منوعات

ثلاثة أسباب وراء إطفاء معمل الزهراني الكهربائي  

في لبنان، الكهرباء والفساد متلازمتان لا تنفصلان. عوامل كثيرة أودت بهذا القطاع الحيوي الى التّهلكة، ووضعت اللّبنانيين في مهبّ العتمة في كلّ حين. وهي تبدأ بالهدر والمنافسة السياسية ولا تنتهي عند الحروب والتعديات والصّفقات  التي أهدرت ونهبت مئات الملايين من الدولارات. إذ شكّل قطاع الكهرباء الجزء الأكبر من الأسباب الكامنة التي أرهقت ماليّة الدّولة (تبلغ ما نسبته نحو 50% من الدين العام) وساهمت في امتصاص احتياطات البنك المركزي التي توفّر العملة الصّعبة منذ خمسة عشر عاماً بقيمة تخطّت ال30 مليار دولار.

خلاف بين مؤسّستين يودي إلى العتمة

لطالما هُدِّد اللبنانيون بين الفترة والأخرى بالعتمة الشاملة، تنوعّت الأسباب وبقيت النّتيجة واحدة، إمّا تقنين قاسٍ أو عتمة شاملة.

آخر فصول قصّة إبريق الزّيت هذه إطفاء معمل الزهراني الكهربائي بعد نفاد مادّة المازوت المشغّلة للمعمل. أكثر من مشكلة أدت إلى هذا المصير وهو ما سيؤثّر على التغذية الكهربائية لنحو ثلث المناطق اللبنانية، الجنوب والعاصمة بيروت.

المشكلة الأولى: الاعتمادات

وتشير مصادر خاصة ل”أحوال” إلى أنّ المشكلة الأساس هي في عدم القدرة على إفراغ حمولة باخرتي غاز أويل (رغم أن مصرف لبنان كان قد فتح الاعتمادات الّلازمة لها منذ يوم الأربعاء الفائت) بسبب تشدّد مصرف المراسلة “جي بي مورغن” وعدم موافقته على فتح الاعتمادات.

المشكلة الثّانية: خلاف على اختبارات المازوت

أما المشكلة الثانية  بحسب ما تؤكّد المصادر ل”أحوال”، فتتمثّل بخلاف بين شركة “سيمنز” الألمانية المصنّعة لمعملي الزّهراني ودير عمار من جهة وبين مختبرات Bureau Veritas دبي – الإمارات العربية المتحدة، المتعاقدة مع وزارة الطاقة والمياه – المديرية العامة للنفط، حول كيفية فحص عيّنات من الباخرتين.

هذا الخلاف الذي يعود بحسب المصادر إلى خمسة عشر يوماً (دارت مراسلات بين مؤسسة كهرباء لبنان وشركة سيمنز ومختبرات Bureau veritas ولكنّها لم تصل إلى نتيجة لحلّ المعضلة) حول اختبارات المواصفات بين المديرية العامّة للنفط ومؤسّسة كهرباء لبنان.

وتشير  مصادر “أحوال” إلى أنه بناء على توصيات شركة “سيمنز” بوجوب استخدام مازوت بجودة معينة (حدود المواصفات المطلوبة بما يتعلّق بالمادّة الصمغية unwashed gum content غير مطابقة وهي تبلغ 7 ميليغرام في كل 100 مليليتر) لتشغيل المعمل بشكل سليم وعدم تعريضه لخطر الأعطال، طلبت إدارة مؤسّسة كهرباء لبنان فحص عينة من الباخرة الراسية قرب المعمل قبل تفريغ حمولتها، لكنّ الطلب قوبل بالرّفض تحت حجّة أن هذا النوع من الفحوصات لا يمكن إجراؤه وهو غير متوفّر.

وبالتالي، نحن أمام خيارين تؤكّد المصادر: – إمّا تفريغ حمولة الباخرة من دون إجراء الفحوصات اللّازمة وبالتالي تعريض المعمل لخطر الأعطال في حال كانت المادّة المشغّلة غير مطابقة للمواصفات ( أي عطل قد يطرأ على المعامل لا يمكن إصلاحه لأن عقد الصّيانة شبه منتهي).

  • أو العتمة.

وتشير المصادر إلى أن مديرية النّفط عندما اشترت الفيول الجديد دفعت ضعف ما كان دُفع لشركة “سوناطراك” بحجّة أن حمولة هذه البواخر ذات مواصفات عالية. وبحسب تلك المصادر هناك غرامة على كل يوم تأخير لتفريغ الباخرة تبلغ 24000$ تحسم من موازنة كهرباء لبنان، وبالتّالي تعتبر المصادر أن رائحة سمسرات جديدة تلوح في الأفق.

المشكلة الثالثة: أزمة قناة السّويس

تشير المصادر إلى أن باخرة ثالثة، فُتحت اعتماداتها وحصلت على موافقة مصارف المراسلة، ما زالت عالقة في قناة السّويس بعد توقّف الملاحة فيها إثر جنوح سفينة الحاويات البنمية العملاقة “إيفر غيفن”.

تلك المشكلات مجتمعة، أدّت إلى نفاد مادّة الغاز أويل من معمل الزّهراني وتهدّد بنفاد تلك المادّة من معمل دير عمار أيضا الذي يكفي مخزونه لثلاثة أيام فقط.

وتؤكّد مصادر كهرباء لبنان لـ “أحوال” أن الموسّسة غطّت الفراغ الّذي أحدثه معمل الزّهراني بالتّغذية عبر معملي صور وبعلبك، وطلبت من منشآت النّفط تزويدها بكمّية من المحروقات لكنّ المشكلة في أن مخزون المنشآت لا يكفي.

يولّد لبنان معظم الطّاقة الكهربائية عبر 7 معامل هي الجيّة والذّوق وصور وبعلبك والزّهراني ودير عمار. وتواجه هذه المعامل إشكاليات كثيرة، أبرزها قدمها وتهالكها، بحيث بلغ عمر إحداها خمسين عاماً وتستخدم المحروقات مثل “الفيول أويل” و”الديزل” و”الغاز أويل” بدل الغاز الطبّيعي وهو ما يرتّب كلفة أكبر على خزينة الدّولة.

منال ابراهيم

 

 

 

 

 

منال ابراهيم

صحافية لبنانية. تحمل الإجازة في الإعلام من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى