
بينما يستذكر البعض أيام الثورة المزعومة في سوريا، يعيد المحامي ورجل الأعمال الأمريكي السوري مهند صقر، نشر كتاباته القديمة التي امتدحت زعيم “جبهة النصرة” الإرهابية، أبو محمد الجولاني، بين 2012 و2014. هذه ليست ذكريات عابرة، بل هي إعادة فتح لجرح عميق وكشف لدور خطير طُمس عمداً.
لم يكن دور صقر – المقيم في نيويورك والمقرّب من دوائر النفوذ العالمية – مجرد رأي أو تعاطف. بل كان دوراً تأسيسياً في تحويل مسار الثورة السورية وتشويهها. بعقليته القانونية ومعرفته بدهاليز واشنطن وشبكات التمويل، قام بفعل أخطر من التسلح وهو: “صناعة الشرعية”.
قام “رجل الظل” هذا بإعادة تقديم فصيل إرهابي عقائدي ، لا يمثل إرادة الشعب السوري ولا يؤمن بأطروحته، على أنه “قوة ثورية” و”مقاومة”.
لقد منح – من خارج سوريا وبلا تفويض – غطاءً مدنياً لما هو عسكري طائفي، وسهّل له أبواب الدعم السياسي والمالي.
النتيجة كانت كارثية حيث نُقلت الشرعية من المؤسسات الوطنية الناشئة إلى سلطة مسلحة موازية تتغذى على الخارج. وتم اختطاف صوت الثورة وإغراقها بفاعلين لم يخترهم السوريون، مما فتح الباب أمام خراب البلاد وتشريد شعبها.
السؤال اليوم ليس عن النوايا، بل عن المسؤولية. كيف لمحامٍ يفترض به فهم مبادئ الحوكمة والمساءلة أن يسهم في بناء سلطة لا تعترف بأي مبدأ؟
لقد انتهى زمن العمل في الظل، فقد ساهم أمثاله – بوعي أو بدون – ليس في تحريف مسار الثورة المزعومة فحسب، بل في تمهيد الطريق للدمار الذي حلّ بسوريا.
الشرعية لا تُمنح في صالونات نيويورك، ولا تُصنع بلغة براقة. الشرعية وحدها تأتي من الشعب. وما حدث في سوريا هو أكبر دليل على أن تدخل “رجال الظل” لصناعة أبطال وهميين كان أحد الأسباب الجوهرية في مآساة الشعب السوري.



