مجتمع

الكهرباء 24/24… لمَ لا يذهب لبنان إلى الطاقة الشمسيّة؟

لبنان الغارق في أزماته التي لا تعد ولا تحصى، في ظل شح الحلول وانسداد الأفق لأيّ حل، تبقى أزمة الكهرباء هي أم الأزمات كونها كلّفت خزينة الدولة المليارات وزادت دينه العام بنسبة كبيرة، ومع ذلك بقي لبنان غارقًا بالعتمة.

وفي البحث في تفاصيل هذه الأزمة نجد أن الحكومات المتعاقبة أغفلت الحلول الناجعة لمعالجتها، واكتفت بمعامل إنتاج الطاقة العاملة على الفيول، مع الخطط الترقيعية لبواخر الطاقة، وطالبت حينًا آخر باستبدال الفيول بالغاز الطبيعي، لكن الحكومات غاب عن ذهنها أنّ البلدان المنتجة والمصدّرة للنفط بدأت تعتمد على المصادر المتجدّدة والنظيفة للطاقة عوضًا عن النفط، كالطاقة الشمسية والرياح والأمواج وغيرها.

ولأنّ الدولة غائبة عن أيّ حل، بدأ المواطن اللّبناني بالبحث عن الحلول البديلة، والطاقة الشمسية أوّلها كون معظم المناطق اللّبنانية تحظى بساعات طويلة من الشمس، من هنا برزت العديد من المبادرات بالتعاون مع الشّركات المستوردة لأنظمة توليد الطاقة الشمسية، بغية تأمين هذه الأنظمة للمنازل والمؤسسات.

الأزمة الحاصلة شكّلت عامل توعية حول الطاقة المتجددة من الشمس، وهي طاقة مهدورة في لبنان. فبالإضافة إلى ارتفاع كلفة الكهرباء يواجه اللّبنانيون أزمة فقدان مادتي البنزين والمازوت من السوق، ما أدّى إلى انقطاع الكهرباء بشكل تام، وبذلك ارتفع الطلب على أنظمة الطاقة الشمسية من أجل تأمين الكهرباء.

يعمل هذا النظام على الطاقة الشمسية مباشرةً يعني خلال فترة النهار ينتج النظام الطاقة الشمسية للمنشأة، وفي الليل ينتج الطاقة من البطاريات التي تكون قد خزّنت الطاقة من الشمس في النهار، وبهذا تؤمّن الكهرباء على مدار السّاعة، وفي الاستهلاكات الكبيرة هناك مصانع ومستشفيات ومدارس وجامعات ومضخّات المياه التي تؤمّن وصول المياه للأحياء والمنازل، جميعها يمكنها أن تعتمد على الطاقة الشّمسية وتوفّر بذلك مبالغ طائلة تُصرف على الكهرباء.

يقول مدير عام شركة سمارت بيزنيس التي تدير مبادرة سمارت باور بسام كرم في حديثه لـ “أحوال” إن “نظام الطاقة الشمسيّة نظام صديق للبيئة بامتياز، عكس الطاقة المُنتجة من المحروقات وما تسببه من أمراض جراء الانبعاثات السامّة، وبالتالي التخفيف من كلفة العلاجات، أمّا اقتصاديًّا فالفيول من أعلى كلف الإنتاج للطاقة، عدا عن كلفة الصيانة والتجديد وغيرها”.

على مستوى الدولة تستطيع الدولة أن تبني حقولًا كبيرة من ألواح الطاقة الشمسية في 90% من مناطق لبنان، كونها تتلقى أشعّة الشمس لفترات طويلة، ثانيًا على ضمن نطاق البلديات كون لديها مولّدات الاشتراكات إضافةً إلى تشغيل منشآتها ومرافقها، إذ تستطيع أن تعتمد على الطاقة الشمسية بشكل أساسي، وبالتالي توفّر الكثير من المال على خزينتها، كذلك الأمر بالنسبة للأفراد فيمكنهم شراء هذا النظام وتركيبه على سطوح منازلهم وتوفير الكثير من المال وتأمين الطاقة طوال اليوم، وفق ما يشير كرم.

الكثير من الدول سبقت لبنان إلى الطاقة النظيفة والمتجدّدة، وأمّنت ساعات التغذية 24/24، أما في لبنان فخبرية 24/24 تبقى حلمًا للناس ويبقى شعارًا للسياسيين يستخدمونه في برامجهم الانتخابية، والنتيجة تكون العتمة، ربما يعلم القيّمون على قطاع الطّاقة أن هذه الحلول ذات كلفة أقل وصديقة للبيئة في الوقت عينه، إلّا أنّها غير مربحة لجيوبهم، لذلك تبقى حلولًا بعيدة المنال.

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى