مسلسل ” Moon Knight”.. مصر تدخل عالم مارفيل وتغزي هوليوود عبر محمد دياب وهشام نزيه
إنها المرة الأولى التي يتقاطع فيها عالم مارفيل السينمائي الممتد مع التاريخ المصري القديم وينتج مسلسل أقل ما يُقال عنه “تحفة فنية سينمائية جديدة”.
مسلسل مارفيل الجديد moon knight، أحدث ضجة منذ بداية الحديث عنه، واستمرت مع طرح أولى حلقاته، ويعود ذلك لاهتمام الكثيرين برؤية المشاركة والبصمة المصرية في العمل الأمريكي، حيث إنه من إخراج المصري محمد دياب، ووضع موسيقاه هشام نزيه، والبرديوسر سارة جوهرة والمونتير أحمد حافظ.
المسلسل جزء من سلسلة “مارفيل” للأبطال الخارقين، التي تضم شخصية حارس القمر “الإله خونسو”، وقد ظهر لأول مرة في عالم مارفيل كوميكس في أغسطس 1980، ويروي العمل قصة شخص “أوسكار أيزاك”، شخص يعاني من اضطراب الهوية الانفصالية، يتعرض لحادث في صحراء مصرية، تجعله يكتسب قوة خارقة عندما يصبح الصورة الرمزية للإله المصري “خونسو” (إله القمر/ الانتقام)، وتزداد سيطرة “خونسو” عليه كلما ساءت صحته العقلية.
فارس القمر: المزج بين المرض العقلي والأسطورة
يلعب الممثل أوسكار إيزاك في مسلسل “فارس القمر” شخصية غرانت، الذي يعمل في متجر الهدايا في متحف لندن، شاب لطيف بالنهار، يحاول أن يجد لنفسه مكانًا في المتحف يتناسب أكثر مع معلوماته الواسعة، لكن تجبره مديرته على وظيفته متدنية المكانة، وفي الليل نجده يربط ساقه بفراشه وينثر الرمل حوله، في إشارة إلى محاولة منع نفسه من المشي خلال النوم.
بينما يعيش غرانت في صراع مع الجماعة التي تطارده ولها قناعاتها الدينية حول الخير والشر، يصبح عليه أن يتعامل مع شخصيته الأخرى مارك سبيكتور التي تحاول السيطرة عليه خلال نومه، ويعلم لاحقًا أنها متصلة بإله القمر في الحضارة المصرية القديمة “خونشو”، وتعطيه القوة على التحول إلى ما يسمى “فارس القمر” ذا البدلة البيضاء بالقوة الخارقة، في حين لا يستطيع غرانت التحول إلا إلى “مستر غرانت” الأقل عنفًا.
ويصبح لدينا هنا ثنائية داخل الجسد نفسه، لكل منهما سماته المميزة، وهو ما أضفى على الشخصية حيويتها، وجعلها محل تفسير الكثيرين، إذ إن صاحبها مصاب بعلة نفسية كانفصام الشخصية.
لكن ذلك لا يمنع وجود سمات مسلسلات مارفيل المعتادة، خاصة مشاهد الأكشن. هنا تتميز بشكل مختلف، مع القدرات الخارقة التي يمتلكها “فارس القمر” أو أعداؤه، كذلك الجمع بين الكوميديا والخطر.
وهذا المزيج هو السمة المميزة للمسلسل، فهو مضحك ومثير، وينقل أعمال مارفيل المألوفة إلى شكل غير متوقع في بعض الأحيان، مع لمسة من الرعب، خاصة في المشاهد التي يظهر فيها خونشو الغاضب على الدوام.
تتشابه هذه التغييرات في نوع المسلسل، والجو العام الخاص به، مع شخصية غرانت المتقلبة التي تتميز بتعقيداتها الخاصة. وعلى الجانب الآخر فإن السيناريو والمؤثرات البصرية والمونتاج اجتمعت كلها لتجعل “فارس القمر” تجربة فريدة عن أعمال مارفيل المعتادة، وارتكز ذلك بالأساس على أداء أوسكار إيزاك ومقابله إيثان هوك في شخصية آرثر هارو ممثل الإله المصري القديم “آميت”.
أحداث يصاحبها صوت عبد الحليم، نجاة الصغيرة وصباح
تتجاوز فكرة ارتباط مصر بالعمل، وجود كثير من التفاصيل والروح المصرية داخله، لأن القصة نفسها بُنيت على أساس وجود أحد آلهة مصر القديمة “خونسو”، الذي يوجد معبد باسمه في مصر ضمن مجمع معابد الأقصر، كان لافتا استعانة دياب في بعض المشاهد بموسيقى أغنيتين مصريتين، الأولى هي “خسارة” للنجم المصري الشهير عبد الحليم حافظ وجاءت عندما كان بطل المسلسل أوسكار أيزاك يسير في اروقة قسم الأثار المصرية في أحد المتاحف. والثانية كانت أغنية “بحلم معاك”، للفنانة نجاة الصغيرة وجاءت على خلفية أحد المشاهد الأخرى عندما كان البطل يتحدث مع نفسه. هذا التغيير أثار إعجاب الجمهور العربي الذي أشاد بالخطوة التي قام بها دياب.
أما صباح فقد كان لها حصة الأسد من خلال لعب أغنيتها ساعات ساعات للمرة الثانية خلال أحداث المسلسل مع نزول تتر نهاية الحلقة الخامسة من العمل.
إعادة إحياء رائعة “بتونس بيك”.. حينما تقرر مارفيل أن تعطي “الخبز للخباز”
ربما هذه هي المرة الأولى التي أشاهد فيها عملا أمريكيا يتحدث عن موضوع مرتبط بمصر بالتحديد، ويظهر بشكل أصيل بعيد عن الدعاية والصور النمطية المعتادة”.
لطالما عانت هوليوود والأفلام الغربية بشكل عام من أزمة في طريقة عرض الشخصيات العربية أو تلك المرتبطة بمنطقتنا، فالتصقت بها دائما صور نمطية ذات علاقة بالارهاب، والشر، والتخلف وغيرها، من دون حتى بذل أقصى مجهود في إجراء بحث مطول من أجل التعرف إلى تفاصيل حقيقة هذه المنطقة.
أغنية وردة المستخدمة في الفيلم بالتأكيد لا علاقة لها بشكل مباشر بالقصة أو الشخصية أو غيرها، ولكنها تضع المشاهد في أجواء القصة ومنبعها خصوصا بعد توزيعها الجديد عبر الموزع الموسيقي دي جي كابو، وتقدم بعداً آخر للشركة المنتجة لهذه الأعمال، فهي بالنهاية تطمح إلى أن تكون عالمية وتتحدث بلغات مختلفة وتصل إلى أكبر عدد من الجمهور، ولكن هذه المرة بالطريقة الصحيحة، والتي تسير وفقا للمثل القائل: “أعط الخبر للخباز”، أي تسليم المسؤولية للأقدر على القيام بها، وهم أهل البيت وأصحاب المكان.
ومن هنا كانت فكرة الاستعانة بالمخرج محمد دياب لإخراج هذا العمل في محلها، وإلى جانبه مجموعة من المبدعين في الموسيقى والمونتاج والتمثيل وغير ذلك، أي أن الطاقات المصرية فعلا شقت طريقها ووصلت إلى الموقع الذي تستحق، ولكن هذه المرة لتستلم زمام الأمور في تقديم قصة تاريخها وحضارتها بالشكل الأفضل والأصح.
يحيى الطقش