صحة

“البوتوكس” يدخل السّوق السّوداء وتحذيرات من أبرٍ مغشوشة مضاعفاتها خطيرة

د. زياد مستراح لـ"أحوال":السّوق ناشط أمام منتحلي الصّفة وأبر التجميل الفاسدة

في الوقت الذي ترخي فيه الأزمة الإقتصادية بظلالها على حاجات اللبنانيين الأساسي~ة، خاصة الدواء، يبدو أنها بدأت تطال قطاعاً كان من أنشط القطاعات الطبّيّة في البلاد، وهو قطاع التجميل.

إذ تفيد الوقائع أنّ عالم التجميل يعاني أزمة خطيرة، قد تفتح الباب أمام مسلسل من عمليات الإحتيال سيدفع بعض اللبنانيين ثمنه غالياً.

وفي هذا السياق، يكشف طبيب الأمراض الجلدية والتجميل زياد مستراح، أنّ قطاع التجميل بكل تفرعاته، التي تشمل الطبيب وشركات الأدوية والمعدات والمستحضرات الطبية والمستشفيات، يعاني من أزمة بسبب الإنكماش الإقتصادي وأهمها تفاوت أسعار صرف الدولار.

ويقول في مقابلة مع “أحوال”: “أنا كطبيب أتأثر كما غيري من تدهور الأوضاع الإقتصادية، فالربح اليوم أقل من الأمس، فيما المصاريف ارتفعت كثيراً”.

ويضيف طبيب التجميل أنّ من جملة المعوقات التي يعانيها هذا القطاع اليوم ترتبط بمروحة من المشاكل، تبدأ باستيراد المستحضرات والمعدات الطبيّة بالدولار، وطريقة تعاطي المصارف مع المودعين، وآخرها تبدل أولويات الطبقة الوسطى التي بات جزء كبير منها يعتبر عمليات التجميل من الكماليات التي يمكن الإستغناء عنها.

ووفق تصريحات مستراح فإن هناك أطباء “لا يستطيعون استرداد ما دفعوه ثمن الأجهزة الطبية في عياداتهم، وإذا تعطلت إحداها فإنهم يقعون في مشكلة كبيرة، هذا فضلاً عن مصاريف أخرى أساسية كتكلفة القفّازات الطبيّة والحقن والكمامات”.

وداعاً للبوتوكس؟

قد يكون لبنان من أولى الدّول العربيّة التي عرفت نشاطاً غير مسبوق في كل ما يتعلق بالتجميل. يشير إلى هذا الأمر عدد الأطباء والمستشفيات المتخصصة بهذا النوع من الطب، وحجم العمليات التي تجرى فيه للبنانيين وعرب يأتون كل سنة في جولة سياحة طبية، ويقصدون أطباء نالوا حظاً كبيراً من الشهرة والنجاح.

لكن اليوم يظهر أن الوضع لن يكون كما كان عليه من قبل. إذ تنسحب الأزمة على أسعار حقن “البوتوكس” و”الفيلر” وهي من أكثر المواد التجميلية استخداماً، إذ يتم حقنها تحت الجلد لجعل الوجه أكثر نضارة، عبر الحدّ من التجاعيد وملء الفراغات التي تسببها الشيخوخة في الشفاه والجبين والعيون والخدّين.

وفي هذا الشأن يوضح دكتور مستراح أنّ حقنة البوتوكس ارتفع سعرها بنحو ثلاثة أضعاف عما كان عليه قبل الأزمة. حيث أن سعرها الثابت 240 دولار أميركي.

وفي حين يزعم بعض مستوردي الدواء أنّ الحقن التجميلية لا تخضع لدعم من مصرف لبنان، يؤكد مستراح أنها مسجلة مثلها مثل أي دواء آخر، لكن “بعض الشركات تقول إنّ المصرف المركزي رفع الدعم عنه”.

ويضاف إلى ذلك، أن كل مستحضرات وأدوية وحقن التجميل، طالتها هي الأخرى سياسة الإحتكار التي تعتمدها بعض شركات الأدوية. إذ يدّعي بعضها أن مخزونه من حقن البوتوكس قد نفذ بعدما باعها على سعر الصرف القديم (1500 ليرة للدولار)، ولم يعد بمقدوره الشراء بحسب دولار السوق السوداء، فيما تدعي شركات أخرى أن مستودعاتها باتت خالية من هذا النوع من الحقن.

يرى مستراح أن هذا القطاع سيشهد المزيد من المشكلات التي ستؤثر على سير عمله ونشاطه.

أما الخطورة فتكمن في احتمال انكشاف سوق التجميل على حقن “بوتوكس” مزوّرة أو فاسدة، علماً أن جزءاً صغيراً من الشركات المستوردة مسجلة لدى وزارة الصحة، في حين تعمد شركات أخرى تحت مسمّيات متنوّعة إلى إدخال البوتوكس عن طريق التهريب والتحكّم بسعره.

إذاً سنصبح مع الوقت أمام سوق تجميلية سوداء، حيث “سنشهد مشاكل كثيرة”، على حد قول مستراح الذي أوضح أن المقلق في الأمر هو “أنواع البوتوكس التي ستنتشر في سوق التجميل وهي غير مصرّح بها طبياً”. ذلك أن احتمال وجود مواد طبية مزوّرة قد يسفر عن مخاطر كبيرة تعرّض “المرضى” لمشاكل صحية.

هذا فضلاً عن الخطر المترتب على قيام عدد كبير من منتحلي الصفة بلعب دور الأطباء في حقن المريض بالبوتوكس، مستندين إلى بضع دورات تدريبيّة.

ماذا عن مستقبل أطباء التجميل؟

يجيب مستراح عن هذا السؤال بالقول إنّ الكثير من الأطبّاء في المرحلة المقبلة سيتوجّهون إلى دول الخليج، وإلى إجراء عمليّات على الطلب للحصول على دولارات طازجة تعينهم على إبقاء عياداتهم مفتوحة.

أما عن نسبة الإقبال، فيؤكد مستراح أنّه بات يقتصر على السيّدات والشابات منهن بنسبة كبيرة، لأنّ أكثرهن اعتاد على هذا النوع من التجميل ويدخل في سياق اهتمامهن بمظهرهن الخارجي.

في المحصّلة، تقف الكثير من النّساء أمام خيار الضروري، أما الكماليات ومنها عمليات التجميل، فمن المرجّح أن يستعاض عنها بخلطات طبيعيّة تعود إلى عقود خلت.

نانسي رزوق

صحافية منتجة ومعدة برامج تلفزيونية وأفلام وثائقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى