
كشفت صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية، في تقرير خاص للصحفي جورج مالبرونو، عن اتصالات أمريكية غير معلنة مع الجنرال السوري مناف طلاس، الضابط السابق في الحرس الجمهوري والمقيم في باريس منذ 2012. وأكدت مصادر الصحيفة أن مبعوث البيت الأبيض، توم باراك، اتصل بطلاس لترتيب لقاء مع السفير الأمريكي في فرنسا، وهو ما رفض الجنرال تأكيده أو نفيه.
لماذا طلاس بالذات؟
يبدو السياق الأمريكي واضحاً : واشنطن تبحث عن شخصية عسكرية محورية قادرة على لعب دور أساسي في إعادة بناء جيش سوري جديد – جيش مهني محايد بعيداً عن الأيديولوجيا، وقابل للاندماج ضمن مشروع الدولة المستقبلية.
ويأتي اختيار طلاس نظراً لخبرته الطويلة داخل المؤسسة العسكرية، وسمعته “النظيفة” نسبياً وابتعاده عن ملفات القمع والفساد.
ما هي أوراق قوته؟
قوة طلاس لا تكمن فقط في خلفيته العسكرية ، بل في كونه مقبولا من قبل أطراف سورية متنوعة. فهو يحظى باحترام بين كثير من الضباط المنشقين، كما أنه مقبول لدى عناصر من الجيش السابق غير المتورطين بجرائم.
وهو يُنظر إليه إيجابياً في مناطق مثل السويداء والساحل ومناطق سيطرة قسد كشخصية غير طائفية وقادرة على قيادة مؤسسة وطنية جامعة.
تحركات هادئة وراء الكواليس
وفقاً لمصادر متعددة لم يكن طلاس بعيداً عن المشهد خلال السنتين الماضيتين، حيث أجرى سلسلة لقاءات هادئة شملت:
· زيارات إلى تركيا واجتماعات مع مسؤولين أتراك رفيعي المستوى.
· جولات في عواصم خليجية وعربية، نوقش خلالها مستقبل الجيش السوري وآليات بناء قوة وطنية بعيدة عن التطرف.
· طرح فكرة مجلس عسكري انتقالي يدعم سلطة مدنية ويمنع عودة الدكتاتورية أو سيطرة التشكيلات الجهادية على الدولة.
رسالة سياسية بتوقيت دقيق
إبراز هذا الخبر في”لو فيغارو” الآن ليس صدفة، حيث يبدو أن الهدف هو إرسال رسالة واضحة مفادها أن واشنطن وحلفاءها يبحثون عن بديل عسكري موثوق، خاصة في ظل صعود أحمد الشرع/ الجولاني ومحاولاته بناء أجهزة أمنية تحت سيطرة فصائل جهادية.
العالم يخشى من انهيار كامل للمؤسسات أو ولادة دكتاتورية جديدة بلباس ديني.
هندسة أمنية جديدة لسوريا؟
عودة اسم مناف طلاس إلى الواجهة تعتبر أكثر من مجرد تسريب صحافي بل إنها إشارة لبدء مرحلة جديدة في الهندسة الأمنية لسوريا، تستهدف:
1. منع تشكيل جيش عقائدي جديد (سواء على النموذج القديم أو النموذج الجهادي الحالي).
2. بناء جيش مهني حامٍ لكل السوريين.
3. توفير ضمانة أمنية لفترة الانتقال السياسي ومنع الانهيار.
المشهد يتجه نحو فترة حاسمة: فإما بناء جيش وطني يكون حجر الزاوية لدولة المستقبل، أو السقوط في دوامة جديدة من الفوضى والاستبداد، واللعبة على الساحة الدولية بدأت مشوارها الطويل.



