منوعات

هل تحرر المصارف 10% من الودائع بالدولار الأميركي؟

مع اقتراب نهاية العام الجاري، تتطرح عدة مسائل تتعلّق بالقطاع المصرفي والودائع التي حرم منها أصحابها منذ تشرين من العام 2019، وأبرز المسائل المطروحة هي احتمال دخول مصارف أجنبية إلى السوق المصرفي اللّبناني، بالإضافة إلى موضوع الودائع وتحرير 10%؜ منها بالدولار الأميركي.

يقول الخبير الاقتصادي نسيب غبريل، أنّ المصارف مثل معظم القطاعات في الاقتصاد اللّبناني، تعاني من شحّ في العملات الأجنبية بسبب التراجع الحاد لتدفق رؤوس الأموال إلى لبنان ابتداء من أيلول 2019 والتوقف الشبه الكامل لتدفق هذه الأموال بعد قرار الحكومة السابقة التعثر عن تسديد سندات اليوروبوند في آذار 2020. إذن، تعاني المصارف من أزمة سيولة بالعملات الأجنبية وهذا يختلف عن الإفلاس.

ويشير إلى أنّ المخرج الأسهل والأسرع لأيّ مصرف في ظلّ الأزمة الحالية هو أن يعلن مجلس إدارة المصرف الإفلاس ويصفّي المصرف موجوداته ويدفع ما تبقى إلى المودعين. ولكن، رفض أيّ مصرف هذا المخرج إذ أنّه يضرّ بالمودعين بشكل مباشر وفادح. لذلك، نظرية أنّ المصارف مفلسة هي ادّعاءات شعبوية ومضلّلة. إذ انّه لو كانت مفلسة لما استطاعت تمكين المودعين حتى من سحب جزء من ودائعهم باللّيرة اللّبنانية وكانت قد أقفلت أبوابها.

أمّا موضوع إعادة هيكلة القطاع وعدد المصارف التي ستستمر، يوضح غبريل أنّ هذا الأمر مرتبط بإعادة هيكلة الدين العام ونتيجة المفاوضات مع حاملي سندات اليوروبوند ومعالجة ما يسمّى بالفجوة المالية لمصرف لبنان.

وحول احتمال دخول مصارف أجنبية إلى السوق اللّبنانية، يلفت إلى أنّ هذا الطرح يشترط استعادة الثقة من خلال انطلاق العملية الإصلاحية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي وإعادة تدفق رؤوس الأموال إلى لبنان وإعادة انخراط لبنان في النظام المصرفي والمالي والتجاري العالمي. وطالما أنّ هذه الإصلاحات تحافظ على هوية لبنان الاقتصادية كاقتصاد حرّ مُنفَتِح على العالم يعتمد على القطاع الخاص والمبادرة الفردية، فهذا سيشجّع مصارف أجنبية للدخول إلى الاقتصاد اللّبناني.

أمّا فيما يخص الودائع كونها الأكثر أهمية في الملف المصرفي، يقول غبريل: “من السهل إطلاق نظريات عن الودائع المصرفية بالعملات الأجنبية. ولكن الواقع أنّ لبّ المشكلة هو شحّ السيولة بالعملات الأجنبية بسبب توقف تدفق رؤوس الأموال إلى لبنان وبالتحديد إلى المصارف. أيضًا، نموذج العمل المصرفي حول العالم هو استحقاق الودائع المصرفية بمعظمها على المدى القصير، أي في بضعة أشهر كحدّ أقصى، بينما التسليفات والاستثمارات المصرفية تستحق بعد سنوات عديدة. إذن، المصارف لا تحتفظ بنسبة مرتفعة من السيولة، أي من الودائع التي تتلقاها، إذ أنّها تستثمرها أو تقرضها على المدى الطويل.

ويضيف “الطلب من المصارف تحرير 10 بالمئة من الودائع بالدولار هو من باب التمنيات وليس طلب واقعيًا حتى في أوضاع طبيعية وخالية من الأزمات، إذ أنّ المصارف لا تحتفظ بالودائع بل تقرضها وتستثمرها، وتحتفظ بنسبة قليلة من السيولة. لذلك عندما أصاب الهلعُ المودعين وهرعوا إلى المصارف لسحب ودائعهم، لم تستطع المصارف تلبية كامل طلباتهم لأنّ السيولة التي كانت عند المصارف استُنفِدت بسرعة بسبب كثافة الطلب، لأنّ المصارف تحتفظ بمستوى للسيولة للمعاملات العادية في الأوقات الطبيعية ولا يمكنها تأمين مبالغ ضخمة من السيولة لتلبية طلبات السحوبات من عدد كبير من المودعين”.

وختم غبريل، أمّا بالنسبة لـ”حسن النيّة”، فإنّ هدف المصارف هو أن يستطيع المودع التصرف بودائعه كما يريد ومتى يرغب بذلك، لكن هذا يعود إلى مضمون الخطة الإنقاذية والإصلاحات والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، إذ ستحدّد مصير الودائع والنظرة المستقبلية للقطاع المصرفي.

نية المصارف تلتقي مع طلب المودعين واذا تعهدت الدولة اللّبنانية بتسديد التزاماتها ودفع ديونها بالكامل، وعلى فترات طويلة وبفوائد منخفضة، سيستطيع المودعين استرداد ودائعهم على مراحل بالكامل.

 

محمد مدني

محمد مدني

صحافي لبناني. يحمل شهادة الإجازة في الصحافة من الجامعة اللبنانية الدولية. عمل في عدد من الصحف والمواقع الأخبارية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى