تلاعب في السلع المدعومة وارتفاع للأسعار مطلع الأسبوع
وزير الاقتصاد ل"أحوال": سنتخذ اجراءات لضبط الغلاء
فور إعلان الرئيس المكلّف مصطفى أديب اعتذاره عن الاستمرار بتأليف الحكومة، تصاعدت مخاوف المواطنين من موجة جديدة من ارتفاع أسعار السلع بعد ارتفاع سعر صرف الدولار.
فما هي تداعيات التطورات السياسية الأخيرة على السوق؟ وهل سنشهد فورة غلاء إضافية على كاهل المواطن الذي لم يعد يستطع أصلاً تحمل أعباء تأمين متطلباته وسلته الغذائية اليومية. وماذا يقول المعنيون والخبراء بهذا الشأن سيمّا خصوصاً بعد تحذير خبراء اقتصاديين دوليين من إمكانية تجاوز معدل التضخم في لبنان نسبة 500 في المئة هذا العام.
هل تقفل المحال التجارية أبوابها؟
لم تُسجّل الأسواق حتى الآن أي ارتفاع بأسعار السلع رغم ارتفاع سعر الصرف، لكن بحسب توقعات التجار فإنّ انعكاس الوضع السياسي على أسعار السلع في الأسواق سيبدأ منذ يوم غد الإثنين، لأنّ مكاتب المحاسبة في الشركات تقفل في نهاية الأسبوع، لذلك من المتوقّع أن يلمس المواطنون ارتفاع الأسعار مطلع الأسبوع.
ويقول أحد أصحاب “السوبرماركات” لـ”أحوال” بأنّ ارتفاع سعر صرف الدولار أحدث إرباكاً كبيراً في أوساط التجار، ويوضح أنّ الشركات المستوردة هي التي تحدد الأسعار وليس التجار، متسائلاً: لماذا لا تقوم وزارة الاقتصاد بالتدقيق بالأسعار من “المنبع” أي من الفاتورة الجمركية للشركات المستوردة ثم مراقبة استلام الشركات الموزعة ثم المحال التجارية وليس العكس؟
وتظهر مشكلة أخرى لدى التجار الصغار هي تراجع القوة الشرائية للأموال المرصودة بالعملة اللبنانية المخصصة للإستيراد بعد ارتفاع سعر صرف الدولار، ما يدفع بالتجار المستوردين أو أصحاب المحال التجارية إلى رفع الأسعار لتغطية الخسائر أو تقليص الكمية المستوردة للإبقاء على توازن الخسائر والأرباح، و”إلا سيؤدي الأمر في نهاية المطاف إلى إقفال محالهم التجارية”. لكن يختلف الأمر هنا، فالشركات الضخمة تستطيع الصمود أمام التحوّلات في أسعار الدولار لكن الشركات الصغرى والمحال التجارية لا تملك مقومات وإمكانيات تمكّنها من الصمود. وأشارت معلومات أنّ عدة شركات توقفت عن تسليم السلع للتجار والموزعين بانتظار ما ستحمله الأيام المقبلة، ما اضطر بالكثير من المحال التجارية الصغيرة إلى إقفال أبوابها لنقص كبير في البضاعة.
وتكشف المصادر عملية غش وتلاعب كبيرين في مسألة السلع المدعومة من الدولة، إذ يقوم تجار كبار بتخزين المواد المدعومة ثم يجري توزيعها لاحقاً واستيفاء ثمنها على أسار سعر صرف الدولار في السوق وليس سعر الدعم، فيما تعمل شركات أخرى على توزيع 30 في المئة من هذه المواد المدعومة وتخزّن 70 في المئة.
وتستكمل عملية الغش على المواد الزراعية والحيوانية المدعومة من وزارة الزراعة من العلف والأسمدة الكيميائية وغيرها، إذ تقوم بعض الشركات المكلّفة من وزارة الزراعة بتسليم 700 طن فقط من العلف أو غيره إلى المستهلك ويُجبر على توقيع فاتورة استلام 2.5 طن من المنتج المدعوم.
وزير الزراعة: المراقبة مسؤولية الاقتصاد
ويشير وزير الزرعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى لـ”أحوال” إلى أنّ “موضوع مراقبة الأسعار واتخاذ الإجراءات لضبط التلاعب من مهمة وزارة الاقتصاد، وليس وزارة الزراعة التي سبق وأعلنت منذ البداية أنّها تتعاون مع وزارة الاقتصاد، ووضعت موظفيها بتصرفهم. وأكد مرتضى أنّه ومنذ استقالة الحكومة لم يوقف عمله بل استمر في متابعة الملفات في مكتبه على أكمل وجه”.
أبو سليمان: مرحلة فوضى
وتشير مصادر خاصة إلى أنّ مصلحة حماية المستهلك لا تقوم بواجبها كما يجب إذ تدقّق بفواتير الإستلام من الشركات الموزعة من دون مقارنة هذه الأسعار مع فواتير استلام الموزعين من الشركات المستوردة والفواتير الجمركية أيضاً، وتكيل بمكيالين مع أصحاب المحال التجارية، فيما تنفي مصادر حماية المستهلك هذا الأمر مؤكدة أنّ تدقيقها يجري وفق معايير موحدة ودقيقة.
كما توضح مصادر ميدانية في السوق أنّ أسعار أغلب السلع مرتبطة بسعر صرف الدولار، فكلّما سجل الدولار ارتفاعاً كلما ارتفعت الأسعار لكن العكس لا يحصل، فعند تراجع سعر الصرف لا تنخفض الأسعار، وهنا توضح مصادر اقتصادية أنّ مرد ذلك هو أنّ التجار يلعبون على الفارق بين ارتفاع الدولار وانخفاضه، فيبيعون السلع على أساس سعر الدولار الجديد وهنا يصعب التمييز بين الأسعار ويضيع الحابل بالنابل كما يصف الواقع بعض التجار.
ويتوقع خبراء اقتصاديون أن يشهد السوق ارتفاعاً تدريجياً بأسعار السلع بدءاً من مطلع الاسبوع المقبل. وبحسب الخبير المالي والاقتصادي وليد أبو سليمان فإنّنا دخلنا في مرحلة الفوضى والتفلّت في سوق السلع إضافة الى ارتفاع سعر الصرف. ويلفت أبو سليمان لـ “أحوال” أنّ الدولة لم تعد قادرة على لجم ارتفاع الأسعارولا ضبط سعر صرف الدولار خصوصاً مع توجه مصرف لبنان إلى رفع الدعم عن الكثير من السلع الأساسية بسبب نفاذ الإحتياط النقدي في المصرف. ويرى أبو سليمان أنّ أحد الحلول لوقف نزيف احتياطات المركزي هو ترشيد الدعم، وتخصيصه لذوي الدخل المحدود والطبقة الفقيرة فقط وللسلع الأساسية، ويوضح أنّه لا يمكن ضبط سعر الصرف إذا لم يتم ضخ أموال خارجية في السوق الداخلي وبالتالي أسعار السلع إلى ارتفاع بلا سقف، وبالتالي نحن مقبولون على حالة من شبه مجاعة.
وزير الاقتصاد: خطة للتعامل مع المستجدات
وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة يوضح في اتصال مع “أحوال” أنّه لا يمكننا اليوم توقّع مدى ارتفاع الأسعار في الأيام المقبلة قبل الأيام الأولى من الأسبوع المقبل، والأمر نفسه ينطبق على “الإجراءات التي سنتخذها لمواجهة أي تطور على هذا الصعيد”، مشيراً إلى أننا سننتظر إلى الغد ليظهر السعر الحقيقي لصرف الدولار ومدى انعكاس المستجدات السياسية، واعتذار الرئيس المكلّف على سعر السوق لنعرف الخطة الذي يجب أن نضعها ونتبعها لمواجهة فلتان السوق. ويؤكد نعمة أنّ الدعم للسلة الغذائية الذي أقرته وزارة الاقتصاد بالتعاون مع الوزارات الأخرى مستمر وغير صحيح أنه توقف إلا من بعض السلع المفقودة.
ويوضع نعمة أنّ التطورات التي قد تحصل على صعيد سعر الدولار رهن تعامل القوى السياسية مع الأزمة السياسية القائمة خصوصاً وأنهم يتحملون مسؤولية الإنهيارات المتتالية.
محمد حمية