منوعات

نصيحة أردنية وعتب سوري

هل تلتقط الحكومة الفرصة أم تنتظر الضوء الأخضر؟

يكشف السياق التدريجي للأحداث في لبنان والمنطقة منذ إعلان الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، عن استيراد النفط الإيراني واستعداد شركة إيرانية للتنقيب عن النفط اللبناني، عن متغيّرات في الموقف الأميركي على صعيد العلاقات العربية – اللبنانية، وفي قلبها العلاقات اللبنانية – السورية، في ضوء التحوّلات في المشهد الإقليمي والدولي.

وما زيارة رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة إلى بيروت، إلّا التجلّي الأكثر وضوحاً نظراً لطابعها السياسي والرسائل التي حملتها، بحسب ما تقول مصادر مطلعة على الزيارة لـ”أحوال”، والتي تكشف أن “الخصاونة نصح المسؤولين اللبنانيين ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الإسراع بالتواصل مع سورية كنافذة أساسية لإنعاش الاقتصاد اللبناني”.

فما هي أبعاد الزيارة؟ وهل تخفي قراراً أميركياً بفتح باب الإنفراج على لبنان، وبالتالي الإنفتاح على سورية؟ أم أنها مجرّد تأكيد على إعادة تفعيل خط الغاز والنفط العربي إلى لبنان لقطع الطريق على التمدد الإيراني النفطي والبحري باتجاه المتوسط عبر لبنان؟

وزير الخارجية الأسبق، د. عدنان منصور، يرى في حديث لـ”أحوال” أن “زيارة الحصاونة أتت بضوء أخضر أميركي، كما زيارة الوفد الوزاري اللبناني إلى دمشق واللقاء الرباعي في الأردن لإعادة تفعيل الخط العربي إلى لبنان، وفق التوجيهات الأميركية بعد زيارة السفيرة الأميركية دروثي شيا إلى بعبدا عقب كلام السيد نصرالله حول النفط الإيراني الذي كسر “قانون قيصر” وأجبر الأميركيين على تزويد لبنان بالكهرباء والغاز عبر سورية، للقوطبة على توسع النفوذ الإيراني في لبنان”.

ويشير منصور إلى أن “سوريا هي المتنفس البري الوحيد للبنان والخيار الوحيد للإنفراج الاقتصادي، لا سيما بعد عودة العلاقات التجارية بين الأردن وسورية، ما يفتح طريق تصدير المنتجات اللبنانية عبر سورية سواء إلى العراق أم إلى الخليج عبر الأردن، وهنا جاء قانون قيصر ليضرب شبكة التواصل التجارية والإستراتيجية بين هذه الدول”.

ويعتبر منصور أن “واشنطن تلعب على خطين متوازيين: الأول استمرار تطبيق قانون قيصر على لبنان باستثناء ما يتعلق بالتواصل لتفعيل الخط العربي، والسبب إبعاد لبنان عن سورية لفك التواصل والتحالف بين الدول المجاورة وإضعاف حلف المقاومة لمصلحة العدو الإسرائيلي. أما الثاني فهو منح لبنان متنفساً اقتصادياً جزئياً عبر تزويده بجزءٍ من حاجته للغاز والفيول، لقطع الطريق على طهران وإبقائه تحت النفوذ الأميركي”.

وبعد الزيارة الأردنية، هل آن الأوان للتواصل المباشر مع سورية كخيار ملحّ للبنان؟ أم أن الحسابات الخارجية والسياسية الداخلية الحاكمة والمتحكّمة بهذا الملف لازالت عائقاً ومانعاً؟

يتساءل مصدر مطلع على ملف العلاقات اللبنانية – السورية، عبر “أحوال”: “لماذا يُمنح الأردن هذا الكمّ من الإستثناءات على قانون قيصر لدواعي المصالح الأردنية، علماً أن الأميركيين يملكون حجم نفوذ مباشر في الأردن يفوق بأضعاف ما يملكونه في لبنان، مع الإشارة الى توقيع واشنطن وعمان اتفاقية أمنية حديثة العهد ونقل قواعد أميركية من الخليج الى الاردن مؤخراً، وفي المقابل لا يُسمح للبنان بهذا الاستنثاء وللدواعي نفسها؟ علماً أن وزير الدفاع السوري زار عمان بدعوة من الأخيرة، وتم التطرق إلى ملفات التعاون في ضبط الحدود والتنسيق الأمني والعسكري، كما أن الأردن يمثل نقطة التقاطع بين الدول التي كانت في مراحل سابقة عنوان الحرب على سورية”. ويضيف المصدر: “إذا كانت الحاجة إلى حل جزءٍ من أزمة الكهرباء والمحروقات يستدعي وفق المعيار الأميركي إزالة بعض العقوبات، فألا يستدعي حل عشرات الأزمات التي يعاني منها لبنان التواصل المباشر مع سورية؟ ومنها:

-استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن
-تفعيل خط نقل النفط العراقي إلى طرابلس ومصفاتها عبر سورية الذي يؤمن حاجات لبنان من المحروقات
-خط الترانزيت بين مرفأ بيروت وبغداد والممر الإلزامي من سورية
-مشاركة لبنان في إعادة إعمار سورية
-أزمة النزوح
-أزمة البلوك النفطي رقم 1
-تهريب المحروقات والدولار وضبط سعر الصرف وصفائح المحروقات في البلدين“.

وفي سياق متصل، يذكّر الوزير منصور بالاتفاقيات الموقعة بين سورية ولبنان والتي تعطلها حكومات لبنان المتعاقبة، والتي تحتم اجتماع الدولتَين على مستوى رئيسَي الجمهورية كل سنة وعلى مستوى رئيسَي الحكومتَين مرة كل ستة أشهر وعلى مستوى وزيرَي الخارجية مرة كل شهر.

فهل يلتقط ميقاتي الفرصة العربية الدولية ويطرق باب دمشق؟

يعتقد منصور في حديثه لـ”أحوال” أن “ميقاتي أخطأ وتورط في تصريحاته حول زيارة سورية”، مضيفاً: “اعتبارات كثيرة تحتّم على لبنان أن يعزّز علاقاته مع دمشق، لكن رئيس الحكومة ينتظر إشارة أميركية وموافقة دول خليجية… فأين السيادة في هذا الموقف؟”.

هذا ولم تُصدر سورية أي موقف حتى الساعة من الحكومة اللبنانية، ولا زيارة رئيس الحكومة إليها.

وتنقل مصادر سياسية مقرّبة من دمشق عنها لـ”أحوال” عتب وامتعاض القيادة السورية من أطراف لبنانية كانت تُعتبر حليفة في السابق، بسبب موقفها خلال العشر سنوات الماضية. وتلفت المصادر إلى أن “هذا الشهر هو التوقيت المثالي لزيارة ميقاتي إلى سورية، وأي تأجيل سيُرى بالمنظار السوري أنه ينطلق من حسابات خارجية وليس من حسابات القناعة وحسن النية والجوار النابعة من تاريخ وعمق العلاقات الأخوية بين البلدين”.

وعلم “أحوال” في هذا السياق أن رئيس الحكومة الأردني نصح ميقاتي بالتواصل الرسمي والمباشر مع سورية كما تفعل الأردن، إلا أنه بحسب أوساط رسمية فإن التوجه الحكومي ولا سيما رئيس الحكومة هو التريث بانتظار الموقف الخليجي والأميركي والإكتفاء بإرسال وفود تقنية أو الوزير المختص إلى دمشق وعمان لمتابعة الإجراءات الجارية لإعادة تفعيل الخط العربي.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى