مجتمع

البطاطا المصرية تُغرق السوق: وطن الاستيراد أتذكر مزارعيك؟

رغم أن لبنان ينتج أفضل أنواع البطاطا، ما زالت أسواقه المحلية تغرق بالبطاطا المصرية، فأي بلادٍ هذه التي ترزح تحت أزمة وجودية ويبقى سلوكها وديدنها “سهولة وتسهيل الاستيراد وصعوبة او استحالة التصدير”؟.

في الأسبوع الأخير ارتفعت صرخة مزارعي وتجار عكار بسبب استمرار استيراد البطاطا المصرية لدرجة إغراق السوق المحلّي في حين امتلأت البرادات والمستودعات بمنتجات البطاطا العكارية مع بدء الموسم “فهل من دولة تحمينا من المنافسة الأجنبية؟”.

اعتاد مزارعو عكار اللجوء الى الشارع في كل موسم للمطالبة بحقوقهم، في ظل تخبط وزارة الزراعة باعتماد رزنامة زراعية واضحة، فلماذا أصبحت الكميات المستوردة تفوق الكميات المتفق عليها مع مصر؟ وكيف دخلت الأراضي اللبنانية دون حسيب أو رقيب؟

رئيس لجنة الاقتصاد في غرفة تجارة وصناعة وزراعة زحلة والبقاع طوني طعمة يوضح لـ “أحوال.ميديا” أنّ “زراعة البطاطا في لبنان من الزراعات الرئيسية إذ يعتبر قطاعاً غذائياً أساسياً لا سيما في عكار، بسبب اعتماد معظم العائلات عليه، إذ ينتج سهل عكار حوالى 55000 طناً من البطاطا، 40 ألفاً منها مخصصة للمائدة مباشرةً و15 ألفاً مخصصة للتصنيع”.

ويتابع “رغم أن لبنان ينتج أفضل أنواع البطاطا وأكثرها جودة بفضل مناخه وخصوبة أرضه إلا أنّه يعاني من مشكلة إغراق السوق المحلي بالمنتجات المستوردة” مشيراً إلى أنّ “الإستهلاك المحلي من البطاطا يومياً لا يتعدى 700 طناً ما يعني نظرياً أن الانتاج المحلي كفيل بسد هذا الاستهلاك، إلا أن لبنان يستورد أطناناً من البطاطا من الدول العربية، وفي مقدمتها مصر بناءً على إتفاقية التبادل الزراعي بين البلدين، والتي تنص على استيراد لبنان البطاطا من مصر، مقابل تصدير التفاح اللبناني إليها”.

ويضيف “البطاطا المصرية التي يبدأ شحنها إلى لبنان في شهري شباط وآذار لا تكون أرخص من المحلية لأن أسعارها مرتفعة من مصدرها، فأي منتج مستورد بطبيعة الحال سيكون أغلى من المنتج المحلي، وما يحصل اليوم في لبنان هو أمر استثنائي بسبب تأخر موسم الحصاد في عكار، وبسبب الأعياد وشهر رمضان تجاوز وزير الزراعة الرزنامة الزراعية، وسمح بإدخال البطاطا المستوردة إلى لبنان في أول أسبوع من نيسان علماً أن استيرادها من المفترض أن يتوقف آخر شهر آذار، هذا الإذن الاستثنائي أغرق السوق المحلي بالبطاطا المصرية مهدداً الانتاج المحلي ما دفع المزراعين إلى المطالبة بالحدّ من استيراد الكميات الهائلة من البطاطا، منعاً من خسارة محاصيلهم”.

ويشير طعمة أنه وبحسب ما يقال “أن هذه الكميات من البطاطا المصرية كانت في طريقها إلى أوكرانيا لكنها وبسبب عدم جودتها غيرت مسارها ودخلت لبنان”.

ويختم “في ظل الظروف القاهرة التي يعيشها لبنان حرم المواطن من أدنى حقوقه الغذائية ألا وهي تناول الخضار بفعل غلاء أسعارها، لذلك يجب خلق توازن بين الأسعار وهامش الربح بحيث لا يتعرض المزارع للخسارة ولا المواطن للاستغلال”.

من جهته، يقول توفيق دبوسي رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس ولبنان الشمالي أن “إنتاجنا الزراعي الوطني من البطاطا يبلغ حوالى 350 ألف طناً، 70 ألفاً في عكار و280 ألف في البقاع حيث يتم استهلاك نصف هذا الانتاج من خلال الاستهلاك المباشر أو عبر مصانع تصنيع البطاطا. أما النصف الآخر من الإنتاج فيتم تصديره إلى الخارج لأن عمر البطاطا قصير وفي حال بقيت الكميات في البرادات تصبح كلفتها مرتفعة”.

ويضيف “خلال مواسم إنتاج البطاطا نعتمد على السوق المحلي أما في الفترات الأخرى فنلجأ إلى الاستيراد من مصر، وما يحصل اليوم أمر مرفوض لأنه خلال المواسم يجب أن لا يتم الاستيراد إن كان من الناحية العلمية أو الاقتصادية أو حتى الأخلاقية وإلا فسنكون أمام كارثة زراعية مرتقبة”.

 

ناديا الحلاق

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى