كان يبلغ إنتاج لبنان من الحمضيات قبل 15 عاماً حوالي 500 ألف طن، ولكنّه اليوم قد لامس 250 ألف طن، وكان الجنوب اللبناني “مصنعاً” للحمضيات، فكان يسيطر على ثلثي الإنتاج اللبناني، ولكن مع مرور الوقت، وبسبب الكساد الذي كان يصيب المواسم، بدأ المزارع اللبناني بالانتقال التدريجي من زراعة الحمضيات الى زراعات أخرى يمكن تصديرها الى الخارج، كالموز والأفوكا، ولكن اليوم اختلف الحال، فمع ارتفاع سعر الدولار، وانخفاض قيمة العملة اللبنانية أصبح الإنتاج اللبناني هدفا سهلا ورخيصا للدول العربية، فازداد التصدير، وارتفع السعر في لبنان.
أسباب ارتفاع سعر الحامض
منذ أسابيع ارتفع سعر الحامض في لبنان الى مستويات قياسية لم يشهدها السوق اللبناني سابقا، اذ لامس حدود الـ 10 آلاف ليرة للكيلو الواحد، والسبب بحسب رئيس تجمع مزارعي الجنوب محمد الحسيني، لا يمكن حصره بالتصدير بل هو على الشكل التالي:
أولاً، ارتفاع كلفة الأدوية والتسميد، فالمدخلات الزراعية تُستورد من الخارج على أساس الدولار، ما أدى لتضاعف الكلفة.
ثانياً، ارتفاع نسبة التصدير للإنتاج اللبناني بعد أن أصبح سعر المنتج منافساً في الدول العربية وتحديداً الاردن، فأصبح لبنان يصدر ثلثي إنتاجه من الحامض مثلاً، وبقي الثلث الثالث للاستهلاك المحلي، ما تسبب بارتفاع السعر، لأنّ الطلب يزداد والعرض يقلّ، خصوصا في أشهر الصيف حزيران، تموز، وآب، حيث يتوقف إنتاج الحامض، في لبنان وسوريا، ومن ثم يعود في أيلول، وبالتحديد اكثر بسبب الضرر الذي تعرض له موسم الحامض الاخير جرّاء الهواء الشرقي الذي ضرب لبنان، فأسقط نصف المحصول على الأرض.
ثالثاً، وهو سبب ثانوي أدى لارتفاع الطلب، وهو “الكورونا” حيث تهافتت الناس على شراء الحمضيات لما تحتويه من فيتامين “سي”.
وزارة الزراعة لجمت التصدير
يصدر لبنان إنتاجه من الحمضيات الى الأردن ودول الخليج العربي والعراق عبر الاردن، وما حصل بسعر الدولار وإن انعكس بشكل إيجابي على المزارع، إلا أنه انعكس بشكل سلبي على المستهلك، لذلك تدخلت وزارة الزراعة بعد استشارة النقابات، وفرضت الحصول على إجازات مسبقة قبل التصدير، وبالفعل نجحت بحسب مصادر فيها أن تكبح ارتفاع الأسعار، فعادت لتنخفض مجددا، ولو لم تصل الى حدودها السابقة، اذ لا تريد الوزارة ضرب المزارع اللبناني وبنفس الوقت لا تريد وصول السعر الى مستوى لا يتحمله المستهلك.
وتضيف المصادر عبر “أحوال”: “وزارة الزراعة تدخلت بعد رفع الصوت من قبل المستهلك، ولكن عودة الأسعار الى سابق عهدها لن تتم ما دام الدولار في هذا المستوى، لأن قسما من كلفة الإنتاج تتعلق بالدولار، ولو أن الوزارة تحاول تقديم الدعم قدر الإمكان”، مشيرة الى أنها منعت التصدير في بعض الأحيان ولكن هذا لا يعارض سياسة الإقتصاد الحر، لأن عدم تدخلها سيعني أيضا إغراق السوق اللبناني بالمنتجات المستوردة، وبالتالي لن يتمكن المزارع اللبناني من منافسة هذه البضائع بسبب كلفتها المنخفضة نسبة لكلفة الإنتاج في لبنان.
التصدير سيستمر ولكن..
تشير مصادر وزارة الزراعة الى أن الوزارة لا يمكن أن تتفرج على الاستيراد والتصدير تحت ذريعة الاقتصاد الحر لأن فتح الاستيراد العشوائي والتصدير الحر يعني انهيار القطاع الزراعي في لبنان، والسياسات العشوائية لن تؤدي إلا لأن لا يكون لدينا زراعة وصناعة لبنانية، لذلك سيتم المواءمة بين حاجات لبنان وحاجات المزارع.
من جهته يؤكد الحسيني أن ارتفاع سعر الليمون هو أمر طبيعي نسبة لتبدل سعر الدولار، وتوقيت الموسم، ولكن سعر الحامض لم يكن طبيعيا، ولا يفترض أن يرتفع الى تلك النسبة مجددا، ولكن هذا لا يعني أن التصدير سيتوقف، إنما سيتم التصدير بشروط، بحيث لا ترتفع الأسعار على المستهلك اللبناني بشكل جنوني.
محمد علوش