المونديال الانتخابي اللبناني بدأ.. ماذا عن أحوال مزاج المقترعين؟
في انتخابات 2018 كانت الأحزاب التقليدية تمسك زمام المعركة الانتخابية في الخارج، أما في انتخابات 2022 فقد دخلت قوى جديدة على خط مخاطبة المغتربين، بعد أن أنبت حراك 17 تشرين مجموعات وفرق أوجد لها الخارج قوة مالية مهولة.
يشاهد اللبنانيون بين يومي الجمعة والأحد المونديال الانتخابي، حيث يقترع المغتربون في أماكن انتشارهم العربية والأوروبية والأميركية والأفريقية، وسط تبدّل أمزجة وأهواء وتدخلات دولية ورقابة دبلوماسية مشدّدة.
يتوجه المغتربون للإدلاء بأصواتهم، في 598 مركز اقتراع موزعين في 58 دولة حول العالم، وتكون بمثابة “ميغاسنتر” تشمل الدوائر الخمسة عشر. وافتتح أول مركز اقتراع نتيجة فروقات التوقيت في لبنان يوم الجمعة 6 أيار في طهران وسيغلق آخر قلم بالقاهرة. وفي 8 أيار أي يوم الأحد المقبل سيفتح أول قلم في سيدني استراليا وسيغلق آخر قلم في لوس انجلوس في أميركا.
تلعب أصوات المنتشرين في ملعب الانتخابات النيابية بعدما لعب الاغتراب في العواصم العالمية الكبرى أدوارًا بارزة دفعت بالحكومات الغربية الى التدخل في لبنان.
قياس أحوال وتحوّلات المزاج العام للمغتربين اللبنانيين وفق عملية الاقتراع لاستحقاق الانتخابات النيابية لعام 2022، سيبقى عصيًّا على التشخيص الدقيق، فجميع القوى المنخرطة بالانتخابات، سواء التقليدية والقوى المنبثقة عن المجتمع المدني التي تحمل شعار “التغيير”، انتهجت خطابًا يرتكز على اللعب على المشاعر والغرائز لجذب الناخبين أكثر مما هو خطاب مبني على برنامج انتخابي واضح، في ظل أزمة اقتصادية ومالية مدمرة وغير مسبوقة في تاريخ لبنان.
ووفق قراءة الخبراء فإن إجراء الانتخابات النيابية في ظل الظروف الحالية، خطوة جيّدة للمسار الدستوري الذي يُحتم إنجاز العملية الديموقراطية كل أربع سنوات، لكن تأثيرها في تبديل الهوية السياسية لخارطة القوى والأحزاب السياسية، لن يكون بالقدر الذي تأمله القوى التغييرية والأحزاب والفرق الملتحقة بالمعارضة ولا برغبات دول خارجية.
فبين الهويات الواضحة لمؤيدي الأحزاب، وتلك المرتبكة حيال برامج القوى التغييرية المبهمة، وعدم وضوح القرارات الانتخابية لبعض المقترعين، سيبقى هامشًا من عدم وضوح الرؤية حتى يوم الاقتراع الكبير.
القوى والأحزاب التقليدية تراهن على نسبة من الأصوات الوافدة من بعض المدن والعواصم وأنصارها من أبناء الهجرة الثانية التي تلت الاحتلال الاسرائيلي وما بعد الطائف ما زال وفيّا لها.
وهي تستند إلى لوبي دبلوماسي واقتصادي من دون إغفال الدور الذي لعبته المديرية العامة للمغتربين على مدى العقود الماضية والتي نجحت في الحفاظ على وحدة المغتربين الشيعة في عدد من دول أوروبا الشرقية وألمانيا بالإضافة الى بعض الدول الافريقية وأميركا الشمالية.
تمتلك هذه القوى حصونًا انتخابية لا يُمكن هدمها على الرغم من الحملات ضدّها ورغم العقوبات على حزب الله وبعض حلفائه. ومزاج المؤيدين أثبت ضعف هذه النظرية.
هذه القراءة تصح على المغتربين المؤيدين للتيّار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل والمردة وأحزاب القومي والبعث والشيوعي وحلفائهم من مختلف الطوائف في دول الاغتراب الأوروبية والأفريقية وحتى الأميركية الشمالية والجنوبية. لكنّها لا تتلاءم مع المناخ في الدول الخليجية حيث تُخاض معارك “هدم” هذه القوى.
مثلًا في الإمارات التي سُجل فيها ما يزيد عن 26 ألف ناخب، وهؤلاء و13095 في المملكة العربية السعوديّة، وبحسب المتابعين من المحسوم أن تصب أصوات المقترعين لصالح القوات اللبنانية والكتائب والقوى التغييريّة واللوائح التي يدعمها فؤاد السنيورة. والغلبة الانتخابية نفسها ستتبيّن في كل من قطر ـ7339 ناخبًا والكويت 5752 ناخباً.
وفي دول محور المقاومة، فإن تأثير الناخبين لا يُقاس بالكتل الناخبة في دول الخليج حيث يبلغ عدد المقترعين 1010 قي سوريا، و640 في إيران، و327 في العراق.
وعلى الرغم من الحشد الكبير لحث المغتربين والمنتشرين اللبنانيين على المشاركة في الاقتراع، وصل عدد الناخبين المغتربين إلى 225,114 ناخبًا، بحسب الأرقام النهائية لمديرية الأحوال الشخصية في وزارة الداخلية والبلديات. وقد انخفض عدد الناخبين بعد تنقيح الطلبات واستبعاد كلّ من لا تتوافر في طلباتهم الشروط القانونية اللازمة للمشاركة في العملية الانتخابية.
وهذا الرقم المتزايد نسبة إلى العام 2018، يبقى حجمه رمزيًا قياسًا إلى حجم الاغتراب اللبناني الذي يُقدّر بالملايين.
وبحسب الجداول الموزعة من وزارة الخارجية، يظهر أن الرقم الأكبر من المغتربين المسجلين كان من نصيب الموارنة بـ77457، يليهم السنّة بـ49163، فالشيعة بـ48776، فالروم الأرثوذكس بـ23584، فالدروز بـ15564، فالروم الكاثوليك بـ15554، فالأرمن الأرثوذكس بـ2359، فالأرمن الكاثوليك بـ1001، فالإنجيليّون 1050، بالإضافة إلى المئات من اللاتين والأشوريين والعلويين والكلدان والسريان.
المسجلّون توزّعوا على جميع الأقضية والمحافظات. وبلغ عدد المسجّلين في بيروت 36766 ناخبًا صور 11946، طرابلس 11095، الشوف 15848، بعبدا 13941، المتن الشمالي 13910، صيدا 10878، عاليه 10183، زحلة 9848، عكار8705، زغرتا 8315، بعلبك 7823، كسروان 7290، بنت جبيل 7219، النبطية 6625، البترون 6564، مرجعيون 6301، الكورة 6122، بشري 6114، جبيل 5852، جزين 4996، البقاع الغربي 4628، المنية-الضية 4470، راشيا 2703، حاصبيا 2509، الهرمل 660.
وبناء على ما تقدّم، تبقى العبرة في القدرة على ضمان مشاركة نسبة عالية من المنتشرين قبل الحديث عن النتائج المترتبة عليها، والتي سيبنى عليها. فهل تقلب نتائج الاغتراب الهوية السياسية للمجلس النيابي وتكون وبالًا على من سعى إليها، أم تكون صورة لفشل القوى التغييرية ولمفتعلي المعارك الإلغائية؟ النتيجة الكاملة تظهر في صبيحة 16 أيّار علمًا أن صناديق أصوات المغتربين ستنام بـ”أمانة” مصرف لبنان!
رانيا برو