منوعات

هل الخيم الزراعية بديل حقيقي للإنتاج الزراعي؟

في المنطقة الحدودية الجنوبية، بدت الخيم الزراعية الشغل الشاغل للمزارعين ولعدد لافت من المواطنين، بعد الارتفاع الهائل لأسعار الخضار، أسوة بباقي السلع، إذ تشهد هذه القرى على ظاهرة إنشاء الخيم البلاستيكية الزراعية، الكبيرة منها والصغيرة، رغم كلفة بنائها المرتفعة، وتنتشر هذه البيوت على مساحاتٍ واسعة في الحقول والمدرّجات وفي الحدائق الملاصقة للمنازل.
“تنتج الخيمة الواحدة الكبيرة، التي تزيد مساحتها على 40 متر مربع، حوالي 8000 كيلو من الخيار، رغم أن كلفة بنائها تتعدى ال1500 دولار” بحسب مدير المركز الزراعي، التابع لوزارة الزراعة، في منطقة مرجعيون فؤاد ونسة، الذي أكد أن “الأهالي يسارعون على تشييد الخيم قرب منازلهم بعد أن كانت المنطقة خالية منها”. ويلفت الى أن “زراعة الخضار داخل الخيم لم تعد للتجارة فقط بل لتأمين الاكتفاء الذاتي للأهالي المقيمين في القرى، لذلك فان انتشار الخيم الزراعية الصغيرة يؤكد على أن الأهالي باتوا من الفقراء الذين يبحثون عن أية طريقة تقيهم من العوز في ظل ارتفاع الأسعار”.
قبل أسبوعين أنهى موسى قرياني، ابن بلدة عيتا الشعب (بنت جبيل) بناء خيمته الزراعية، في حاكورة منزله، بعد أن لجأ بنفسه الى زراعة شتول الخيار والبندورة الخاصة بالخيم، وقد اعتمد قرياني على جذوع الأشجار الطويلة لبناء خيمته بديلاً عن استخدام الحديد المكلف، محاولاً التخفيف قدر الامكان من الكلفة المالية التي لا يقدر عليها، لكن رغم ذلك فان “كلفة بناء خيمته الصغيرة ( 22 متر مربع) زادت عن 3 ملايين ليرة، وهي كلفة متواضعة نسبياً، لأن الخيمة يفترص أن تؤمن له الاكتفاء الذاتي من الخضار شتاء”. وينصح قرياني جميع المقيمين في القرى والبلدات بالاتكال على إنتاجهم المحلّي، لكن يطالب المجالس البلدية ووزارة الزراعة بضرورة دعم المواطنين وتأمين الشتول والأدوية الزراعية ما قد يخفف من الأكلاف المالية، ويشجع الفقراء على الزراعة.
المزارع حسن درويش (شقرا) يرى أن “الخيمة الزراعية تحقق دخلاً يكفي لتأمين قوت عائلة كبيرة “شرط الاهتمام اليومي بها، والاستعانة بالخبراء الزراعيين”، ويبيّن أن “زراعة 200 متر مربع من البطاطا، بشكل علمي ومدروس، أنتج لي 700 كلغ، أما شتلة الخيار الواحدة فقد تنتج 15 كلغ”.
ثمن شتلة الخيار أو البندورة تزيد اليوم عن 5000 ليرة، بحسب أحمد عطوي، صاحب محل لبيع الشتول، ما يعني أن خيمة واحدة صغيرة تتسع لمئة شتلة قد تكلف صاحبها أيضاً حوالي 500 الف ليرة لشراء الشتول، اضافة الى مبلغ مماثل لشراء الأدوية والمبيدات اللاّزمة.
في بلدة ميس الجبل، يطالب المزارع أحمد بدران “البلدية واتحاد البلديات” بتشجيع الأهالي على زراعة الخيم من خلال تأمين الارشادات والشتول، لأن “الدولة غائبة بالكامل، وأصبح من أهم واجبات البلديات البحث عن وسائل تساهم في صمود المقيمين شتاء، خاصة أن المياه التي فقدها المزارعون في الصيف متوفرة شتاء”.
يؤكد ونسة على أن “انتاج الخضار بات يحقق أرباحاً مالية كبيرة لأنه يمكن تصريفه بسهولة، بعد أن باتت الخصار المستوردة من سورية غير قادرة على المنافسة بسبب ارتفاع أسعار المحروقات”. ويبين أنه “قبل خمس سنوات كان عدد الخيم الزراعية الكبيرة في قضاء مرجعيون لا يزيد عددها على 30 خيمة، ليقارب عددها اليوم حوالي 300 خيمة”.

داني الأمين

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى