منوعات

الكاتب شاكر خزعل لـ “أحوال”: سنة الـ2020 كانت OUCH

مواجهة مع الذات وتمرّدٌ على الواقع

ظهر على غلاف الكتاب عاري القدمين، كرمز للتجرّد والعودة الى الطفولة؛ من مخيّم اللاجئين في برج البراجنة، انطلق نحو كندا ونيويورك مطارداً حلم الحرية، حيث حقّق نجاحات لامعة.

بشجاعة، يصرخ الكاتب الفلسطيني – الكندي الشاب شاكر خزعل في كتابه الجديد Ouch. يواجه كل ما حمله العام 2020 من أوجاع وصدمات وحزن، وصولاً نحو كارثة انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب.

يروي فيه قصّته كلاجىء فلسطيني مع كل صراعاته وتقلّباته النفسية. يكشف عن مواجهة جريئة مع الذات، تمرّد على الواقع، وإصرار على الحلم.

“Ouch” هو الإصدار الخامس لهذا المؤلّف الثلاثيني، حيث نجح منذ الأيام الأولى لإطلاقه في أن يكون من بين لائحة الكتب الأكثر مبيعاً في كندا.

سنة الـ2020 كانت سنة الـ”أوتشات”

في البداية يتحدّث خزعل عن عنوان كتابه، ويشير في حديث لـ”أحوال” الى أنّ كلمة “أوتش” هي تعبير عن الوجع، وسنة الـ2020 كانت سنة الـ”أوتشات”. فمن وحي هذه الكلمة التي رُدّدت كثيراً هذا العام، استوحى قصة الكتاب التي تتحدّث عن طفل وُلد في مخيّم للّاجئين وتنقّل في أرجاء العالم، وفجأة لم يعد لاجئاً. فيقول “أوتش” لأنّ هذه الكلمة تحمل في طياتها نوعاً من الألم الداخلي والنفسي الذي يرافق هذه التجربة.

ويضيف أنّ الرسالة الأهمّ في الكتاب تتمحور حول الصحة النفسية والذهنية والعاطفية، التي يجب أن تبقى دائماً تحت المراقبة، تماماً كما يراقب الإنسان صحة جسده، ويقول: “من الضروري مهما اختلفت مراكزنا الإجتماعية، أن نتكلم دوماً مع أنفسنا”.

وبالتالي كتاب “أوتش” هو حوار مع النفس الحاضرة والماضية والمستقبلية، حيث تتجسّد الأخيرة في الأحلام، أي ملخّص لحقبات ثلاث يمرّ بها الإنسان. ويتمركز الحوار حول الفلسطيني اللاجئ والفلسطيني الكندي في الوقت نفسه، والشاب الذي ترك وطنه العربي بحثاً عن فرصة في بلاد الغرب.

اليوم أقول “الحمدالله”

شخصيتان أساسيتان تلعبان دور البطولة في الكتاب. شخصية شاكر (المؤلّف)، وشخصية آدم، حيث تنشأ صداقة بينهما. شاكر هو اللاجىء الذي سعى خلف أحلامه وانتقل من مخيّم اللجوء كي يقابل أهمّ الشخصيات في العالم.

أما آدم فهو اللاجىء الفلسطيني الذي لم يحصل على فرصته في الحياة، حيث يعمل كنادل في أحد فنادق بيروت، مقابل مرتّب متواضع جداً. وهو معرّض في أيّ لحظة للطرد من العمل، كما أنه لا يملك هويّة أو جواز سفر، وبالتالي لا يستطيع أن يسافر.

ويشير خزعل في هذا الإطار الى أنّ شخصية آدم تعكس واقع اللاجئين الذين صدّقوا الوعود والأحلام، ووقعوا ضحية الألعاب السياسية والتشرّد واللجوء. ويضيف: “آدم يعكس مصيري لو بقيتُ لاجئاً في مخيّمات الفلسطينيين، ويدفعني اليوم كي أقول “الحمدالله”.

جلستُ مثل شخص يشاهد فيلم حياته

تجدر الإشارة الى أنّ شاكر باشر بكتابة “أوتش” ليلة الرابع من آب الماضي، أي بعد ساعات قليلة من انفجار مرفأ بيروت، وأنجزه خلال 17 يوماً. ويقول في هذا الإطار: “عندما يواجه الكاتب حدثاً بهذه الأهمية، يبتعد تلقائياً ويشعر بالنفور من الدنيا. وأنا بدوري ابتعدتُ نحو المكان الذي أرتاح فيه، واتجهتُ صوب الكتابة، فهي ملجأي الدائم. وانعزلتُ بشكل كامل في الفندق الذي تدور أحداث الكتاب فيه”. ويضيف أنه في تلك الليلة كان في إحدى المستشفيات ولامس المشاهد المؤلمة التي عكست الجريمة الكبيرة التي ارتكبت بحقّ شعب بأكمله. ويقول: “جلستُ مثل شخص يشاهد فيلم حياته. كانت يداي تتحركان بسرعة كبيرة مع الفيلم”.

وحين سألناه لماذا اختار أن يكتب باللغة الانكليزية، لفت الى أنّه ضعيف في اللغة العربية، لكن يتمّ الآن العمل على ترجمة الكتاب، وسيتمّ إصدار النسخة العربية منه في شهر يناير المقبل أو في بداية شهر فيراير.

توقيع خاص على شرف إليسا

هذا واستقبل شاكر الفنانة إليسا وأقام على شرفها توقيعاً خاصاً. وأشار الى صداقة تربطه بها منذ سنوات. كما أنّها شخصية حاضرة في الكتاب، حيث وصف شاكر الدور الجميل الذي لعبته في حياته وكيف دعمته وساندته، وقال: “أقدّر عالياً كيفية تعاطي إليسا معي. وكيف عرّفتني على أشخاص كثر شجّعوا كتبي الأولى”.

“رأيتُ جدي يصارع الموت بعد أن قدّم أولاده شهداء”

من ناحية أخرى، شاكر الذي يعتبر أنّ العيش في مخيّم اللاجئين كان سجناً بالنسبة له، كشف عن الحافز الأساسي الذي دفعه للبحث عن المفتاح، حيث انطلق نحو حلم الحرية، وقال: “أيقنتُ أنّ كثيرين كذبوا عليّ. كطفل صغير كنتُ دوماً أسأل أبي عن هؤلاء الزعماء الذين يلقون الخطابات والشعارات ويكملون حياتهم بشكل طبيعي. كشفتُ منذ صغري الكذبة التي تباع للشعب الفلسطيني، وهذا بفضل أهلي الذين علموني أن أستفسر عن كلّ شيء”، وتابع: “كنتُ أرى الكذبة بأمّ العين. رأيتُ جدي يصارع الموت من دون أن نتمكّن من أن نؤمّن له تكلفة علاجه الصحيح، وهو كان قد قدّم أولاده شهداء بعد أن دفعهم الى مغادرة المدارس للإلتحاق بالقتال. نحن شعب يعيش على أوهام، وأنا رفضتُ أن أكون ضحيتها، لذلك أخبرتُ أبي أنني أريد أن أغادر المخيّم”.

رسالة للشباب اللاجئين وللمجتمع الدولي

كما وجّه شاكر رسالة للاجئين الشباب الذي يشعرون اليوم بإحباط ويأس، وقال: “عليهم أن يرفضوا العيش في هذه الظروف، وأن يحاربوا للخروج من هذا الواقع. فالحرية هي في الحياة التي ترتكز على الكرامة والأمل”.

من جهة أخرى، طلب من المجتمع الدولي أن يركّز على الأطفال اللاجئين وأن يمنحهم الفرص، فهم قادرون على صنع الإنجازات التي قد يتحوّلون من خلالها الى رموز رائعة للدول التي تستضيفهم، وتابع: “علينا ألا ننسى أنّ اللاجئين الصغار في العمر يمكن أن يكونوا أملاً لنا في الغربة. ولديّ أمل كبير في رؤية النجاح الذي يحقّقه الفلسطينيون في كل أرجاء الكرة الأرضية”.

 

ريتا ابراهيم فريد

ريتا ابراهيم فريد

صحافية ومعدّة برامج تلفزيونية. حائزة على إجازة في الصحافة وماجستير في الفلسفة من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى