منوعات

الكابيتال كونترول: كذبة المجلس النّيابي الفارغة

شبع قانون “الكابيتال كونترول” درساً وتمحيصاً بين اللّجان النّيابية والمنظومة السّياسيّة، بعد أن تطلّب إعداده زمناً قياسيّا، تعدّى السّنة ونصف السّنة، ما أفقده الجزء الأكبر من قوة تأثيره، على وضع ضوابط استثنائيّة على السّحوبات والمعاملات النّقديّة.

البعض يرى أنّ القانون أصبح بلا جدوى لأن “يلي ضرب ضرب ويلي هرب هرب”، فيما يؤيد فريق آخر الوصول إلى قانون ينظّم ويضبط عمليّة السّحوبات النّقديّة والتحاويل إلى الخارج.

لماذا يرفض البعض هذا القانون، هل هو فعلاً قاعدة للاصلاح أم أنّه بلا فائدة؟ هل سيمرّ في المجلس النّيابي؟ ومن يعرقله؟

كذبة المجلس النّيابي

مستشار اتحاد المصارف العربيّة، بهيج الخطيب، يؤكد لـ “أحوال” أنّ اقتراح قانون الـ”كابيتال كونترول”، الذي يفرض قيوداً على حركة الأموال، لفترة محددة بهدف منع هروبها إلى الخارج، هو كذبة المجلس النّيابي الذي يريد عرقلته، وتعامل مع الملف وفقاً لما تمليه مصالح الفئة الأكثر نفوذاً في المنظومة المصرفيّة والسياسيّة الفاسدة، ما شرع الاستنسابيّة، على حساب سائر المودعين، كما أن تأخيره كان كفيلاً بتهريب مليارات الدولارات بعد ثورة 17 تشرين.

كابيتال كونترول مقنّن

القانون سقط، بعد أن أن هرّبت المصارف ما يمكن تهريبه من الأموال، كان يُنتظر من القانون أن يحتوي على ضمانات للمودعين، للتأكّد من شفافية معايير عمليّة ضبط السّيولة، لجميع العملات، خصوصاً وأنّ السّحب من الودائع الدّولاريّة باللّيرة اللبنانيّة، وفقاً للتعميم 151 تُرك بيد مصرف لبنان، ليحدد السّقوف وسعر الصّرف على هواه، فعلى أي أساس حدّد سعر 3900 للدولار المصرفيّ منذ بداية الأزمة؟

يقول الخطيب، “بحسب تعميم مصرف لبنان 151، تم تحديد سعر صرف الدّولار على المنصّة بـ 3900 ليرة لبنانيّة، بعد أن هوت العملة المحليّة، واقتربت من 6000 ليرة مقابل الدّولار في السّوق الموازية، وقد جاء هذا التّعميم بحجّة خدمة المودعين، لسحب جزء من أموالهم تلبية لاحتياجاتهم الشّهرية، لكن فعلياً هم يطبقون الكابيتال كنترول بطريقة مقنّنة.

ضرورة التّشريع

ولا شكّ أنّ الشّؤون الاقتصاديّة في لبنان لا تنفصل عن الحيثيات السّياسيّة، اذ يؤكد الخبير الاقتصادي زياد ناصر الدين “ضرورة تطبيق الكابيتال كنترول منذ بداية الأزمة، على أن يرافقه خطة إصلاحيّة شاملة تضبط خروج الأموال، بهدف حماية الاحتياطي المالي”.

ويضيف ناصر الدين “قبل تشريع الكابيتال كنترول، علينا معرفة الهدف الأساسي من القانون، وما نريد حمايته؟ كيف نريد الاصلاح وبأي طرق سنقوم بالبناء؟ كل ذلك، يتطلّب تشكيل حكومة اصلاحيّة، بعيدة عن التّجاذبات السياسيّة في ملف إقرار القانون”.

توقيت غير مناسب

في المقابل، يوضح الخبير الاقتصادي والمصرفي محمد أبو الحسن أنّ “توقيت تطبيق الكابيتال كونترول غير مناسب، ولكن يجب أن يأخذ هذا التّشريع مساره في التّطبيق، للحد من الفوضى والاستنسابيّة السائدين حالياً. إنّه ضروري باتّجاه الاستقرار الاقتصادي والنّقدي والمصرفي، ويسمح بالتّصرف بالتّحويلات الجديدة دون قيود، ما يعيد الثّقة تدريجياً في القطاع المالي، وبالتّالي تحفيز الاقتصاد الوطني بشكلٍ عامّ”.

ويتابع أبو الحسن “لبنان يعيش أسوأ أزمة اقتصادية هددت استقراره، لا سيما بعد أن أعلنت الدّولة عجزها عن سداد سندات “اليوروبوندز”، ما وضع الدولة أمام حالة شبه إفلاس، والاقتصاد اللبناني تحت وطأة الضغوط، وسط تعثر ولادة الحكومة العتيدة، ما يعيق فرص اتخاذ إجراءات حاسمة للجم التّدهور، وإعادة بناء ثقة المودعين بالمصارف، وجذب الأموال من الخارج وتوحيد سعر الصّرف”.

ويشدّد أبو الحسن على “ضرورة وجود رؤية واضحة أولاً، من خلال حكومة قادرة على اتخاذ خطوات جريئة نحو الإصلاح الاقتصادي، الذي ينتظره المجتمع الدولي من لبنان. ومع ذلك، لم تجرِ السلطة أي إصلاحات حتى اللحظة، بل تصر على السير بالنّهج المعتاد لإدارة البلاد”.

عرقلة سياسيّة

هذا في الإطار المصرفي والاقتصادي، أمّا في إطار المودعين، فتحمّل رابطة المودعين “السّياسيين والمصرفيين النافذين مسؤوليّة عدم قوننة هذا الإجراء، لتمرير مصالحها، رغم أنّ كلّ المصارف تطبّقه بطرق استنسابيّة”.

وتقول الرّابطة عبر موقعنا أن “يُشرّع القانون خيراً من أن لا يشرّع، إنّه الوحيد القادر على ضبط الفلتان النّقدي، وحماية وادائعنا، وليس التّعاميم الواهية”.

ناديا الحلاق

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى