منوعات

السعودية في مواجهة العقوبات الأميركية بعد تقرير مقتل خاشقجي

بعد إصدار التقرير الاستخباراتي حول مقتل خاشقجي_ والذي طالب به الديمقراطيون في الكونغرس منذ فترة طويلة، قد يواجه بايدن ضغوطًا لاتخاذ مزيد من الإجراءات ضد المملكة أو ولي العهد نفسه.

وأشار التقرير إلى ضلوع ولي العهد السعودي باعتقال أو مقتل خاشقجي، نظراً لـ “سيطرة بن سلمان المطلقة” على عمليات المخابرات والأمن السعودية. ولفت التقرير إلى أنّ بن سلمان اعتبر خاشقجي تهديدًا للمملكة “ودعم على نطاق واسع استخدام إجراءات عنيفة إذا لزم الأمر لإسكاته”. كما أشار إلى أنه وقت مقتل خاشقجي، “عزز ولي العهد بيئة يخشى فيها معاونوه من أن يؤدي الفشل في إكمال المهام الموكلة إليهم إلى طردهم أو اعتقالهم”.

العقوبات الأميركية

لمّح مسؤولو الإدارة الأميركية الخميس إلى أنّ بايدن ربما يفكر أيضًا في إعلان نوع من العقوبة للسعوديين بمجرد إصدار التقرير.

وعندما سُئل عما إذا كانت الإدارة ستنظر في فرض عقوبات على أولئك الذين ثبتت مسؤوليتهم عن مقتل خاشقجي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس “أتوقع أننا  سنتحدث عن خطوات لتعزيز المساءلة للمضي قدمًا في هذه الجريمة المروعة. ”

فيما قال مسؤولون أميركيون اليوم الجمعة، إنّ إدارة بايدن ستعلن عن عقوبات وحظر تأشيرات تستهدف مواطنين سعوديين بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2018، لكنها لن تفرض عقوبات على ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان.

ويرى متابعون للملف الأميركي أنّ تصرفات الرئيس الأميركي جو بايدن في الأسابيع الأولى من إدارته كانت تهدف إلى الوفاء بوعود حملته الانتخابية لإعادة تنظيم العلاقات السعودية بعد أن اتهم منتقدون سلفه، دونالد ترامب، بمنح الحليف العربي ومنتج النفط الرئيسي فرصة للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، بحسب وكالة رويترز: إنّ النهج يهدف إلى خلق نقطة انطلاق جديدة للعلاقات مع المملكة دون كسر العلاقة الأساسية في الشرق الأوسط. وقد توترت العلاقات بشدة بسبب الحرب في اليمن ومقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية.

ويبدو أنّ القرارات متجهة للحفاظ على علاقة عمل مع ولي العهد، على الرغم من أن المخابرات الأميركية خلصت إلى أنه وافق على عملية القبض على خاشقجي أو قتله. “الهدف هو إعادة النظر في العلاقات – وليس تمزيقها؛ قال المسؤول الكبير في إدارة بايدن: “هذا بسبب المصالح المهمة التي نتشاركها”.

ولفت مسؤول الإدارة إلى أنّ وزارة الخزانة الأميركية ستفرض عقوبات على النائب السابق لرئيس المخابرات السعودية، أحمد العسيري، وستعلن فرض عقوبات على قوة التدخل السريع بالحرس الملكي السعودي.

فيما قال مسؤول ثان في إدارة بايدن إنّ الولايات المتحدة ستعلن أيضًا قيودًا على تأشيرات الدخول لأكثر من 70 مواطنًا سعوديًا كجزء من سياسة جديدة تستهدف الدول التي تنفذ أنشطة ضد الصحفيين والمعارضين خارج حدودها. وتشمل هذه الأنشطة جهود قمعهم أو مضايقتهم أو مراقبتهم أو تهديدهم أو إيذائهم. وقال مسؤولون أميركيون إنّ حظر التأشيرة سيطبق بشكل انتقائي على أفراد الأسرة.

بالإضافة إلى ذلك، ستبدأ وزارة الخارجية الأميركية في توثيق تقريرها السنوي عن حقوق الإنسان حول برامج المملكة العربية السعودية ودول أخرى تراقب المعارضين والصحفيين أو تضايقهم أو تستهدفهم.

ويؤكد مسؤولو إدارة بايدن أنّ القرارات المتعلّقة بالعقوبات وحظر التأشيرات سترسل رسالة واضحة حول الكيفية التي تريد بها الولايات المتحدة رؤية العلاقات الأميركية السعودية المستقبلية.

كما أنّه سيظل يُسمح للولايات المتحدة بالحفاظ على علاقة عمل مع ولي العهد، الحاكم الفعلي للبلاد البالغ من العمر 35 عامًا. وقد أجرى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن محادثات معه بالفعل.

ورداً على سؤال حول أي نقاش حول تطبيق عقوبات على ولي العهد، قال المسؤول الأميركي الأول إنّ الولايات المتحدة لم تطبق بشكل عام عقوبات “على القيادة العليا للدول”.

وقال مسؤول أميركي: “لقد توصلنا حقًا إلى استنتاج بالإجماع بأنّ هناك وسائل أخرى أكثر فاعلية للتعامل مع هذه القضايا في المستقبل”.

وأعلن بايدن في وقت سابق من هذا الشهر، وقف دعم الولايات المتحدة لحملة عسكرية بقيادة السعودية في اليمن، وطالب بإنهاء الحرب التي استمرت أكثر من ست سنوات.

لا عقوبات على محمد بن سلمان

على الرغم من وعده بمعاقبة كبار القادة السعوديين أثناء حملته الانتخابية، رفض الرئيس جو بايدن فرض عقوبات على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والذي اعتبره تقرير المخابرات الأميركية مسؤولاً عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

ويرى محلّلون أنّ عدم معاقبة الأمير محمد بن سلمان بشكل مباشر، يظهر صعوبة الانفصال عن حليف الولايات المتحدة الأميركية، بحسب الـ CNN.

وتعتبر الإدارة الأميركية أنّ هناك مخاوف من أن معاقبة محمد بن سلمان لم تكن أبدًا خيارًا حقيقيًا، وهي أمر “معقد للغاية”؛ إذ يمكن أن تعرّض المصالح العسكرية الأميركية في المملكة العربية السعودية للخطر. نتيجة لذلك، لم تطلب الإدارة حتى من وزارة الخارجية وضع خيارات لكيفية استهداف محمد بن سلمان بالعقوبات، على حد قول أحد المسؤولين في وزارة الخارجية.

في نوفمبر 2019، وعد بايدن بمعاقبة كبار القادة السعوديين بطريقة لم يفعلها الرئيس السابق دونالد ترامب. وقال حينها: “هناك القليل جدا من قيمة الاسترداد الاجتماعي في الحكومة الحالية في المملكة العربية السعودية،  ويجب أن يحاسبوا “.

لكن العلاقة بين واشنطن والرياض تيدو قيّمة للغاية بالنسبة لإدارة بايدن، والتي لا تبدي استعدادها للتخلي عنها إطلاقاً من خلال معاقبة الرجل الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه يدير المملكة.

وفي هذا السياق، قال مسؤولو وزارة الخارجية إنّ إدارة بايدن قد أوضحت نقطة بعدم قلب أي مناقشات على مستوى العمل بين البلدين لأن العلاقة الأمنية مهمة للغاية.

من نواح كثيرة، هذه الحسابات هي نفسها التي اتخذتها إدارة ترامب عندما قررت عدم معاقبة محمد بن سلمان.

واعترف المسؤولون في كل من إدارتي ترامب وبايدن سراً بأنّ المملكة العربية السعودية شريك مهم في إجراءات مكافحة الإرهاب وقوة إقليمية موازنة لإيران، مما يجعل أي محاولة للابتعاد عنها شبه مستحيلة.

السعودية تستنكر

استنكرت وزارة الخارجية السعودية ما ورد في تقرير المخابرات الأميركية حول مقتل خاشقجي، وأصدرت بياناً جاء فيه: إنّ حكومة المملكة ترفض رفضاً قاطعاً لما ورد في التقرير الذي زوّد به الكونغرس بشأن جريمة مقتل المواطن جمال خاشقجي.

وأعلنت الحكومة السعودية رفضها القاطع لما ورد في التقرير من “استنتاجات مسيئة” و “غير صحيحة” عن قيادة المملكة.

واعتبرت وزارة الخارجية في بيانها أنّ مقتل خاشقجي جريمة نكراء شكّلت انتهاكاً صارخاً لقوانين المملكة وقيمها، ارتكبتها مجموعة تجاوزت كافة الأنظمة وخالفت صلاحيات الأجهزة التي كانوا يعملون فيها، وقد تم اتخاذ جميع الإجراءات القضائية اللازمة رحبت بها أسرة الخاشقجي.

الديمقراطي: الفوضى لن تستمر

أشاد المشرّعون الديمقراطيون، الذين عملوا لسنوات كي يتخذ الرئيس دونالد ترامب موقفاً أكثر صرامة بشأن قضية خاشقجي، بإصدار التقرير.

وقال السناتور الديمقراطي رون وايدن في بيان إنّ “صحافته الشجاعة كلّفت جمال حياته. ومع ذلك فقد قامت الإدارة الأخيرة على مدى سنوات بحماية النظام السعودي من أي نوع من المسؤولية أو التدقيق. اليوم، بفضل الرئيس بايدن، ترسل أميركا رسالة مفادها أنّ هذه الفوضى لن يستمر.”

وقال النائب آدم شيف، الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا، الذي يرأس لجنة مجلس النواب المختارة للاستخبارات، إنّ “أعلى مستويات الحكومة السعودية، بما في ذلك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، متورطون في مقتل الصحفي والمقيم الأميركي جمال خاشقجي، وهناك لا مفر من تلك الحقيقة الصارخة”. وقال شيف أيضًا في بيان إنّ التقرير “يبرز سبب تكرار ادعاءات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بأنّه إما غير مدرك لهذه الجريمة الشنعاء أو غير متورط فيها”.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى