منوعات

الجرائم الإلكترونية في ظل كورونا: خرقٌ أمنيّ وابتزاز

في ظل انتشار جائحة كورونا وفرض الحجر المنزلي، دخل العالم في واقع جديد هو التواصل الافتراضي والرقمي. فسعت الشركات، كما الأفراد، إلى اعتماد التطبيقات الإلكترونية للتواصل في ما بينهم. وهذا ما خلق خوفاً لدى الكثيرين لجهة الخروقات الرقمية الأمنية المحتملة للملفات والبيانات الشخصية، مع تحذير من خرق الخصوصية الفردية.

علامات استفهام كثيرة حول التطبيقات

مع الإقبال الكثير على استخدام التطبيقات المختلفة للتواصل، وفي ظل خصائص الحماية التي توفّرها، يلفت الصحافي والخبير في الأمن الرقمي، محمود غزيّل، في حديث مع موقع “أحوال”، إلى أنّ التطبيقين الأكثر شيوعاً هما Zoom وMicrosoft Teams. وتعمل شركتا هذين التطبيقين على تحديث خصائصها لتوفير الحماية القصوى للمستخدمين، إلا أن التساؤلات لا تزال قائمة حقيقة الحماية التي يقدّمانها.

أما لجهة الأجهزة الإلكترونية، فينصح غزيّل بتغطية الكاميرا في حال عدم استعمالها إذ يمكن لبعض التطبيقات اختراقها. ولفت إلى أن الهواتف العاملة بنظام IOS وAndroid طوّرت خاصية التحذير في حال تشغيل الكاميرا أو الميكروفون.

ارتفاع في عدد الجرائم الإلكترونية في لبنان

على صعيد الجرائم الإلكترونية، أوضح غزيّل أن قوى الأمن الداخلي في لبنان سجّلت ارتفاعاً في هذا النوع من الجرائم خلال جائحة كورونا. وتنوّعت الحالات بين احتيال أو سرقة معلومات أو ابتزاز عبر الإنترنت، طالت مختلف الفئات العمرية. ولكن في المقابل، أشار غزيّل إلى أن الجرائم المالية الإلكترونية انخفضت في هذه الفترة، نظراً لغياب التحويلات المالية.

وعلى سبيل المثال حول عمليات الاحتيال الأكثر شيوعاً، ذكر غزيّل إعلانات التوظيف والمقابلات الوهمية التي يكون الهدف منها جمع المعلومات. بالإضافة إلى طلبات الصداقة من الحسابات المزيّفة على مواقع التواصل الاجتماعي، أو الروابط المزيّفة التي تُرسل عبر الواتساب بهدف خرق بيانات الهاتف ولائحة الأرقام. وفي بعض الحالات، تتم سرقة رصيد الهاتف أو التجسس على الرسائل الخاصة.

للقضاء… كلمته الفاصلة

في ظل ارتفاع الجرائم الإلكترونية، أقرّ لبنان في العاشر من تشرين الأول من العام 2018 قانون الجرائم المعلوماتية والملكية الفكرية (قانون 2018/81) الذي ينصّ على العقوبات المنوطة بكل حالة من الجرائم المعلوماتية المرتكبة.

وحول المسار القانوني للدعاوى المقدّمة من قبل ضحايا هذه الجرائم، يشرح المحامي رفيق هاشم، المتخصّص في القضايا المعلوماتية والملكية الفكرية والجزائية، لموقع “أحوال” ، أنّ الخطوة الأولى تكون عادةً عبر تقديم شكوى مع اتّخاذ صفة الادعاء الشخصي أمام النيابة العامة المختصّة.

ويتابع أن هذه الأخيرة تحيل في المبدأ الشكوى إلى الضابطة العدلية المختصّة، وتحديداً مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية في قوى الأمن الداخلي، الذي يجري التحقيقات والإجراءات المناسبة تحت إشراف النيابة العامّة. وفي اختتام التحقيقات، تتخذ النيابة العامّة الإجراءات الفوريّة الملائمة في كلّ قضيّة على حدة، ومن ثم يصار إلى إحالة الملفّ إلى القضاء المختصّ، عند الاقتضاء، للبتّ في موضوع الشكوى. وشدّد هاشم على أن المسار القضائي غالباً ما يتّخذ إجراءات فوريّة سريعة في مثل هذه القضايا لأنّها تمسّ بحقوق الإنسان، ولا سيّما الحقّ في الخصوصية الفردية.

وحدّد هاشم أنّ أنواع الجرائم المعلوماتية الأكثر شيوعاً في لبنان هي جرائم القدح والذم عبر استخدام الوسائل المعلوماتية، وجرائم القرصنة وانتحال الصفة لابتزاز الأموال والتحرّش الجنسي.

وفي ما يتعلّق بالعقوبات التي تنصّ عليها القوانين المرعية الإجراء حالياً، وتحديداً قانون العقوبات اللبناني وقانون المعاملات الالكترونيّة والبيانات ذات الطابع الشخصي (القانون رقم 2018/81)، لفت هاشم إلى أن العقوبة تحدّد تبعاً لنوع وطبيعة الجريمة المرتكبة في كلّ قضيّة على حدة، بحيث يمكن أن تتراوح بين دفع غرامة مالية وصولاً إلى الحبس، مع الحكم للمتضررين بتعويضات ماليّة شخصيّة بدل العطل والضرر اللاحق  بهم.

ومع تطبيق قانون التعبئة العامة في ظل انتشار جائحة كورونا، أصدرت قوى الامن الداخلي في شهر أيار من العام 2020، تحذيراً من الوقوع في شرك الجرائم الإلكترونية، التي ارتفعت نسبتها بمعدّل 184%. كما وضعت في متناول المواطنين رقماً هاتفياً (01/293293) للتبليغ عن أي جريمة إلكترونية يتعرّضون لها.

ما الهدف من هذه الخروقات؟

يجد غزيّل أنه من الصعب تحديد نوع المعلومات التي تسعى المخترق إلى جمعها، ولكنه لفت إلى أن البعض يجمع الصور الخاصة أو الأرقام وعناوين البريد الإلكتروني لبيعها لاحقاً لشركات أخرى. في حين أن البعض الآخر يسعى إلى اكتشاف من هم الأشخاص المسافرون للتأكد من أن منازلهم فارغة للتمكّن من سرقتها. كما يميل بعضهم إلى انتحال صفة رجال رائعين بهدف استدراج الفتيات إلى غايات معيّنة.

التعليم عن بعد… هل هو آمن؟

تستخدم المدارس في لبنان منصتين بارزتين هما Zoom وMicrosoft Teams، في حين استحدثت بعض المؤسسات التربوية منصاتها الخاصة لخلق حماية مشددة.

وفي هذا الإطار، أشار غزيّل إلى ان منصات المدارس آمنة بشكل عام في لبنان، فالروابط محصورة بالأشخاص المعنيين فقط، ولكنه نبّه إلى ضرورة مراقبة الأهل لكل ما يجري على هذه المنصات مع أطفالهم. كما لمّح إلى المسؤولية الواقعة على عاتق المدرّسين الذين يجب عليهم التأكد من عدم وجود أي خروقات بين المجموعات، كأسماء أشخاص غير مدرجين على لائحة الحضور الطالبيّ. ونصح بضرورة تغيير الرابط بين الحين والآخر لتشديد الحماية والأمان أكثر.

تطبيقات الدولة لمراقبة المصابين

في حين عمدت الدول الى إطلاق تطبيقات خاصة بها لمراقبة المصابين بفيروس كورونا وملاحقتهم، ومن بينها لبنان، خلق هذا الأمر تساؤلات كثيرة لدى المواطنين وحول نوعية المعلومات التي تطلبها.

وأوضح غزيّل في هذا الشأن أن الخطر الأكبر في هذا الموضوع يتمثّل في الجهات الواقفة خلف هذه التطبيقات، والتي تقوم بجمع المعلومات عن الأفراد. ولكن وزارة الصحة اللبنانية أوضحت مراراً ان الخوادم التي تحفظ فيها المعلومات موجودة في لبنان، وان الشركة المطوّرة للتطبيق أيضاً موجودة في لبنان. ولكن غزيّل أشار إلى ان غياب الثقة بالسلطات اللبنانية هو ما يولّد نوعاً من الخوف لدى المواطنين.

نصائح عملية لزيادة الحماية الرقمية

أوصى غزيّل بضرورة التنبّه إلى الكلمات والأحرف بعد www. والتأكد من أنها تعود إلى المواقع الرسمية وليست مرتبطة بمواقع مزيّفة. كما نصح بعدم تصديق الإعلانات عن جوائز أو مساعدات أو تقديمات من أي شركة، إذ يمكن ان تكون غير صحيحة أو تخفي شروطاً معيّنة لجرّ الأشخاص إلى شراء او استهلاك منتجات معيّنة.

كما نصح بتفادي استخدام النسخ المزيّفة من الواتساب، والاعتماد النسخة الرسمية، فهي أكثر اماناً ولا تتيح لشخص ثالث من الحصول على المعلومات الشخصية بالمستخدمين. وكشف عن موقع virustotal.com المتاح مجاناً للتأكد من صحة الروابط والملفات وخلوّها من أي ثغرات رقمية يمكن ان تؤدي إلى خروقات معيّنة.

واعتبر غزيّل أن النصيحة الأفضل تكمن في التبليغ فوراً عن أي خرق رقمي أو عملية احتيال إلكترونية إلى الجهات المعنية، مهما بدا الأمر محرجاً أو مخيفاً أو أدى إلى ردود فعل سلبية من قبل المجتمع.

ماري الحصن

ماري الحصري

صحافية حائزة شهادة في الإعلام من الجامعة اللبنانية، عملت في العديد من المواقع الالكترونية والمؤسسات الإعلامية المكتوبة والمرئية والمسموعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى