رياضة

دوري السوبر الأوروبي.. بداية النهاية لدوري أبطال أوروبا ؟

لربما سنشهد مع الأيام المقبلة ما يُعرف بالـ "Updating Champions League"

على مدار الساعات القليلة الماضية، تصاعدت وتيرة الأحداث والأحاديث عن دوري السوبر الأوروبي، البطولة الجديدة التي أعلنت عنها أندية الصفوة في القارة الاوروبية، والتي يبدو أنها لو انطقلت فعليًا فستكون بداية النهاية للبطولة الأعرق في أوروبا، الا وهي دوري الأبطال.

ما هو دوري السوبر الأوروبي؟
هو بطولة أعلن عنه 12 ناديًا أوروبيا، وسينطلق قريبا مع انضمام 8 أندية أخرى للوصول إلى 20 ناديًا، وسيُعرفون “بالمؤسسين”.
والأندية هي 6 من إنكلترا (مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي وتشلسي وأرسنال وتوتنهام هوتسبير وليفربول)، و3 أندية إيطالية (يوفنتوس وميلان وإنتر ميلان)، و3 أندية إسبانية (ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد).
ومن المنتظر أن تنضم 8 أندية أخرى غير معروفة بعد، من بينها 3 ستُعلن اللحاق بركب البطولة مباشرة، بينما تتأهل 5 أندية أخرى بناء على نتائجها في الموسم السابق.

بداية الفكرة
للوهلة الأولى عزيزي القارىء، ستعتقد أن الفكرة وليدة اليوم أو السنوات القليلة الماضية، ولكن وببحث صغير في تاريخ عالم المستديرة، ستعلم أنها تعود الى ثمانينات القرن الماضي، حيث كانت الوجبة الأدسم لأحاديث ونقاشات الأندية الأوروبية الصفوة خلال اجتماعاتها، والتي تبلور عنها حينذاك بطولة دوري أبطال أوروبا عام 1992 بشكلها الحالي والتي هي أقرب تصور لبطولة السوبر الأوروبي بعد ان كانت تُسمى كأس أوروبا. ولك أن تعلم أن دوري الأبطال خلال انطلاقته بشكله الجديد، أوجد شعوراً كبيراً بأن تلك البطولة قد تضر المسابقات المحلية! ولكن ومع الوقت، ومن حسن حظ الكبار، بات لا غنى عنها، وزد على ذلك، أنها اضبحت تدعم المسابقات المحلية، وتضفي طابعاً تنافسياً قوياً، ومعها الدوري الاوروبي.
وفي عام 2018 أصدرت صحيفة “دير شبيغل” الألمانية تقريراً أوضحت من خلاله أن هناك وثائق مسربة تشير إلى اتجاه الأندية لإقامة بطولة بين صفوة كبار أوروبا على أن تستقل عن “اليويفا” لتحظى ببطولتها الخاصة عام 2021.
ومنذ ذلك الحين، اشتعلت أروقة كرة القدم، تحقيقات وتقارير ومقالات، والكثير من الأحاديث القلقة، وباتت كلمة “تهديد”، الراعي الرسمي للجماهير أو المنظمين للبطولات “كالإتحادات”، أو من “اليويفا” نفسه، الذي اعتبر وجودها بداية نهاية عصر دوري أبطال أوروبا، والمؤثر الأبرز بالسلب على الدوريات المحلية من ناحية أن صفوة الأندية الأوروبية، ستركز كل قوتها على دوري السوبر لقوته وقوة عوائده وستهمل ما تقدّم وما تأخر.

المال يحكم العالم، فهل تُستثنى كرة القدم؟
نعيش اليوم في عالم المال والأعمال والاستثمارات. هو واقع مفروض ولا قدرة لنا على تغييره، وكرة القدم، شأنها من شأن هذا العالم. والأندية بكل بساطة تحولت الى مؤسسات استثمارية على قاعدة أنه “إن لم تملك المال والعوائد والاستثمارات، فستضمحل وتختفي”.
ومما لا شك فيه، تعتبر عوائد البث في عالم كرة القدم، أحد الأعمدة للإيرادات المالية الضخمة، وعلى هذا الاساس تحولت الفكرة الى حقيقة.
تخيل صفوة من الأندية الأوروبية تتصارع فيما بينها سنوياً على بطولة نخبوية جديدة، قم عندها باحتساب العوائد التي سُتجنيها؟ دون نسيان إمتاعك عزيزي القارىء! لربما أنت اليوم منفعل، وتتحدث من خلال عاطفتك عن كرة القدم الخاصة بالفقراء، والبعيدة عن المال. ولكن دعني أسألك، إن خُيرت بينك وبين نفسك، أن تُشاهد دوري أبطال أوروبا، أو تشاهد صفوة الأندية الأوروبية تتنافس فيما بينها، فماذا تختار ؟
الإجابة التي ستختارها، كانت نتيجة دراسات عدّة أثبتت أن معظم الجماهير لم تعد تهتم كما كانت في الماضي بمباريات دور المجموعات لكنها تهتم أكثر بالمواجهات الإقصائية، وهذا كان دافعاً اضافياً بعد المال وعوائد البث لتحوّل الفكرة الى حقيقة.
ولك أن تعلم أيضاً، أن البطولة الجديدة حظيت فعليًا بدعم مادي يزيد عن 6 مليارات دولار، من بنك الاستثمار الأميركي العملاق “جي بي مورغان” ليكون الممول الرئيسي للرابطة، ورقم كهذا أشبه في أن يكون المنقذ الإعجازي بعد الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها هذه الأندية وغيرها جراء جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية.
وبحسب المعلومات، سيتولى فلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد، رئاسة رابطة دوري السوبر الأوروبي، على أن يكون نوابه جويل غلايزر من عائلة غلايزر المالكة لنادي مانشستر يونايتد وأندريا أنييلي رئيس نادي يوفنتوس.

اشتعال الحرب والسياسة تتدخل.. الى أين ؟
بعد الخطوة، اشتعلت الحرب، فـ “يويفا” أصدر بياناً مشتركاً مع الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم ورابطة الدوري الإنكليزي الممتاز والاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم ورابطة الدوري الإسباني والاتحاد الإيطالي لكرة القدم ورابطة الدوري الإيطالي.
البيان أكد أن “الجهود ستتوحد لإيقاف المشروع الذي يخدم المصالح الشخصية لقلة من الأندية”، وتابع أنه سيحظر على أي مشترك في هذه البطولة اللعب في البطولات المحلية، أو الأوروبية أو العالمية، واللاعبون لن يشاركوا مع منتخباتهم كذلك”.
وانتقد قادة سياسيون الأندية المعنية أيضاً، إذ قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنه يتعين عليهم “الرد على جماهيرهم”. مضيفاً أنه “يجب على الأندية المشاركة الاستجابة لمشجعيها ومجتمع كرة القدم الأوسع قبل اتخاذ أي خطوات أخرى”.
كما انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المخطط، وقال قصر الإليزيه لـ”فرانس برس” إن “رئيس الجمهورية يرحب بموقف الأندية الفرنسية الرافض للمشاركة في مشروع دوري السوبر الأوروبي الذي يهدد مبدأ التضامن والجدارة الرياضية”.
ولكن بعد كل هذا القيل والقال في الساعات الماضية.. يبقى السؤال الى أين ؟
في عالم كرة القدم، دائماً ما تحصل العديد من المناوشات، أو ما يشبه الحروب، ولكن كما نعلم جميعاً، نهاية كل حرب، تكون بطاولة تفاوض، واتفاق يلزم الجميع، ويصب في خدمتهم.
ومن هنا أعتقد، ان الايام القادمة ستشهد مفاوضات، والتي ستنتهي بتعديلات كبيرة على دوري أبطال أوروبا، وتتحول بعدها الى شكل جديد، من خلاله تحافظ اليويفا والاتحادات على كياناتها، وعلى اعتبارها الرأس المدير للبطولات، وطبعا ستحافظ الاندية الصفوة على أوضاعها وفكرتها، ولربما نشهد ما يُعرف بالـ “Update Champions League”!
ولك أن تعلم عزيزي القارىء، انه عندما تسربت فكرة دوري السوبر، وضعت خطة من قبل يويفا، وهي تعديل نظام دوري أبطال أوروبا بشكله الحالي ليصبح مختلفا للغاية عن دور المجموعات والنظام المعهود.
“اليويفا” كان يعلم برغبة الأندية بإيجاد نظام جديد نتيجة شعورهم بالملل، وكانت فكرته تصب في جوهر دوري الأبطال، لا ببطولة أخرى، ولذلك قرر أن يطرح تغييرات لكي يستقطب المزيد من حقوق البث والمغريات لإثناء الأندية عن دوري السوبر الأوروبي.
وكان هناك نموذجان مطروحان لنظام الـ36 فريقا في دور المجموعات، كل منها يتضمن 10 مباريات في دور المجموعات لكل فريق، النموذج الأول يسمى 6 مجموعات من 6 فرق ويتأهل أول فريقين في كل مجموعة و4 من أفضل الثوالث لدور الـ16.
النظام الآخر والذي فضله الجميع، يدعى بالنظام السويسري، وهو نظام يلعب فيه كل فريق 10 مباريات مع فرق أخرى مرة واحدة، 5 على ملعبه وخمسة خارجه.
نظام القرعة فيه تم تصميمه ليمنح كل الفرق قائمة عادلة من المباريات ويسمح للجميع بأن يتم تصنيفه ضد أقرانه في جدول واحد.
أول 16 فريقا في الجدول سيتأهلون للمراحل الإقصائية.
وما بين دوري السوبر الأوروبي والنظام السويسري، تبقى الحرب مفتوحة، ولا مصير مرتقب لها، الا طاولة مفاوضات كما قلت مسبقاً، تحدد الالية النهائية. وهي ليست سوى مسألة أيام حتى نعرف مصير دوري الأبطال ونتيجة الحرب الدائرة، فهل هي بداية النهاية؟

أيمن جوني

أيمن جوني

صحافي لبناني. منتج ومنفذ محتوى متعدد الوسائط. يحمل شهادة الماجستير في الإعلام وإدارة البيانات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى