مجتمع

مطار بيروت يواجه خيبة الميلاد: الحجوزات تراجعت 400%

شركات طيران كبرى قد تغادر لبنان قريبًا

مع اقتراب عيدي الميلاد ورأس السّنة، تشخص الأبصار إلى مطار بيروت الدّولي الذي كان يغصّ بأعداد كبيرة من المغتربين اللّبنانيين، العائدين لتمضية إجازاتهم إلى جانب عائلاتهم وأُسرهم في لبنان، وعليه كان ينتظر أصحاب مكاتب السّياحة والسّفر هذه الفترة للتّعويض عن الفترات التي تشهد ركودًا في سوق بيع التّذاكر. إلّا أن هذا العام لم يشبه سابقه، فجائحة كورونا والأزمات المتلاحقة التي ضربت لبنان، خنقت بصيص الأمل المتبقي، والمفارقة كانت أن عددًا من المغتربين اشتكوا نفاد تذاكر السّفر، وهذا ما أبدى جوًّا من الارتياح في الشّارع اللّبناني، على قاعدة أن المغتربين سيحرّكون العجلة الاقتصادية بعملتهم الخضراء الصّعبة.

إلا أن الواقع ليس كما يشتهيه الشارع، إذ أكّد نقيب أصحاب وكالات السياحة والسفر في لبنان جان عبّود في حديث لأحوال أن ندرة تذاكر السفر تعود إلى سبب وهو أن شركات الطيران والمطار في بيروت يعملان بنسبة 30% فقط، فالشّركة التي كانت تنظم ثلاث عشر رحلة في الأسبوع أصبحت الآن تنظّم ثلاث رحلات فقط، أمّا المطار فقد كان يستقبل مئة وعشرين طائرة في اليوم الواحد فأصبح يستقبل ثلاثين طائرة، وهذا يدلّ على أن الذّي حصل هو تراجع بالسّعة أو القدرة الاستيعابية، ولا زال هناك مقاعد فارغة على متن الرّحلات القادمة.

في السّنة الماضية وفي نفس التوقيت في عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، ومن تاريخ الأول من كانون الأول حتى العشرين منه، كان يصل إلى لبنان ثلاثة عشرة ألف راكب يوميًّا، أمّا هذا العام فلا يتجاوز عدد الركّاب ثلاثة آلاف راكب في اليوم الواحد أي تجاوزت نسبة التراجع الـ 400%  وفق ما أكّده عبّود، لافتًا إلى أنّ القادمين ليسوا سيّاحًا عرب وأجانب وإنما لبنانيين مغتربين من البلدان القريبة كالخليج العربي وأفريقيا وليس من الدّول البعيدة  كالقارتين الأميريكية والأوروبية، وهذه الأعداد الخجولة لا تُحدث حركة اقتصادية لمكاتب السّياحية والسّفر، ولا حتى للفنادق، إذ لم تتجاوز نسبة الحجوزات الخمسة بالمئة، لأن المغتربين لا ينزلون في الفنادق وإنّما لدى عائلاتهم وأُسرهم.

 

نظرًا لانهيار العملة الوطنية، كان التعويل عاليًا على استقبال لبنان أعدادًا كبيرة من السيّاح الّذين يحملون الدّولار، إلّا أنّ الأزمات السّياسية والحكومية والأمنية إضافة إلى الأخبار السّلبية التي يتمّ تناقلها عن اغتيالات، لم تشجّع السيّاح على زيارة لبنان.

وتأثّرت الملاحة الجوّية بنسبة 90% في العالم وخسائرها تقدّر بمئة وستين مليار دولار أميريكي، ففي العام 2019 كان عدد الطائرات العاملة يتعدّى ست وعشرين ألف طائرة، أمّا اليوم فلا يتجاوز العشرة آلاف طائرة بسبب جائحة كورونا، وهناك العديد من شركات الطّيران الكبرى تعرضت لخسائر كبيرة إلّا أن دولها تساندها، أما في لبنان فلا أحد يقف إلى جانب المكاتب ولا إلى جانب الشركات، “هناك العديد من شركات الطيران ستبدأ مطلع العام الجديد بالمطالبة بقبض ثمن تذاكرها بالدولار الأميريكي، وإلّا ستضطر لمغادرة لبنان، لأنّ هذه الشركات لا تستطيع أن تحوّل من حساباتها في المصارف اللّبنانية إلى دولها في الخارج، لأنّ المصارف تحجز أيضًا على أموالها”، وهذا ما أدّى إلى خسائر كبيرة لديها، ولا تستطيع أن تتحمل المزيد منها.

مع تقدّم الوقت وازدياد الأمور السّياسية تعقيدًا في ظل جائحة كورونا التي شلّت العالم، تزداد الأزمات على كافة الأصعدة في لبنان، ومكاتب السّياحة والسّفر أحد ضحاياها، إذ نادرًا ما نجد قطاعاً نجى من تداعيات هذه الأزمات، ويتأمّل اللّبنانيون خيرًا بأن تحمل الأعياد المجيدة بشرى ولادة الحكومة، علَّها تكون نهاية المسلسل المأساوي الذي قارب عامه الأول.

 

منير قبلان

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى