حقوقسياسة

خرافة الأكثرية المذهبية في سوريا

برنامج هذه الفئة: بدنا نحكم بالصرماية... والإبادة

كتب عامر ملاعب
بعد العام 2011 عممت الماكينة الإعلامية العالمية للإخوان المسلمين، ومن لف لفهم، سلسلة من المصطلحات والعبارات والأفكار وفرضتها إلى حدٍ بعيد وكأنها صحيحة وواقعية، رغم بعدها عن الواقع كما هذه الفئة بعيدة عن الدين.
من أولى رسائلهم الإنتقائية المسمومة خبرية انتماء أكثرية السوريين لمذهب أهل السنة (يرمون أرقاماً مثل 90% أو 80%)،
ومن رسائل الحقد تصنيف المجتمع السوري على أساس الأكثريات والأقليات الدينية والمذهبية والقبلية والطائفية والعرقية والقومية، (وقد نجحوا مرحلياً في تفسيخ المجتمع السوري وانحلاله بسبب هذه التصنيفات وتعميمها).
وعلى هذا الأساس ربطوا كل الأحداث بوجوب عودة الحق إلى أصحابه وأن تحكم الأكثرية وتحفظ حق الجميع في الحياة والعيش الكريم، ومن هذه الأثرية أقلية الأقلية لينتهي المطاف بسيطرة عائلة الشرع الصغيرة على خيرات البلاد ونهبها.
تفصيلٍ سريع
بعيداً عن الشعارات، حتى لا تأخذنا موجات البروباغاندا الداعشية الإخوانية، هذا تاريخ سوريا الحديث أمامنا يشهد: الأحداث الكبرى صنعتها كل مكونات الشعب السوري، ولم تولد سوريا منذ سنوات قليلة مع هؤلاء، لا بل من يسمونهم أقليات هم من صنعوا المحطات التاريخية.
منذ الانتداب حتى العام 2011، كانت حيوية المجتمع السوري تعيد خلط الأوراق دورياً وتبقي توازنات المجتمع على قواعد وطنية وليست فئوية، وتجربة الثوار الأحرار سلطان الأطرش وابراهيم هنانو وصالح العلي وميشال عفلق وأكرم الحوراني إلى مواقف الرئيس المسيحي فارس الخوري وجول جمال… الى تجربة حزب البعث والقومي السوري الإجتماعي وغيرها الكثير ماثلة أمامنا.
ورغم ضعف حزب البعث الحاكم أو تلاشيه في الحقبة الأخيرة، بقي خطاب ولسان الناس في البعد القومي والوطني رائجاً، متجاوزاً الفواصل الضيقة من الهويات التي فرضتها أجندة التفتيت المذهبي الإخواني في صراعها الدائم للوصول إلى السلطة.
واليوم بعد أشهر من سطو العصابة على جهاز الحكم في دمشق وفرضها خرافات أفكارها بالحديد والنار، تعمل جاهدةً على تشكيل وعي جديد يقول بحق أهل السنة بفرض مفاهمهم على الدولة من السياسي والعسكري الى فتاوى دخول المرحاض،
وبدورهم أهل السنة ينقسمون بين العشائر (خزان العسكر والفزعات) وسنة أهل المدن أو الفئة الميسورة (بيت المال).
في ساعات الحرب، تستنفر السلطة فزعات الحرب من الأرياف، بينما في ساعات السلم تعمل على تسخيف قضاياهم المناطقية والمعيشية، لا بل تعمل مع سكان الأطراف على تضخيم الخلافات البينية مع جيرانهم (الدروز والبدو في الجنوب، الأكراد والعشائر في شرقي البلاد، العلويين في الغرب والساحل الى حرتقات مع الشيعة في مناطق تواجدهم على حدود لبنان).

من أحصى وسجل وصنف لهؤلاء هذه الحقائق؟.
لنفترض
اذا كان عدد سكان سوريا تقريباً قد بلغ نحو 22 مليون نسمة أو أكثر، بالأرقام التقريبية بحسب الإحصائيات الرسمية المسجلة منذ سنوات ما قبل الحرب حتى الآن، وعلى اساس تصنيفهم المذهبي والعرقي:
الكرد: يصل تعدادهم إلى ما بين 5.5 إلى 6 مليون نسمة.
العلويين من 3 إلى 4 مليون نسمة.
الدروز أقل من مليون نسمة.
الطوائف المسيحية: مليونين نسمة (الأرثوذكسية الشرقية: الروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس)، (الكاثوليكية الشرقية: الروم الملكيين الكاثوليك، الموارنة، الأرمن، السريان الكاثوليك، بالإضافة إلى اللاتين والبروتستانت وكنيسة المشرق الآشورية الكلدان..).
الاسماعليين، الشيعة، المرشدين، الارناؤوط، التركمان: مليون نسمة.
6+4+1+2+1= 14 مليون من غير أهل السنة
يبقى لدينا ٨ أو 9 أو 10 مليون نسمة من أهل السنة.
هذا في الأرقام الجافة، ولكن على أرض الواقع فإن التعدد والتنوع داخل الطوائف في سوريا حالة تفوق الخيال من ناحية الإتجاهات الفكرية والفلسفية والدينية أو لناحية التعددية السياسية والمناطقية ولا يمكن اختصار كل هذه الجغرافيا الإجتماعية الغنية والمتعددة بتوجه واحد أو رأي واحد، خاصةً إذا كانت على طريقة “هيئة تحرير الشام” التي عملت وتعمل يومياً على تفكيك وتفتيت المجتمع السوري أكثر فأكثر.
حتى الآن لم نتحدث عن الصراع المستجد ضمن الفئة نفسها بعد تفاخر حسين الشرع، والد الجولاني، عن نسب عائلته إلى “آل البيت” وهي من الأشراف، عائلة هاشمية”، وهذا بالطبع سيثير حفيظة فريق “بني أمية” المستأثر اليوم بصدارة الاعلام على أنه يعيد مجدٍ غابر.
الخلاصة
عُرفت سوريا بأنها مهد الحضارات وملكة الفسيفساء الإجتماعي والتنوع بكل تلاوينه، هي أقدم أرض ومدن مأهولة في الحضارة الانسانية (دمشق أدم مدينة مأهولة في العالم).
ولكن للأسف
الثابت الوحيد في تاريخ هذه البلاد أن إمكانية حكم سوريا بطاغية سياسي واحد عابر للطوائف والتشكيلات الاجتماعية، لهو أسهل بكثير عن طغيان فئة دينية محددة تمسك بالقرار لوحدها وتفرض مفاهيمها الإجتماعية على كل الفئات، حتى من من قلب البيت الواحد.
النتيجة المتوقعة
هذه الفئة الباغية لن تستمر أو تعمر طويلاً في دمشق وان صنعت لها المخابرات ووسائل الاعلام آلاف عمليات التجميل، لا داعي للهلع السقوط حتمي ولكن أن تنجنب مزيداً من الموت والخراب قبل نهاية المسرحية.

عامر ملاعب

كاتب وصحافي لبناني، يحمل شهادة الدبلوم في التاريخ من الجامعة اللبنانية، عمل في صحيفتي الأخبار والحياة. أعد وقدم برامج في قناة الثبات الفضائية، وإذاعة صوت الشعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى