مجتمع

تقرير ينشر للمرة الاولى.. الحكومة تتعمد تعطيل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب

تُعرِب اللجنة الوطنية للوقاية من التعذيب عن قلقها الشديد إزاء استمرار ارتكاب جرائم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في العديد مرافق حجز الحرية في لبنان، والتي يفترض إغلاق العديد منها لا سيما ما يعرف بنظارة “تحت الجسر” الملحقة بنظارة قصر العدل في بيروت.

وفي تقرير هو الأول من نوعه، تنشره هيئة رسمية مستقلة معينة بموجب قانون يمنح اعضائها ولاية شبه قضائية وحصانة بالاستناد إلى قسم يمين يؤدونه أمام رئيس الجمهورية، أعلنت اللجنة الوطنية للوقاية من التعذيب أنه تنفيذًا لولايتها كآلية وقائية وطنية مستقلة في لبنان، زارت عدة أماكن حرمان من الحرية بينها 5 زيارات إلى السجون ومراكز الاحتجاز المدنية والعسكرية، كما زارت أيضًا مكانين آخرين يُحرم فيهما الأشخاص من حريتهم أو قد يُحرمون منها، وأجرت مقابلات فيهما.

وتكمن أهمية هذا التقرير الذي سلم إلى لجنة الأمم المتحدة الفرعية لمنع التعذيب أثناء زيارتها للبنان منتصف الشهر الجاري، انه ينشر علنياً، في حين تصر الحكومات اللبنانية المتعاقبة على أن تبقي تقارير لجنة الأمم المتحدة الفرعية لمنع التعذيب سرية، وهو أمر يحق للدولة القيام به وفق الاتفاقيات الدولية لكن اطرافاً عدة بما فيها لجنة الأمم المتحدة تشجع السلطات على نشر تقاريرها خصوصاً انها تدعي ان ليس لديها ما تخفيه.

ودعت اللجنة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي دخلت في مرحلة تصريف الأعمال السبت الماضي، الى العمل من دون مماطلة او ابطاء، على تفعيل الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة اللجنة الوقاية من التعذيب، وإقرار جميع مراسيمها التنظيمية لا سيما نظامها الداخلي والمالي ومخصصات اعضائها وتخصيص مقر لائق لتسيير أعمالها، لتكون مستقلّة عن أي سلطة، ولكي تتمكن من الاضطلاع بفعالية بولايتها المتمثّلة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحرّيات الأساسيّة للجميع.

في 15 أيار/مايو 2020، تلقت اللجنة ادعاءات بوجود حالات سوء معاملة في مأوى مؤقت أنشأته السفارة الفلبينية في لبنان لتأمين سلامة العاملات الفلبينيات اللاتي تركن أماكن العمل خلال جائحة كورونا. وأُجريت زيارة في اليوم نفسه للتحقيق في الوضع في المأوى مع مراعاة القيود المفروضة على إمكانية الوصول في ضوء أحكام القانون الدولي. وخلال الزيارة، تحدث خبير لجنة الوقاية من التعذيب مع أحد الدبلوماسيين واستمع إلى شهادة أحد الضحايا. حثت اللجنة السفارة على إجراء تقييمات عاجلة لتحديد الأفراد الأكثر عرضة للخطر داخل المأوى، مع مراعاة أولئك الذين يعانون حالة صحية والنساء الحوامل. وعلى معالجة تجاوز قدرة للمأوى على أساس حساب المتر المربع للشخص الواحد ما يسمح بالتباعد الاجتماعي على النحو الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية.

في 26 مايو/أيار 2020، قامت اللجنة بزيارة مقر شركة رامكو، وهي شركة إدارة نفايات حيث يعيش العمّال الأجانب في بيئة صحية سيئة. أبلغت اللجنة عن انتهاكات ضد عمال رامكو، بما في ذلك عدم دفع رواتبهم أو التأخر في دفعها، واحتجازهم بشكل قسري، وعدم منحهم إجازة من العمل، وممارسة الإساءة اللفظية والجسدية ضدهم. ودعت اللجنة شركة رامكو إلى الكف فورًا عن ممارسة الأعمال غير الإنسانية ضد الموظفين في العمل. وقالت اللجنة أنّ نضال العمال ما هو إلا انعكاس للطبيعة الاستغلالية لنظام الكفالة الذي ترك العمّال المهاجرين تحت رحمة أرباب العمل ووكالات التوظيف نتيجة إهمال الحكومة، في ظل غياب أي قانون عمل يمكن أن يحميهم. وأن إلغاء نظام الكفالة على وجه السرعة هو القرار الهيكلي الوحيد الذي يمكن أن يضمن السلامة الجسدية والعقلية والمادية لجميع العمال المهاجرين في لبنان.

في 24 تموز/يوليو 2020، قامت اللجنة بزيارة نظارة قصر العدل في بيروت حيث كان 241 محتجزًا ينتظرون في موقف السيارات الواقع تحت جسر الرئيس الياس الهراوي، في حين وصلت الحرارة إلى 33 درجة مئوية. وقالت اللجنة أنّ الظروف المعيشية في مراكز احتجاز قصر العدل في بيروت مروّعة، إذ لا تفتقر إلى المرافق والخدمات والبنية التحتية الملائمة فحسب، بل أيضًا إلى حسن تطبيق القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء. وبالتالي، فإنّ البيئة التي يعيش فيها المحتجزون غير صحية بسبب الاكتظاظ الشديد؛ والرطوبة العالية وغياب وسائل التدفئة والتبريد؛ والافتقار إلى ضوء الشمس، ما يؤدي إلى تعرض السجناء للأمراض، لا سيما التهابات الجهاز التنفسي والالتهابات الرئوية والجلدية الناجمة عن عدم التعرض لأشعة الشمس المباشرة والافتقار إلى الضوء الطبيعي؛ ناهيك عن انتهاك حق السجناء في الحفاظ على نظافتهم الشخصية. وتغيب الشمس عن مركز الاحتجاز هذا، وكأنّ عناصر قوى الأمن الداخلي العاملين هناك ينفذون عقوبة بدورهم أيضًا، تمامًا مثل المحتجزين. حتى إنّ بعض الأشخاص لم يتعرّضوا لأشعة الشمس منذ أكثر من خمسة عشر شهرًا، بحسب ما اعترف به المسؤولون عن مركز الاحتجاز. وتفوح روائح كريهة من المكان بسبب مرور مياه راكدة بالقرب من خلايا السجن، كما تنعدم التهوية في المركز، ويعاني المحتجزون أيضًا من سوء التغذية.

في 7 آب/أغسطس 2020، قامت اللجنة بزيارة طارئة إلى نظارة قصر العدل في بيروت الواقع في موقف السيارات تحت جسر الرئيس إلياس الهراوي. تبين للجنة أن قوات الأمن اللبنانية داهمت مركز الاحتجاز بعد ساعتين من انفجار بيروت الكبير عقب تنبيه من إدارة مركز الاحتجاز بأن المحتجزين كانوا يحاولون الهروب بسبب الأضرار الناجمة عن الانفجار، التي ألحقت بالأبواب الداخلية والخارجية لمركز الاحتجاز. حاولت إدارة نظارة قصر العدل تأخير دخول أعضاء اللجنة إلى النظارة بحجة أنها بحاجة إلى موافقة كل من إدارة قوى الأمن الداخلي والقضاء. ورد المدعي العام اللبناني غسان عويدات أولًا برفض الزيارة، مدعيًا تعليق جميع الزيارات بعد إعلان حالة الطوارئ في بيروت. وردًا على ذلك، كان على اللجنة أن تذكّر المدعي العام اللبناني بأن قراره يشكل انتهاكًا لأحكام المادة (9) بند (ج) من قانون 62/2016 والتي تنص على ما يلي: “لا يمكن للسلطة التنفيذية اتخاذ القرار بتعليق أو وقف عمل الهيئة في أي ظرف من الظروف، بما في ذلك حالات الطوارئ والحروب”. وبعد ساعات من استعداد لجنة الوقاية من التعذيب لإبلاغ وسائل الإعلام بالرفض، سمح عويدات بزيارة مركز الاحتجاز.

قدم كل من المحتجزين الذين التقت بهم اللجنة الوقاية وإدارة مركز الاحتجاز معلومات تتعلق بما حدث. وذكرت الإدارة أن المدعي العام حقق في الحادث ورفع دعوى ضد 40 محتجزًا متورطًا في الاضطرابات. ووثقت اللجنة أن المداهمة أدت إلى وقوع 4 إصابات، معظمها في البطن، بسبب إطلاق قوات الأمن مقذوفات ذات تأثير حركي مثل الرصاص المطاطي وكميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع. طلبت اللجنة رعاية فورية من طبيب مركز الاحتجاز لثلاثة محتجزين في حالة مرضية شديدة من بينهم محتجز مصاب بالسرطان وكان بحاجة إلى مساعدة طبية فورية. أدى التحقيق في الحادث إلى نتيجة مفادها أن الافتقار إلى الإجراءات الأمنية كان أحد الأسباب الرئيسية التي ساعدت المحتجزين على استخدام إبر معدنية رفيعة مصنوعة يدويًا لفتح القفل بعد دقائق من وقوع الانفجار الذي ألحق أضرارًا بالابواب الخارجية والداخلية. ويُعدّ الحادث دليلًا آخر على ضرورة الإغلاق الفوري لمركز الاحتجاز المؤقت هذا.

في 31 آذار/مارس 2021، زارت لجنة الوقاية من التعذيب السجن المركزيّ في رومية. وحصلت الزيارة استجابة لطلب الأسر بالاطّلاع على أوضاع السجناء بعد أنباء عن نقص في الموادّ الغذائيّة. وبسبب نقص الموظّفين، قرّر وفد لجنة الوقاية من التعذيب أن تقتصر الزيارة على “المبنى ب” في السجن والمطبخ المركزيّ. تبين بحسب الزيارة أن سلطات السجن تسمح للسجناء بتلقّي الطعام الذي يعدّه أقاربهم، وذلك مع تقييد على الطعام المطبوخ بسبب نقص الموارد اللازمة للكشف عن تهريب المخدّرات للسجناء. أمّا إمداد السجن بالمياه فهو غير ملائم، والمياه غير صالحة للشرب، وتُستخدم للاستحمام والتنظيف. إنّ إمدادات مياه الشرب في السجن ليست جيّدة، ولا يتمّ فحصها بانتظام. كما أنّ المياه المُستخدَمة في الاستحمام والتنظيف لا يتمّ ترشيحها، والخزّانات الموجودة على سطح المبنى متّسخة وتحتوي على ديدان. وادّعى الموقوفون أنّ مياه الاستحمام الساخنة لا تتوفّر بانتظام، بخاصّة في فصل الشتاء.

وبسبب الأزمة الاقتصاديّة، خفّضت إدارة السجن كمّيّة اللحوم (لحم الضأن والدجاج) التي تقدّمها كلّ اسبوع. وأثار هذا التصرّف غضب السجناء الذين انتقدوا الإدارة، معتبرين أنّ ذلك سيجعلهم يتضوّرون جوعًا.

وجاءت استنتاجات الزيارة على النحو التالي:

(أ) أشار جميع السجناء والمحتجزين الذين قابلتهم لجنة الوقاية من التعذيب إلى أنّ الإجراءات القضائيّة البطيئة هي العامل الرئيسيّ الذي أضعف نظام العدالة في لبنان، ما ترك السجين أو المحتجز الضحية الرئيسية لهذه النواقص.

(أ) ظروف الاحتجاز في سجن رومية المركزيّ بعيدة كلّ البعد عن المعايير المقبولة. إنّ الإفراط في وضع السجناء في الحبس الانفراديّ ينتهك حقوق الإنسان لدى السجناء. يجب أن تحترم إدارة السجن القواعد والإجراءات المتعلّقة بأسباب الحبس الانفراديّ ومدّته، احترامًا كاملًا. يمكن أن يشكّل فرض هذه العقوبة تعذيبًا أو معاملة أو عقوبة قاسية أو لاإنسانيّة أو مهينة.

(ب) تهدّد الأزمة الاقتصاديّة وتفشّي فيروس كورونا وتقنين الكهرباء، حياة السجناء. فهم يعانون من انقطاعات شديدة في التيار الكهربائيّ ونقص في المياه وسط طقس شديد الحرارة وزنزانات مكتظّة. وتحدّث السجناء عن ارتفاع التضخّم في دكّان السجن، حيث يُسمح لهم بشراء بعض حاجاتهم. كما يقوم السجناء، بانتظام، بمقايضة الموادّ الغذائيّة والموادّ الأخرى. لقد أثّر تقنين الكهرباء، بشدّة، على السجناء بشكل خاصّ، في ظلّ غياب المراوح، وعدم توفّر ثلّاجات لتخزين الطعام، وعدم قدرة السجناء على تسخين الطعام باستخدام الميكروويف أو أيّ جهاز كهربائيّ.

(ج) لاحظت لجنة الوقاية من التعذيب أنّ الطعام غير صالح للأكل. للخبز رائحة نفّاذة، ولا يحصل السجناء إلّا على رغيفين يوميًّا. إنّ إدارة السجن غير قادرة حاليًّا على توفير جميع الأدوية والخدمات الطبّيّة للسجناء. ويُجبر بعضهم على دفع الرسوم الطبّيّة الخاصّة بهم، لا سيّما أولئك الذين يحتاجون إلى إجراء عمليّة جراحيّة. وفقًا للسجناء الذين قابلتهم لجنة الوقاية من التعذيب، فإنّ كمّيّة الطعام التي يوفّرها مطبخ السجن قد انخفضت بشكل كبير، ولم تعد تتضمّن اللحوم. ونفت إدارة السجن هذه المعلومات قائلة إنّ اللحوم تُقدّم مرّتين أسبوعيًّا. ولاحظت لجنة الوقاية من التعذيب أنّ كمّيّات كبيرة من الموادّ الغذائيّة قد تبرّع بها للسجن دارُ الفتوى.

(د) كشف سجناء في المبنى “ب” عن إصابة عدد منهم بالتهابات جلديّة وحسّاسيّات. وقد تعفّنت أسرّة بعض السجناء وملاءاتهم نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، والرطوبة العالية، وسوء التهوية. وعانى السجناء من انتشار الجرب، وهو التهاب جلديّ يسبّبه العثّ الذي يمكن أن يعيش على الجلد أشهرًا عدّة إذا تُرك بدون علاج. ووفقًا لشهادات السجناء، عُثر في خزّانات المياه في المبنى على فئران، وهي مضيف طبيعيّ للعثّ المجهريّ الذي يسبّب حكّة شديدة وطفحًا جلديًّا. وتحدّث السجناء أيضًا عن حسّاسيّات الجلد والحكّة التي يبدو أنّها نتيجة لسوء نوعيّة المياه.

(ه) كشف سجناء في المبنى “ب” أنّهم جدّدوا المبنى من مالهم الخاصّ. فقد دهنوا بعض جدران المبنى وكتبوا جملًا دينيّة وسياسيّة تتعارض مع قواعد السجون في لبنان وقوانينها.

في 14 نيسان/أبريل 2022، زارت لجنة الوقاية من التعذيب مركزين للاحتجاز تحت سلطة المديريّة العامّة لأمن الدولة – رئاسة مجلس الوزراء. وشملت الزيارة مركز الاحتجاز المركزيّ التابع لأمن الدولة في الجناح – بيروت (29 محتجزًا) ومديريّة حماية الشخصيّات (محتجز واحد). والتقت لجنة الوقاية من التعذيب برئيس فرع التحقيقات المركزيّة وضبّاط آخرين.

وجاءت استنتاجات الزيارة على النحو التالي:

(أ) لم يُصمّم مركز الاحتجاز المركزيّ التابع لأمن الدولة في الجناح – بيروت ليكون بمثابة مركز احتجاز. فالتركيبات الكهربائيّة واضحة ومرئيّة، وحجم الزنزانات والأقسام المشتركة تنتهك المعايير الدنيا لمراكز الاحتجاز، بما في ذلك حجم المبنى والموقع ونوعهما وتصميمهما.

(ب) ويرى الضابط المسؤول عن حقوق الإنسان في أمن الدولة أنّ أيّ حادثة تعذيب أو سوء معاملة يمكن أن تقع، هي حدث منفرد يتعارض مع التزامهم تطبيق اتّفاقيّة مناهضة التعذيب. وأعطى الضابط لوفد لجنة الوقاية من التعذيب نسخة مطبوعة من مدوّنة قواعد السلوك المعتمدة حديثًا لقوّات أمن الدولة اللبنانيّة. وتحدّد هذه المدوّنة معايير السلوك المهنيّة والأخلاقيّة لضمان احترام حقوق الإنسان وحماية الحرّيّات العامّة وفقًا للدستور اللبنانيّ والتزاماته في مجال حقوق الإنسان.

(ج) التقت لجنة الوقاية من التعذيب بمحتجز في مركز الاحتجاز المركزيّ التابع لأمن الدولة في الجناح – بيروت. وزعم أنّه تعرّض للتعذيب في مركز الاحتجاز التابع لأمن الدولة في الدكوانة في جبل لبنان، قبل نقله في ما بعد إلى بيروت. ورفض المحتجز منح الوفد الموافقة الشخصية على التحقيق في قضيّته، مطالبًا بفتح تحقيق في مركز الاحتجاز بشكل عامّ. وأعطت لجنة الوقاية من التعذيب المحتجز رقم الخطّ الساخن، وطلبت منه إبلاغ أسرته ومحاميه للاتّصال بالهيئة الوطنيّة لحقوق الإنسان، وإعطاء المزيد من التفاصيل بشأن وضعه.

(د) لاحظت لجنة الوقاية من التعذيب وجود كاميرات المراقبة داخل الزنزانات. ونبّه الوفد الضبّاط إلى عدم تركيب الكاميرات في الزنزانات والحمّامات، ولكن في ممرّ الغرف فحسب. وأوضح أحد الضبّاط أنّ هذه مسألة أمنيّة تحمي المحتجزين من التعرّض لسوء السلوك الجنسيّ، ناهيك عن القبض على الكثير من المخالفين الذين تصرّفوا بطريقة سيّئة. إنّ لجنة الوقاية من التعذيب سوف تناقش هذه القضيّة المثيرة للقلق مع المديرية العامة لأمن الدولة على المستويين السياسيّ والإداريّ.

في 29 نيسان/أبريل 2022، زارت لجنة الوقاية من التعذيب سجن الشرطة العسكريّة في الريحانيّة، جبل لبنان. تدير وزارة الدفاع الوطنيّ (قيادة الجيش) السجن. في البداية، التقى وفد لجنة الوقاية من التعذيب رئيس السجن للإبلاغ عن نطاق المعاينة.

وجاءت استنتاجات الزيارة على النحو التالي:

(أ) أبلغ الضابط المسؤول لجنة الوقاية من التعذيب أنّ جميع المحتجزين الذين تمّ استدعاؤهم إلى وزارة الدفاع، يُستجوَبون بحضور محامٍ. وأفاد بأنّ المادّة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية تُطبّق بالكامل في سجن الشرطة العسكريّة في الريحانيّة.

(ب) وُضعت لافتات باللغة العربيّة في السجن تحدّد حقوق المحتجزين. ووُضع أيضًا صندوق لتقديم الشكاوى ضدّ الضبّاط مع نموذج استبيان يمكن أن يملأه السجناء.

(ج) يُقدّم للمحتجزين، ثلاث مرّات في اليوم، الطعام نفسه الذي يُقدّم للعسكريّين. خلال شهر رمضان، تُقدّم للسجناء الصائمين وجبتهم الأولى بعد غروب الشمس. يُزوّد السجن بمياه الشرب من محطّة مياه الضبية، وتُفحص بانتظام، وتختلف عن المياه المستخدمة للاستحمام والتنظيف. وتُؤمّن للمحتجزين مياه الاستحمام الساخنة مرّة كلّ يومين أو بحسب الحاجة.

(د) لاحظت لجنة الوقاية من التعذيب أنّ الكاميرات موجودة داخل الزنزانات. ونبّه الوفد الضبّاط إلى عدم تركيب الكاميرات في الزنزانات والحمّامات. وأوضح أحد الضبّاط أنّ هذه مسألة أمنيّة، عادة ما تكون طبيعيّة في السجون العسكريّة. إنّ لجنة الوقاية من التعذيب على سوف تناقش هذه القضيّة المثيرة للقلق مع وزارة الدفاع الوطنيّ (قيادة الجيش).

(ه) يحتُجز الموقوفون على ذمة التحقيق في انفجار مرفأ بيروت في مركز الاحتجاز هذا أكثر من 20 شهرًا.أوقف القاضي اللبناني الذي يقود التحقيق عن مهامه بعد أن تقدم ضده وزراء سابقون بطلبات تنحية اثر استدعاؤهم للتحقيق في القضية.

في 20 كانون الثاني/يناير 2020، طلبت لجنة الوقاية من التعذيب معلومات من مكتب المدّعي العامّ والمدير العامّ لقوى الأمن الداخليّ في ما يتعلّق بنتائج التحقيق في مقطع الفيديو المسرّب الذي يُظهر ضبّاط قوى الأمن الداخليّ يسيئون معاملة المحتجّين المحتجزين أثناء وصولهم إلى ثكنة الحلو في بيروت. إنّ سوء المعاملة التي سُجّلت بالفيديو ليست سوى غيض من فيض منذ أن بدأت المنظّمات المحلّيّة والدوليّة بتوثيق تعذيب المحتجزين وسوء معاملتهم في لبنان منذ سنوات.

في 19 آذار/مارس 2020، تلقّت لجنة الوقاية من التعذيب رسالة من قوى الأمن الداخليّ تفيد بأنّ 9 من عناصرها يخضعون لعقوبات تأديبيّة بسبب هذه الحادثة. واعتبرت اللجنة أنّ نتائج التحقيق الداخليّ في قوى الأمن لم تكن شفّافة أو فعّالة، بخاصّة أنّ التحقيق لم تجره لجنة قوى الأمن الداخليّ لمناهضة التعذيب.

في 10 كانون الأوّل/ديسمبر 2021، تلقّت الهيئة الوطنيّة لحقوق الإنسان المتضمّنة لجنة الوقاية من التعذيب شكوى من المواطن اللبنانيّ محمّد علي ربيع الحاجّ يزعم فيها أنّه تعرّض للتعذيب في 9 كانون الأوّل/ديسمبر 2021، حين كان يستجوبه الضبّاط العاملون في مفرزة بعبدا القضائيّة في قسم المباحث الجنائيّة الإقليميّة التابعة لوحدة الشرطة القضائية في المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخليّ. وقبلت الهيئة الوطنيّة لحقوق الإنسان المتضمّنة لجنة الوقاية من التعذيب الشكوى، وحقّقت فيها. وشمل ذلك، بالإضافة إلى مقابلة الضحيّة، فحصًا وتقييمًا من طبّيّين شرعيّين، مساعدًا قانونيًّا لعرض قضيّته على المحكمة. في 24 نيسان/أبريل 2022، وافق قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان على تسجيل قضيّة محمّد علي ربيع الحاجّ، فيما أبدى المدّعي العامّ لمحكمة الاستئناف استعداده لعرض القضيّة على المحكمة العسكريّة.

اعتبرت الهيئة الوطنيّة لحقوق الإنسان المتضمّنة لجنة الوقاية من التعذيب أنّ المتابعة الرسميّة للشكوى ساعدت على إحالة قضيّة محمّد علي ربيع الحاجّ إلى القضاء العدلي (رقم تسجيل القضيّة 1707/2022).

ياسمين بوذياب

صحافية لبنانية، عملت كمراسلة ومحررة أخبار في عدة مواقع الكترونية إخبارية وفنيّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى