نيترات بدنايل بين الوقائع والاستثمار السياسي الرخيص
لم تتوضح بعد تفاصيل عملية ضبط نيترات الأمونيوم في بدنايل في البقاع، فالتكتم الشديد يحيط بما جرى، تحديداً داخل دوائر القرار في وزارة الداخلية والبلديات، ولكن من خلال محاولات استثمار الملف يمكن التطرق إلى بعض النقاط.
تُشير مصادر مطلعة إلى أنّ عملية ضبط النيترات جاءت بعد “إخبارية” عن وجودها في إحدى الشاحنات، وأنّ ملكيتها تعود إلى شخص من آل صلح يعمل في المجال الزراعي، وبحسب المعلومات المتوفرة فإنّ صاحب البضاعة يقول بأنّه اشتراها على أساس أنّها أسمدة لمزروعاته، أي أنّ نسبة الآزوت فيها لا تزيد عن 29 بالمئة، وهذه النسبة لا تجعل هذه المواد خطرة.
وتشدّد المعلومات على أنّ الكثير من الأخبار التي انتشرت غير دقيقة أو غير مؤكدة بعد بانتظار التحقيق فيها، على سبيل المثال فإنّ الفحوص الأولية التي اجريت على النيترات أظهرت نسب الآزوت مرتفعة، تزيد عن 33 بالمئة، أي تشبه إلى حد بعيد نسب الآزوت بالبضاعة التي انفجرت في المرفأ، وبالتالي فإن التحقيقات تحاول تبيان صدق صاحب البضاعة أو كذبه بشأن النيترات، ومن ثم تتبع كيفية الحصول عليها، بعيداً عن ما قيل وكُتب.
لا تنفي المصادر ولا تؤكد ما قيل عن صاحب النيترات الحقيقي، مشيرة إلى أنّ مشتري البضاعة يؤكد أنّ عملية الشراء كانت شرعية وقانونية وواضحة وهذا ما سيتم التحقق منه، خاصة أنّ استيراد النيترات يحتاج إلى أذونات خاصة من جهات محددة ومعروفة تبدأ في مجلس الوزراء، ولا تنتهي في وزارة الدفاع، ولن يكون صعباً التوصل إلى الحقيقة، مشيرة إلى وجود احتمال أن تكون البضاعة مستوردة منذ زمن وموجودة في لبنان، كما احتمال أن تكون من البضائع المهرّبة من نيترات المرفأ، ولو أنّها موضوعة في أكياس جديدة.
ولكن بعيداً عن التحقيقات، كان لافتاً سعي بعض وسائل الإعلام إلى اتهام حزب الله بالنيترات، الأمر الذي يثير الشبهات حول الجهات السياسية التي تتبع لها وسائل الإعلام هذه، إذ أنّه يبدو غريباً بعض الشيء نشر خبر على موقع حزبي ينسب لمصدر “معارض” قلقه من ارتباط النيترات بما حكي في الأشهر الماضية عن دور لحزب الله بنقل النيترات من مرفأ بيروت قبيل انفجاره، فهل المطلوب إبعاد الشبهات عن المتورط الحقيقي أو التأثير على الرأي العام، أو استثمار ملف بهذا الحجم ضمن الزواريب الداخلية؟
اصطدم القاضي المولوي فور دخوله وزارة الداخلية بملف شائك ومعقد، وطريقة تعاطيه معه ستكشف أي وزير داخلية هو، فهل يصارح اللّبنانيين بالحقيقة كاملة منعاً للتأويل؟
محمد علوش