مياه لبنان الملوّثة… الآبار الإرتوازيّة من المجارير إلى الشرب درّ
مياه بعقلين وكسروان وعكار والبقاع والساحل ملوّثة بالمجارير
في إطار العمل على التقرير السّنوي للعام 2020، باشرت مصلحة الأبحاث العلميّة الزراعيّة، مشروع إجراء التحاليل على كافة مصادر المياه في لبنان، والتي تشمل مياه الأنهر من الليطاني إلى عكار والأوّلي وطرابلس مرورًا ببيروت وغيرها، ومياه البحر، والمياه الجوفيّة. أتت أولى النتائج من منطقة بعقلين الشوفيّة، والتي تُظهر أنّ عيّنة واحدة فقط غير ملوّثة بالمجارير من أصل خمس عشرة عيّنة، وذلك بحسب ما يُعلِن مدير عام مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية الدكتور ميشال افرام في حديث لـ “أحوال” موثّق بالفيديو. وبعد استكمال التحاليل، يقول افرام إنّ نسبة التلوّث في جرود كسروان قد وصلت إلى نسبة 50%، غير أنّها بنسبة الـ 100% في مناطق عكار والمناطق السّاحلية والبقاع.
المياه الجوفية ملوّثة بالمجارير
تُصدر مصلحة الأبحاث العلميّة الزراعيّة تقريرها السّنوي عن تلوّث المياه والمواد الغذائية في لبنان، منذ العام 2015. وترفع الصّوت المُنذر بالخطر الدّاهم، ولكن حتّى السّاعة لم يُتّخذ أي إجراء جدّي، من شأنه أن يُنقذ البلد من “قنبلة جرثومية”، تهّدد صحّة وحياة المواطنين في كل المناطق اللبنانية من دون إستثناء، إنّما بشكل قد يكون متفاوت.
إنّ المياه الجوفيّة، وإستنادًا إلى نتائج التحاليل التي أُجريت، ملوّثة بالمجارير، وتتضمّن معادن ثقيلة مثل الرصاص والزئبق وغيرها، واستهلاكها على مرّ الزمن يؤدّي إلى أمراض وحتّى إلى الوفاة. ويشرح افرام، أنّ المياه الجوفيّة هي المياه التي تصل إلى المنازل والمؤسسات السياحيّة والمطاعم والمدارس والحضانات والمستشفيات وغيرها، كما أنّها المياه التي تُستخدم للرّي وبالتالي تجعل البعض من الإنتاج الزراعي، لا سيّما الخضار، غير صالح للأكل. هذه المياه الأساسية في حياتنا اليوميّة، عدا عن أنّها ملوّثة ومجرثمة، فهي مستنزفة لأنّها تُستهلك بشكلٍ جائر، لأنّنا في منطقة تعاني من نقصٍ في الأمطار وهي معرّضة للتصحّر في المستقبل.
أمّا سبب تلوّث مياهنا، فهو استخدام آلاف الآبار الإرتوازيّة لضخّ المجارير، وبناءًا عليه، سبق وتقدّمت مصلحة الأبحاث العلميّة بالطلب من وزارة الداخلية والبلديات والتنظيم المدني ونقابة المهندسين لحصر وإحصاء هذه الآبار ووقف استخدامها لضخّ المياه الجوفيّة.
مدير عام مصلحة الأبحاث العلميّة الزراعيّة الدكتور ميشال افرام في رسالة تحذيرية للّبنانيين:
مياه البحر معظمها ملوّث
كما يتوقّف الدكتور ميشال افرام عند مياه البحر، ليؤكّد أن معظمها ملوّث غير أنّ بعضها أقل تلوّثًا من غيرها.
انطلاقًا من هذا الواقع المؤسف والخطير، يتساءل مدير عام مصلحة الأبحاث العلميّة، هل سيَعي المعنيون خطورة الوضع ويجنّبوا المواطن الكارثة قبل حدوثها؟ ويطالب بإعلان حالة طوارئ مائيّة بيئيّة، ويشدّد على ضرورة تكرير مياه المجارير، ومياه المصانع كلّ بحسب صناعته، وكذلك تكرير ومعالجة النفايات، على أن تُتّخذ الإجراءات القانونية اللازمة والعقوبات بحق المخالفين.
إنّ إنفجار 4 آب المأساوي والمشؤوم قد أودى بحياة 200 شهيد و2000 جريح ودمّر العاصمة، أمّا إنفجار قنبلة المياه الملوّثة الجرثوميّة قد تنفلش أضراره لتطال جميع اللبنانيين، وحينها المساعدات الدوليّة والتدخّلات الخارجيّة لن تحدّ من خسائرنا، فهل من سيُجنّبنا مرارة الكأس قبل فوات الأوان؟
ناريمان شلالا