداً لمن لا يستحق”، وليكون ذلك اليوم يوماً أسود في تاريخ الشعب الفلسطيني، بل في تاريخ البشرية كلها، وضربة للعدالة والشرعية الدولية.

مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان مروان عبد العال قال لـ “أحوال” إنّ “هذا اليوم مُفعم بالدلالات الرمزيّة التي سكنتنا منذ الولادة، كان يقال عنه “اصل البلاء” أو “اليوم الأشد اظلاماً في تاريخنا” كما وصفه إدوارد سعيد”.

وأضاف “الرد الاستراتيجي المطلوب بنظرنا ليس فقط أن نتذكّر والأهم أن نتعلّم، حتى لا تتحوّل إلى بكائيّة فلسطينيّة بل فرصة لمراجعة نقديّة موضوعيّة ووعي الحقيقة وتأكيد الحق التاريخي والمشروعيّة الإخلاقيّة للمقاومة”.

ولفت عبد العال إلى أنّ “بلفور لم يكن يطلق وعداً شخصياً بل وعداً استعمارياً، علينا أن نعترف  أن الوعد تحوّل الى حقيقة ولم يبقى مجرد تصريح، أو أن نتعامل معه بوصفه إعلان فقط بل هو مشروع، وإلا لماذا صار الوعد واقعاً؟ ولماذا بقي أكثر من مائة عام؟”.

وحمّل عبد العال بريطانيا المسؤولية بالمجزرة الإنسانية التي ارتكبت بحق الجغرافيا والتاريخ وبحق الأرض والشعب الفلسطيني والأمة، ولا تزال مفاعيلها مستمرة.

وكان التجمّع الوطني للمستقلين، والمؤسسة الدولية لمتابعة حقوق الشعب الفلسطيني، ونقابة الصحفيين الفلسطينيين، قد رفعوا دعوى قضائية أمام المحاكم الفلسطينيّة ضد حكومة بريطانيا، بشأن مسؤولياتها عن معاناة الشعب الفلسطيني أثناء فترة “الانتداب”، وعد بلفور المشؤوم.

واعتبر التجمع الوطني للمستقلين أن “صك الانتداب كان أصل معاناة الشعب الفلسطيني والتمهيد الفعلي لانتهاك حقوقه وسلب أرضه”، وأن وعد بلفور هو شهادة ميلاد لدولة بحروف من العار والظلم والبطلان ونهج احتلالي رسمته بريطانيا بالشراكة مع الحركة الصهيونية، متجاهلة حقوق أكثر من 93% من الشعب الفلسطيني، ومنح اليهود، الذين كانت نسبتهم آنذاك 7% كامل الحقوق.

كما أن المخيمات الفلسطينيّة في لبنان تحيي الذكرى في كل عام تعبيراً عن تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه، وعن استنكارهم لهذا الوعد المشؤوم الذي كان سبباً في تشريدهم من ديارهم.

 

خليل العلي

 

خليل العلي

صحافي ومصور فلسطيني يعمل في مجال الصحافة المكتوبة في عدة وسائل إعلامية عربية وفلسطينية، عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى