مجتمع

مياه الري والشفة فُقدت جنوباً بعد الانتخابات

منذ انتهاء الانتخابات النيابية، بدأت معاناة الأهالي في جميع القرى والبلدات الجنوبية من انقطاع المياه والتيار الكهربائي، وبشكل كلّي ومستمرّ، ما أثر سلباً على المزروعات التي باتت شغل الأهالي الشاغل، بسبب الأوضاع الاقتصادية الخانقة.

وأصبحت عشرات الآبار الارتوازية التي تم حفرها في أكثر من منطقة، لا سيما في وادي الحجير، متوقفة عن الضخّ، علماً أنه في الشهر الأخير قبل اجراء الانتخابات، لاحظ الأهالي تحسناً لافتاً في تأمين المياه والكهرباء الى المنطقة.

أزمة المياه الأخيرة ساهمت في زيادة اضافية على أسعار الخضار، حتى وصل سعر كيلو البندورة الى 50 الف ليرة.

في بلدة مركبا (مرجعيون)، اضطرّ المزارع أحمد عطوي الى التسليم بعطش المزروعات، والامتناع جبراً عن ريها، ما أدى الى يباسها، مضيفا “لقد حاولت قدر الامكان مواجهة الفقر وغلاء المعيشة، من خلال زراعة الأرض الوحيدة التي أملكها، دفعت ما يزيد على عشرة ملايين ليرة، وهو المبلغ الذي استطعت ادخاره، على امل أن يؤمن لي من خلال زراعة الأرض جزء من حاجات اسرتي الأساسية، لكن الانقطاع المستمر للمياه، قضى على كل أمل لنا في مواجهة الأزمة وفساد السلطة”.

تبعد بلدة عطوي عشرات الأمتار عن مشروع مياه الطيبة الذي تضخ اليه المياه من الليطاني لريّ أكثر من أربعين بلدة وقرية، وهي من البلدات التي لا تعاني عادة من أزمات المياه.

حتى أن بلدة الطيبة نفسها حُرم أبنائها من المياه ايضاً، أما أبناء القرى الأخرى فقد بدأوا بشراء المياه من نهر الليطاني ونبع الحجير، لكن أصحاب الصهاريج رفعوا أجرة نقلة المياه الصغيرة الى ما يقارب المليون ليرة، وهي لا تكفي لسد حاجة أسبوع واحد فقط.

يتحدث محمد ياسين (مجدل سلمعن “أزمات المياه المستمرة، كل صيف، لكن هذه المرة هي أزمة المنطقة كلها، فالمياه انقطعت عن كل المزارعين بشكل كامل في أكثر الأوقات التي تحتاج فيها الأراضي الى الري، لأن معظم المزروعات الصيفية تحتاج في بداية الزراعة الى المياه بشكل متتالي، ولم نعتد على انقطاع المياه المستمر في مثل هذه الأوقات“.

لم تعد الحاجة الى المياه في القرى الجنوبية، فقط لري المزروعات وغسل الأواني وغيرها، بل لتأمين الشفة للأهالي، الذين باتوا يعتمدون بشكل كامل على مياه الشفة التي يملأونها من عيون المياه المفلترة، والتي عمدت البلديات خلال سنوات الأزمة الى تأمينها لهم، لكن انقطاع الكهرباء بشكل دائم منع البلديات من ضخ المياه الى الخزانات واعادة فلترتها لتصل صالحة الى الأهالي.

أما وصول الأهالي الى عيون المياه القديمة، رغم تلوّثها، فبات أمرا صعبا على الكثيرين منهم، بسبب غلاء البنزين، فيقول حسن كرنيب (عيتا الجبل) أن “معظم  أبناء المنطقة أصبحوا يقصدون عين المزراب في بلدة تبنين، ورغم الحديث عن تلوثها بسبب العمران الفوضوي حولها، فان هذه العين كانت ملاذ الجميع، بعد ارتفاع أسعار غالونات المياه التي تباع في المحال التجارية، لكن وصول ثمن تنكة البنزين الى حوالي 600 ألف ليرة، جعلنا نضطر الى شرب المياه من خزانات المنازل الملوثة أيضاً، أو نتعاون على دفع بدل البنزين لنجتمع في سيارة واحدة للوصول الى العين”.

وبسبب تهافت الأهالي على الأماكن التي تقدم فيها مياه الشفة بالمجّان، عمدت بلدية شقرا ودوبيه الى منع صاحب المنزل من الحصول يومياً على أكثر من 4 غالونات صغيرة، الأمر الذي ادى الى اعتراض البعض “بسبب كلفة البنزين التي يحتاجها صاحب المنزل يومياً للوصول الى المياه”.

داني الأمين

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى