سياسة

الحريري على قارعة انتظار الخارج

الأبواب موصدة أمام تشكيل الحكومة ولا مبادرة لبري بل أفكار وابراهيم يدوّر الزوايا

لن يترك الرئيس المكلّف سعد الحريري ساحة النزال الحكومي رغم طريقه المسدود.. حتى الآن، يستمر بالمناورة و”تجميل” أدائه بالتمسّك بالمعايير يُناور أمام الجميع محليًّا ودوليًا، بانتظار موقف دولي يدفعه إلى التشكيل على وجه السرعة.

خيارات الحريري للمرحلة المقبلة، متعدّدة، بحسب قول أوساطه، لكنه يحجبها عن لقاءات البحث على أن يتم الإفراج عنها تباعًا حسب تطور الأمور في المرحلة المقبلة!.

لا ينفك ساكن بيت الوسط، أمام سائليه عن ترداد أنّه لا زال منفتحًا على النقاش، ولكن.. ضمن الشروط التي وضعها لتأليف الحكومة، حكومة 18 وزيرًا تضمّ اختصاصيين دون أن يحصل أحدًا على الثلث المعطّل، وأي تواصل غير مبني على هذا الأساس لن يكون له أيّ نتيجة إيجابية، كما وأنّ الحريري كان واضحًا، لا تشكيلة حكومية جديدة.

ويبرّر تصلّب موقفه أنه التزامًا بحكومة اختصاصيين تقوم بالإصلاحات، كما طلب المجتمع الدولي لا يمكنه توسيع الحكومة ولا البحث في الأسماء مع الأحزاب.

ورغم المساعي والنداءات الصادرة عن مواقع متنوعة في البلاد وبعض التحركات الصادقة للدفع لتشكيل حكومة لكنّ المؤشرات لا تشير إلى احتمال إحداث خرق.

إمساك الحريري بالتأليف إلى أبد الآبدين يثير قلق جهات عدّة بينهم رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي وإن أبدى تعاونًا في التشكيل، إلّا أنه يميل إلى البحث عن بديل لإخراج البلاد من المأزق الحكومي.

هذا المأزق الذي لا حلّ قانوني ولا رابط دستوري له، لقد كبّل اتفاق الطائف المؤسسات اللّبنانية وتركها أسيرة النزاعات السياسية و”النوازع” الشخصية. “الاتفاق الخبيث” كما يصفه البعض أبقى على الاشتباك بين الرئاسات الثلاث والكيان اللّبناني مفتت بينهم.

الوزير والنائب السابق إدمون رزق وهو أحد مؤسسي الطائف، يتحدّث عن مهلة تشكيل الحكومة بالقول: “إنّنا لم نحدّد مهلًا لهذا المسار لأنّنا افترضنا أنّ الأمور البديهية لا تحتاج إلى فَرض، إذ أنّ مناقبية الحكم وحسّ المسؤولية يجب أن يحكما التصرفات والأداء. ولم يفترض المُشرّع أنّ أحدًا من المسؤولين سيعمد إلى تضييع الوقت، خصوصًا في الأزمات”.

وإذ غابت المناقبية وتحمّل المسؤولية وبات تضييع الوقت لعبة ضياع لبنان واللّبنانيين، تتولّى الدول الخارجية ممارسة ضغوط غير مباشرة حتى الآن على المسؤولين اللّبنانيين، لحثّهم على الإسراع بتشكيل حكومة قادرة أن تباشر بالإصلاحات، ولم يعد يهم الاختصاص ولا التكنوقراط ولا موضوع الثلث المعطّل كما كان يُشاع.

رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يلتقي الجميع، وبخلاف ما يُشاع عن مبادرة تقدّم بها لحكومة من 24 وزيرًا، ينقل عنه زواره أنّه لا يحمل مبادرة متكاملة وليس لديه شيئًا من هذا القبيل، بمعنى المبادرة الكاملة بل إنّ موقفه الأساسي هو حثّ الجميع على “تدوير الزوايا” وصولًا إلى حكومة دون الثلث المعطّل.

تدوير الزوايا هذه، هي نفسها، التي يهندسها المدير العام للأمن العام اللّواء عباس ابراهيم في جولات “سندبادية” حافلة من الاتصالات واللّقاءات مع مرجعيات ومعنيين بعملية تأليف الحكومة الموعودة.

مهمة توليد المبادرات والعروض والأفكار، تخفق في أن تُسهب في وضع النقاط على حروف الاشتباك، كما يرغب ابراهيم. ورغم تجاوب الجميع معه إيجابًا في جولاته بين قصر بعبدا وبيت الوسط وعين التينة، إلى صروح وأمكنة أخرى، إلّا أنّه لم يتمكّن بعد من التقاط “تعويذة” الحل المأمول.

المجتمع الدولي، الذي تنتظره بعض الجهات، احتار في أمر السياسيين اللّبنانيين. هذه الحيرة عبّر عنها أكثر من دبلوماسي حول الطريقة التي تتعامل فيها الأطراف اللّبنانية مع ملف التأليف رغم كل ما يعانيه لبنان، فيما المنطقة تعيش أخطر ظرف استثنائي من سوريا إلى الأردن وفلسطين والعراق واليمن وليبيا والسعودية، الدول التي تتقلّب بين الحرب والسلم والتفاوض والصراع.

وفي حين أنّ المراهقة السياسية تتحكم بالبعض، ويتعلّل البعض بالموقف الأميركي سببًا لتأخير الحكومة، فإنّ اللّهجة الأميركية مع إدارة جو بايدن تجاه حزب الله تراجعت بعد أن كانت الشغل الشاغل للإدارة الأميركية القديمة وأنتوني بلينكن لا يبدو على شاكلة مايك بومبيو.

لكنّ البعض اختار أن يكون بومبيو بدل أن يحوّل “التسليم” الأميركي الطفيف إلى فرصة للملمة الأوضاع بالحدّ الأدنى. لكن ثمة ميل إلى إضاعة الفرص وتحويلها لَمكاسب خاصة بحسب مطّلعين. بل يذهب البعض بعيدًا للعب أدوار خارجية أكبر منهم.

تريّث الرئيس المكلّف اللّامحدود مردّه، بحسب مصادر، انتظار المفاعيل التي سيؤول إليها اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي ليبني على الشيء مقتضاه، آخذًا بعين الاعتبار، كما أبلغ تمسك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمبادرته لإنقاذ لبنان ودعم الاتحاد له.

دوليًا أيضًا، يُنتظر اجتماعٌ أميركيٌ – أوروبيٌ سيُعقد افتراضيًا الإثنين، قد يتطرّق إلى الوضع في لبنان لناحية تقويم ما وصلت إليه الأمور، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات المناسبة بما يشمل البحث في مسألة فرض عقوبات مشتركة على المعرقلين كأحد الخيارات المطروحة على الطاولة!

الأبواب لا تزال موصدة أمام انطلاق أيّ حراك جدي، خلال هذا الأسبوع والتصلّب كبير، وفي حين ينتظر فريق أوروبا والعرب يُعوّل آخرون على دينامو اللّقاءات للّواء عباس ابراهيم، الذي سيواصل لقاءاته السياسية لجوجلة الآراء وتدوير الزوايا علّها تخرج بقيامة حكومية.

 

رانيا برو

 

رانيا برو

صحافية وكاتبة لبنانية. عملت في مؤسسات اعلامية لبنانية وعربية مكتوبة ومرئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى