تزامنًا مع “استعراض” قتل الطيور… ناشطة بيئية تنقذ صقر العوسق
فيما “فضيحة” تمرير قرار افتتاح موسم الصيد لهذا العام (2020-2021) لم يخفت صداها بعد، مع ما رافقها من تجاوزات، أقلها “تهريب” القرار “سراً” في اجتماع غير مكتمل النصاب لـ “المجلس الأعلى للصيد البري”، وفيما آثر وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال دميانوس قطار الرضوخ لضغوطات تجار أسلحة وذخائر الصيد، يبقى لبنان أسير الفوضى والاستنساب، وكأنّ هذا المشهد “الكاريكاتوري” جزء من مشهدية العبث والجنون من السياسة… إلى الصيد البري!
في لبنان يستحيل الإحاطة بقتل طائر محظور صيده أو بمجزرة استهدفت الطيور العابرة بمعزل عن السياسة، من هنا يبدأ الفساد، ومن يظهر كيف أنّ الصيد العشوائي لم يتوقف خارج الموسم وسط ممارسات فاضحة تمثلت في اليومين الماضيين مع “تحدٍّ” جديد عنوانه: #صورتك_بالصيد عبر موقع “فيسبوك”، فكان “استعراض” للقتل، ماضيا وحاضرا، طرائد مسموح صيدها ومحرم خارج وضمن مواسم الصيد.
وسط كل ذلك، تجدر الإشارة إلى دور قوى الأمن الداخلي، إذ لم تتوان مديريتها العامة عن المتابعة وإجراء المقتضى القانوني بالمخالفين، لكن ذلك لا يعفي جهات عدّة معنية من وزارتي البيئة والداخلية إلى البلديات وغيرها، فضلاً عن أن مواجهة مجازر ومخالفات الصيد لا تعالج بالأمن فحسب، ما أبقى لبنان على قائمة الدول التي لا تحترم إلتزاماتها حيال القوانين والاتفاقيات الدولية.
صقر الجراد
وفي سياق غير منفصل، عرضت قبل أيام الناشطة البيئية سوزان بو سعيد ضو على صفحتها صورة وفيديو لطائر من نوع “صقر الجراد” وهي تلقمه الطعام وتهتم به.
تقول سوزان لـ”أحوال”: “ذهبت الى حديقة المنزل كما جرت العادة العادة يوميا لأروي بعض الزرع وكان برفقتي كلبيَّ الاثنين، فتفاجأت بطائر حجمه صغير، ولم أكن على علم بنوعه وقد بدا هادئا ساكنا وكأنه يطلب المساعدة”.
وتضيف: “على الفور قمت بإرجاع كلبيّ الى المنزل وعدت مسرعة، لم يقاوم لدرجة أنني شعرت بأنه انتظرني وكأنه يعلم أنني سأعود لمساعدته، قمت بالتقاطه ووضعه داخل سل أستعمله لجمع ثياب الغسيل، وتوجهت به الى المنزل وقدمت له بعض اللحم المفروم، فالتهمه وبدا لي جائعا وكنت سعيدة لتناوله الطعام، ولأن لا خبرة لدي بعالم الجوارح تواصلت مع بعض الناشطين المهتمين بهذا المجال، وكانت المفاجأة عند معرفتي كم عدد الطيور الجارحة المصابة بطلقات نارية والتي تخضع للعلاج وإعادة تأهيل”.
وتشير أبو سعيد إلى أنها تواصلت مع “الناشط في جمعية Lebanese Wildlife رامي خشاب الذي اهتم بالحال وأرسل ناشطة من الجمعية وسلمته لها”.
على القائمة الحمراء
خلال المعاينة الأولية تبيّن أن الصقر مصاب بخردق في أماكن عديدة من جسمه، وأنه يحتاج لوقت لإعادة تأهيله خصوصًا وأـنّه قد فقد بعض ريشه، بحسب أبو سعيد التي تلفت إلى أنّها تتواصل “مع الجمعية للاطمئنان عنه بشكل دائم، وسأنتظر لحظة إعادته الى الطبيعة بفارغ الصبر.
وعن نوع الصقر، تقول: “علمت بأنّه أنثى من نوع (صقر الجراد) ويعرف بـ Common kestrel، واسمه العلمي Falco tinnunculus والجميل أنه تمت تسميته بـ “سوزان” نسبة لاسمي بعد أن أنقذته.
وبالعودة إلى القائمة الحمراء Red List لـ “الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة” International Union for Conservation of Nature الـ IUCN، فإن هذا النوع من الطيور “آخذ في التناقص” ويقترب من عتبة “الفئات الضعيفة” تبعا لأعداده المستمرة في التراجع خلال السنوات الأخيرة.
وتتعدد الآراء حوله بين من يقول إنه معرّض للانقراض، وبين من يقول إنّه مهدّد، وفي كلا الحالتين ما هو مؤكد في هذا المجال أنّ أعداده تتراجع على نحو بدأ يثير اهتمام الجهات المعنية بحماية الأنواع المهددة.
يتغذى على القوارض
وبحسب المراجع العلمية، فهذا الصقر يعرف باسم العوسق أو العاسوق، ويسمى أيضاً بـ “صقر الجراد”، ويتواجد بكثرة في أوروبا وآسيا وشمال أفريقيا، يمكن لهذا الطائر أن يكون بألوان عدّة، وهو أصغر من الباز قليلاّ، سريع الانطلاق عند الطيران، وهو منتشر في المغرب ويعرف فيها باسم “بو عميره”، فيما يعرف باسم “الشبوط” في بعض الدول العربية.
ويعيش هذا الطائر في البيئات الصحراوية والمدن والمزارع، ويتغذى على الحشرات والقوارض كالجربوع، ولذا يعتبر طائراً بيئياً بامتياز، وهو مهاجر، يسمّى الذكر “ترمة” والأنثى “شرياص”.
عيتاني: مقيم ومهاجر
ولمعرفة خصائص هذا النوع من الجوارح أكثر، وقف “أحوال” على رأي رئيس “جمعية حماية الطيور في لبنان فؤاد عيتاني، فأشار إلى أن “الصقر يعرف باسم العوسق ويسمى أيضا بـ (صقر الجراد)، منه المقيم مفرخ والمهاجر والمشتي في لبنان، كما ويتواجد بكثرة في أوروبا وآسيا وشمال أفريقيا، ويمكن أن تختلف ألوانه باختلاف جنس وعمره”.
وأضاف: “هو صقر صغير الحجم يقتات على القوارض والحشرات، ولهذه الطيور نظر ثاقب فتحوم فوق الأراضي المكشوفة راصدة طعامها ومفلطحة ذيلها بينما يخفق جناحاها بسرعة، وطيور العوسق هي أكبر الطيور التي يمكنها أن تحوم لفترات طويلة، وخلافاً للطيور الطنانة فهي بحاجة إلى رياح مقابلة لطيفة لتبقيها في الجو، يمكن لطيور العوسق الشائع أن تستولي على أعشاش طيور أخرى، وهي تضع حتى خمس بيوض في السنة في حضْنة واحدة، ويمكن للفراخ أن تطير بعد شهر من التفقيس”.
فاديا جمعة