صحة

أطباء نفسيون يحذّرون من هذا المرض جرّاء كوفيد_19

يتفق أطباء الصحة النفسية أنّ وباء كورونا قد سبب وابلاً من المشاكل في ما يتعلّق بالصحة النفسية للفرد، جرّاء الحجر المنزلي والتخوّف من التقاط العدوى. وأكثر ما حذّر منه الأطباء هو مرض “البارانويا”، وهو اضطراب عقلي يتسّم بالأوهام ومشاعر عدم الثقة الشديدة، والريبة، والاستهداف من قبل الآخرين. كما تعني “البارانويا” أيضًا الذعر، والشك غير العقلاني بالآخرين.

أسباب الذعر التي خلّفها فيروس كورونا

دفعت ثلاثية الوباء والعزلة الاجتماعية المطلوبة والاضطراب الاجتماعي، الكثير منا إلى سلوك أكثر تطرفًا، بما في ذلك “البارانويا”. وقد أدى الوباء أيضًا إلى بيئة اقتصادية غير مطمئنة، حيث يشعر الناس بالقلق حول ما إذا كانوا على وشك فقدان مصدر رزقهم (ولسبب وجيه، حيث فقد الكثيرون وظائفهم).

وقال الدكتور باندي إكس لي، وهو طبيب نفسي شرعي وخبير في  معالجة العنف، ويشغل حاليًا منصب رئيس “التحالف العالمي للصحة العقلية”: إنّ الوباء يسبب حالات كبيرة من الشكّ والقلق والضغط النفسي”.

ويعرّف دليل جون هوبكنز للطب النفسي “البارانويا” بأنّه “رد على التهديدات المتصوّرة التي تتأثر بشدة بالقلق والخوف، الموجودة على طول سلسلة متصلة من التجربة الطبيعية القائمة على الواقع للمعتقدات الوهمية”.

ويمكن أن تتراوح أعراض “البارانويا” من الخفية للغاية إلى الفاضحة تمامًا، ويمكن أن توجد مع أو بدون حالات عقلية أخرى، وفقًا للخبراء والجمعيات الطبية الرئيسية. ولا يحتاج الأشخاص إلى الإصابة باضطرابات نفسية قابلة للتشخيص حتى يكون لديهم أفكار أو مشاعر بالارتياب الشديد.

هذا، ولفت الطبيب في علم النفس السريري، آدم بورلاند إلى أنّه: “نظرًا للتوتر وعدم اليقين والمعلومات الخاطئة التي توفّرها المنافذ الإخبارية والمصادر المختلفة، من الصعب على الناس الشعور بالهدوء، مما يزيد من قلقهم؛ وهذا ما يؤدي إلى أفكار شديدة الارتياب”.  واستشهد بورلاند بارتفاع عدد المرضى الذين يعانون من أفكار ومشاعر الذعر منذ انتشار كوفيد_19.

إلى ذلك، تسبب المعلومات المضلّلة النشطة_حول الوباء والقضايا الأخرى التي تكرّسها مؤسسات موثوق بها تاريخيًا، عدم ثقة الناس بالمعلومات التي يتلقونها والأشخاص الذين ينشرونها.

ولفت الأطباء إلى مخاوف مستمرة بظلّ ارتفاع منسوب الجريمة؛ بسبب الإغلاق المطوّل بشكل استثنائي، والاضطرابات الاجتماعية اللاحقة والبؤس الاقتصادي، مع عدم المساواة الهائلة والجوع والتشرّد والبطالة واليأس – مشيرين إلى أنّ كل تلك العوامل تؤدي بالفعل إلى تفشي إدمان المخدرات والاكتئاب وحالات الانتحار والقتل.

كيف تتخلّص من الذعر؟

الخبر السار هو أنّه من الممكن أن تكافح  الذعر بنفسك، بحسب الأطباء النفسيين، على الأقل النوع الذي لا يمكن تشخيصه طبيًا أو المرتبط بقضايا الصحة العقلية الأخرى.

في هذا السياق، قال “لي”: “البشر مرنون وقادرون على التعامل مع المحن الكبيرة، إذا كنا متعاونين معهم ولدينا توجيه ثابت بالإضافة إلى الدعم النفسي والاجتماعي”.

فيما قال بورلاند: “يمكنك البدء بالاعتراف بالأفكار التي تنتابك، ثم العمل على إنشاء روتين يومي صحي. ضع أهدافًا صغيرة يمكن تحقيقها مثل المشي لمسافة ميل واحد كل يوم، أو قضاء ساعة واحدة في التواصل مع نفسك أو مع شخص آخر؛ إذ أنّ النوم والنظام الغذائي والتفاعل الاجتماعي كلها عوامل مهمة تغذي الصحة العقلية الجيدة.

وقال بورلاند: “نحن نقلّل من آثار الملل، وبالنظر إلى وسائل الإعلام و ومواقع التواصل، ووجود الكثير من المعلومات في متناول أيدينا، فمن السهل أن ننصاب بالذعر”.

وتابع، إذا لاحظت أنّ أحد أفراد أسرتك يعاني من مرض الذعر والإرتياب، فكن حذرًا بشأن كيفية التعامل معه. حاول تجنب أسلوب توجيه أصابع الاتهام له. ومع ذلك، قد يكون من الصعب صدّ الأفكار في أنفسنا أو في الآخرين.

وقال “لي”: “في حالة الإرتياب، لن يكون المرء قابلاً للمنطق أو الدليل. أفضل رهان هو العمل على تغيير الظروف التي تسبب هذه الحالة.” وأضاف، لا يمكن للمرء أن يجعل كوفيد_19 يختفي بطريقة سحرية، لكن يمكننا العمل على خلق مسافة بين التأثيرات التي يبدو أنّها تؤدي إلى تفاقم المرض. على المدى الطويل، يمكننا العمل على “إصلاح الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي أدت إلى الضعف النفسي في المقام الأول – والتي قد تشمل عدم المساواة الاقتصادية والعرقية والجنسانية.”

ونصح، إذا وصل “البارانويا” إلى المستوى الذي تشعر فيه أنّك أو أحد أفراد أسرتك قد يشكل خطرًا على نفسه أو على الآخرين، فاطلب المساعدة المتخصصة على الفور.

وفي نظرة تفاؤلية، خلص الأطباء إلى إيجابية الشعور بالارتياب؛ على قاعدة الكثير من الأشياء الجيدة يمكن أن تكون سيئة، لكن ماذا عن القليل من الشيء السيئ؟ هل هناك شيء صحي حول الشعور بالارتياب؟

في هذا الإطار، قال بورلاند: “يمكن أن يبقينا الشعور بالارتياب الصحي أو القلق الصحي على دراية ويقظة، كآلية دفاع وحماية أنفسنا من التهديدات المحتملة”.

هذا، ووجد الباحثون في جامعة كامبريدج، على سبيل المثال، أنّ القلق بشأن تغيّر المناخ قد أدى إلى تغييرات سلوكية قد تؤدي في الواقع إلى حلول للمشكلة.

ومع ذلك، يجب أن نظل مدركين أنّ الذعر والارتياب يمكن أن يأخذاننا إلى مكان تصبح فيه هذه المشاعر مشكلة، وتسبب خطراّ على أنفسنا والمحيطين.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى