“النورس أبيض العين” النادر.. شوهد للمرّة الأولى في لبنان
خبير الطيور ميشال صوّان لـ"أحوال": هذا الطائر الذي شوهد للمرّة الاولى في لبنان يتواجد عادة على سواحل البحر الأحمر
عندما نكتشف أنواعاً جديدة من الكائنات الحية في لبنان، يعني ذلك أن الطبيعة قادرة على استعادة توازنها، ودائمًا بقوة الحياة وسيرورتها، ما يفرض علينا تحديات كبيرة لجهة الحدّ من الصيد الجائر وتجريف الغابات وحماية الغطاء الأخضر؛ عندها فقط يمكن للبنان أن يبقى في صدارة دول العالم من حيث غنى التنوع الحيوي، وما يمثّل من أهمية إستثنائية تتخطّى البيئة إلى كافة نواحي الحياة، خصوصاً أن ثمّة مفاهيم تتطوّر وصولًا إلى التوظيف الإيجابي للاستدامة، والتنوع البيولوجي في مجال السياحة الخضراء.
هذا التحدي يُفترض ملاقاته بخطط ودراسات لبلورة وعي عام، وبناء تصوّرات للإفادة من ثروات لا تنضب، عنوانها الجمال واستعادة نبض الحياة، بدلًا من الخراب والإهمال والفوضى.
اكتشاف “النورس أبيض العين”
صوان: اكتشافٌ ثالث
“هي الصدفة التي قادتني إلى شاطئ في مدينة طرابلس، لأسجّل مجددًا أول مشاهدة لطائر جديد، هو النورس أبيض العين The white-eyed gull، أو “نورس غـَرِب” واسمه العلمي ichthyaetus leucophthalmus، لينضم لاكتشافين جديدين خلال هذا العام وهما Lichtenstein’s sandgrouse وطائر آخر نقوم بتوثيقه علميًا، علمًا أن عدد الطيور الموثقة في لبنان 404 طائرًا والتي أصبحت مع هذه الاكتشافات 406، ونأمل أن يرتفع العدد إلى 407″. بهذه الكلمات عبّر الدكتور وخبير الطيور، ميشال صوّان، في حديثه لـ”أحوال” عن فرحته بالاكتشاف الجديد، وهو الاكتشاف الثالث خلال السنة الماضية وبداية هذه السنة، مشيرًا إلى أن الدراسة العلمية الموثّقة لهذا الاكتشاف تحتاج كسابقتها إلى التحضير ومراجعات، وقد تأخذ أشهرًا عدة.
مهدّد بالانقراض
في السياق، أوضح صوّان أن هذا الطائر الذي شوهد للمرّة الأولى في لبنان، يتواجد عادة على سواحل البحر الأحمر، وهو من أندر أنواع النوارس، لافتًا بالمقابل إلى أن وضع هذا الطائر، وفق قوائم الاتحاد العالمي لصون الطبيعة IUCN، مهدّد بالانقراض Near Threatened، بسبب التلوّث والزحف العمراني والتهديد البشري.
من هنا، شرح صوّان: “تتميّز النوارس البالغة بلون ريشها الأسود في موسم التكاثر، والذي يمتدّ من الرأس للأسفل إلى أعلى الحلق، كما يوجد على جانبي الرقبة شريط أبيض رفيع من الريش، في حين أن الأجزاء العلوية والأجنحة العلوية الداخلية تكون رمادية داكنة متوسطة”، لافتًا إلى أن “النورس أبيض العين” يكتسب ريشًا بالغًا في عمر السنتين إلى ثلاث سنوات، بينما الطيور اليافعة والصغيرة لها ريش مختلف تمامًا، يميل إلى اللون البني والرمادي.
وأكد صوّان في حديثه لموقعنا أن الصفة المميّزة للنورس أبيض العين في جميع الأعمار هي “منقاره الطويل النحيل”، والذي يكون لونه أسود في الطيور الأصغر سنًا وأحمر داكن عند البالغين مع طرف أسود، مضيفًا: “أما الأرجل فهي صفراء باهتة في الطيور الأصغر سناً، وأكثر لمعانًا لدى تكاثر الطيور البالغة، علمًا أن العين نفسها ليست بيضاء، ولكن يأخذ الطائر اسمه من الهالة البيضاء الموجودة حول العين في جميع الأعمار”.
المناخ الدافئ
أما عمّا يأكله هذا الطير، فقال صوّان: “يصطاد السمك، ويأكل كل ما يستطيع الحصول عليه مثل النوارس الأخرى”، مشيرًا إلى أنه تمكّن من توثيق محاولة إحدى النوارس اختطاف سمكة من طائر آخر”.
وعن تواجد أفراد آخرين من هذا النوع وتفسيره لوجوده، قال خبير الطيور: “لم أتمكن من توثيق إلا فرد واحد ولا تفسير لدي، ويبدو أن المناخ الدافئ قد جذبه، وهو أمر قد يكون ساهم بتقليل أعداد ظهور بعض الأنواع في بلادنا، وبالمقابل مشاهدات من أنواع أخرى جديدة منها هذين الطائرين وطائر آخر، نقوم بكتابة نشرة علمية حوله”.
من جهة أخرى، وعن عمر طائر النورس المكتشَف، قال صوان: “يقترب من البلوغ، أو ما قبل البلوغ أو ما يوصف بـ”العاتق”، وهذا الريش يميّز كسوة الشتاء الثاني Second wintering أي أن عمره حوالي السنتين، حيث أصبح ذنبه أبيضًا، بينما رأسه لم يتحوّل للون الأسود، وهو ما يميّز الطائر البالغ أيضًا”.
وختم صوان حديثه لـ”أحوال”: “سأتابع مراقبة هذا الطائر الجديد حتى فصل الربيع، وإن تمكّنت من رصد أفراد آخرين وأمكنه التزاوج هنا، فسيكون أمرًا رائعًا للغاية، وإلا فإن هذا الطائر سيعود إلى أماكن تكاثره على سواحل البحر الأحمر”.
سوزان أبوسعيد ضو