إدمان السكر شبيه بالإدمان على الكوكايين.
فلا اكتفاء ولا سعادة ولا ارتخاء بدون هذا الطعم الحلو المثير في الفم.
إنه يشكّل تعويضاً عاطفياً ومعنوياً ويعطي راحة وسعادة. مدمن السكّر يجد الحياة صعبة وثقيلة بدون حلاوة قطرها وخبزها وحلوياتها. هذا ما تقوله إخصائية التغذية عبير أبو رجيلي في حديثها عن السكّر. والسكّر هنا يعني النشويات من خبز وكرواسون وحلويات ومعجنات وكعك فهذه كلها تقع تحت صنف واحد وإدمان واحد. كيف نتخلص من هذا الإدمان؟ ومن هو مدمن السكر؟
تشرح عبير أبو رجيلي أسباب الإدمان على السكر فتقول:
أسباب الإدمان على السكر
مكافأة الاطفال
يبدأ الإدمان على السكّر منذ الطفولة عندما يكافىء الأهل طفلهم عند إنجازه كل عمل جيد بالشوكولا والسّكاكر. فيكبر الطفل على هذه العادة في تناول السكر حتى يصبح الأمر كارثياً ويصعب التخلص منها. ويصبح تناول السكر أمراً ملحاً عند الأطفال لدرجة انهم يعجزون عن التوقف عن تناول السكريات ويفضلونه على أي نوع طعام أخر. وهذا قد يؤدي الى السمنة وتناول سعرات حرارية غير مفيدة.
-الشعور بالسعادة والتغلب على الكأبة
تناول السكّر يساعد الدماغ على إفراز هرمون السعادة الدوبامين . لهذا يرتبط تناول السكر بحاجة الفرد للحصول على هذا الشعور بالارتياح والسعادة. ويصبح عند أي حزن أو عدم رضى أو مواجهة أية أزمة اللجوء إلى تناول السكر وسيلة لإثارة العقل والشعور بالارتياح. ومدمن السكّر يظن أنّه قادر على التغلب على الكآبة من خلال تناول المزيد من السكريات، إذ يشعر حينها أن مشاكله قد حلت وحصل عنده نوع من الاكتفاء والرضى.
الحصول على الطاقة
الجسم يمتص السكّر بسرعة وهذا يرفع من قدرة العقل واستجابة الخلايا فيولّد الطاقة. فمدمن السكر يلجأ الى رفع مستوى طاقاته بتناول المزيد منه لمواجهة التعب والإرهاق والنعاس. علماً هذا غير صحيح لأنّ تناول الكثير من السكر يؤدي إلى الخمول والتعب.
دخول دوامة اسمها السكر ثم السكر
محبّو السكّر والحلويات، يجب أن يعرفوا أنّ تناول المزيد من السكّر لا يؤدّي الى الاكتفاء بل يؤدي الى الإدمان. فكلّما زدنا كمية تناول السكر طلب الجسم المزيد، ما يجعل المدمن يعيش في دوّامة أسمها السكّر لا يعرف الاكتفاء ولا يستطيع أن يضع حداً لتناول المزيد منه. وكل الأشخاص الذين يتناولون كمية كبيرة من السكّر مع الوقت يفقدون إحساسهم بطعم الحلاوة لذا يطلبون دوماً كمية أكبر.
نقص عناصر في الجسم
يفهم الجسم النقص في بعض العناصر الضرورية له مثل الفيتامينات او البروتينات او المعادن على أنها نقص بالسكر، وهنا تأتي الحاجة إلى تناول الحلويات. وهذا دليل على أنّ مدمني السكّر لا يوجد لديهم نمط غذائي جيد لهذا جسمهم يفتقد الى بعض العناصر المهمة للجسم.
علامات الإدمان على السكّر
تقول عبير أبو رجيلي إنّ المدمن على السكّر يشبه المدمن على الكوكايين لأن السكّر يغير من عمل هرمونات الدماغ، لكن يختلف إدمان السكّر بأنّنه يمكننا أن نتحكّم به من خلال تغيير العادات، وهناك دراسات تقول بأنّه مجرد أن أغير عادات تناول الطعام لمدة 14 او 21 يوما يمكن أن أتحكم في هذا الإدمان وأخرج منه.
ومدمن السكّر لديه علامات تشير إلى هذا الإدمان وهو الإحساس بالتعب، صحيح أنّ تناول السكريات يعطي شعوراً بالنّشاط لكنه شعور يخبو بسرعة فور انتهاء كميّة السكّر ودخولها إلى الخلايا بشكل سريع، ولكن هذه المرّة سيكون التّعب أكثر لأنّ الجسم قد بذل مجهوداً إضافياً.
ومن علامات الادمان على السكّر، هو اعتقاد البعض بأنّ جسمه بحاجة الى السكّر بشكل مستمر.
وتتابع أبو رجيلي “عند تناول السكّريات فإنّ الكبد يفرز الأنسولين الذي يدفع السكريّات للدّخول إلى الخلايا بشكل سريع ومباشر، ما يعني انخفاضاً مفاجئاً لمقدار السكّر في الدّم، الأمر الذي يؤدّي إلى الشعور بحاجة متزايدة للسكّر”.
وعلامة أخرى تشير على إدمان السكًر، هي وجود مشاكل صحيّة مثل السمنة وزيادة الوزن. وهذا يعني أنّ نظام هذا الشخص الغذائي غير صحّي، وهذا بدوره يهدّد الجسم بالكثير من الأمراض الخطيرة كالسكري والأمراض التي تهدد القلب فضلًا عما قد يصيب الجسم من السكريات بحد ذاتها كسلس البول على سبيل المثال، بالإضافة إلى مشاكل البشرة من بثور وحبوب شباب وبقع داكنة وغيرها.
وتتابع عبير أبو رجيلي ” نحن كإخصائيّي تغذية يمكن أن نتعرف على مدمن السكر في العيادة من خلال طرح بعض الاسئلة والقيام بعملية استجواب حول طريقة تناوله للطعام وماذا يأكل. وكل مدمني السكر يفضلون الحلويات والنشويات مثل الخبز او المعجنات او الوجبات السريعة والمشروبات الغازية على أي طعام أخر وهذا الاستجواب يسهل علينا معرفة مدمن السكر.”.
تناول السكّر يؤثّر على إفراز هرمون السعادة، من هنا الأشخاص الذين لديهم تقلّب في المزاج، قد يكون هذا نتيجة ارتفاع او انخفاض السكر في الدم بشكل مستمر ومفاجئ، وهو الذي يسبب هذه المعاناة في الحاجة المستمرة الى السكّر للتخلّص من هذا الشعور بالإحباط .
التخلّص من إدمان السكّر
هل يمكن أن نتخلّص من هذا الإدمان؟
تجيب اخصائية التغذية أبو رجيلي: بما ان هذا الإدمان مكتسب، علينا أن نغيّر هذا النمط الحياتي من خلال بعض الخطوات التي تضمن بالتأكيد التخلص من هذا الإدمان، وهي:
إدخال الألياف الغذائية
فبدل تناول المعكرونة العادية يمكن استبدالها بالمعكرونة السمراء، واستبدال النشويات البسيطة بتلك المعقدة التي تتطلّب وقتاً أكبر في عملية الهّضم.
عدم إضافة السكّر الى المشروبات مثل القهوة او الشاي وتجنّب المشروبات الغازية، او تلك التي تحتوي كمية سكّر عالية، ويمكن استبدالها بالماء ودوماً نحاول أن نبتعد عن المحلي الصناعي، والابتعاد أيضاً عن العصائر الطبيعية لأنّها تتضمّن كمية سكر عالية، بالرغم من فوائدها لكن الأفضل تناول الفاكهة كما هي.
وفي جائحة كورونا، يلجأ البعض إلى تناول العسل المفيد في تغذية الجسم وزيادة المناعة وهو مضاد للبكتيريا ومضاد للأنفلونزا أيضاً، لكن يجب ان ننتبه الى الكمية ولا نكثر من العسل لأنّ العسل فيه مذاق السكّر.
عدم شراء منتج غني بالسكّر
من الضروري قراءة محتويات المنتج الذي نشتريه والابتعاد عن ذلك الذي يحتوي السكّر، بشكل عام فإن المكونات الخمس التي تكون مكتوبة أولًا ضمن قائمة المحتوى هي التي توجد بنسب أعلى من غيرها في هذا المنتج، عليك قراءة المحتوى وفي حال وجود السكر ضمن هذه المكونات الأولى يفضل عدم شراء هذا النوع، بالإضافة إلى تجنّب المعلبات بشكل عام.
الانتباه من أسماء مقنّعة للسكّر
وهنا يجب الانتباه الى أنّ السكّر قد يأخذ اسماء كثيرة مقنّعة، لذا علينا معرفة هذه الأسماء والانتباه منها حتى لا ينتهي بنا المطاف إلى شراء منتجات تحتوي على كميات كبيرة من السكريات وبدون علمنا، ومن هذه الأسماء التي يجب الانتباه إليها والحذر منها: “رحيق شراب الرز البني العالي الفركتوز – شراب عنب – سكر العنب – شراب ذرة – شراب الشعير – سكر القصب – جلوكوز اللاكتوز”.
وهنا تقدّم أبو رجيلي نصيحة “في كل مرة تشتهي تناول الحلويات والحصول على قدر من السكر، عليك التوجّه إلى تناول قطعة من الفاكهة، فهذا يضمن لك السكريات بالإضافة إلى العناصر الهامّة الأخرى والألياف، ما يعني تنشيط عملية حرق الدهون لا الحصول عليها ومن ثم تراكمها على العكس من الحلويات”.
ممارسة الرياضة أو الالتهاء بما هو مفيد
في كل مرة يخطر في بالك تناول السكّر، من المفيد تبديد هذه الأفكار بالقيام بشيء آخر مفيد، مثل ممارسة الرياضة أو الذهاب في نزهة أو مجالسة الأصدقاء الذي يمدوننا بالطاقات الايجابية.
عدم الإقلاع عن السكّر بشكل مفاجئ ونهائياً
تحذّر عبير أبو رجيلي من حرمان الجسم كلياً من السكّر لأنّ هذا اكبر خطأ قد يقع فيه مدمن السكّر، تقول “عند حرمان الجسم من السكريات بشكل سريع وحاد، فمن المرجّح أن تعاني من أعراض متلازمة الانسحاب، وهذا ما يميّز حالة إدمان السكّر، وقد تتجلى هذه الأعراض بالقلق أو الغضب أو الخوف، لذا عليك التقليل من كمية السكريات بشكل تدريجي إلى أن تصل إلى الحد المسموح به بدون أي آثار جانبية لذلك. والجدير ذكره الانقطاع المفاجئ والسريع للسكّر لا يعطي نتيجة، خاصة عند الأطفال بل يجب تقليل الكمية تدريجياً حتى لا يلتهم كمية كبيرة من السكريات عندما يتسنى له الظرف”.
قناعة العقل تروّض الجسم
وأهم فكرة تقول عبير إنها تغيير أفكارنا حول السكّر “فبدل أن أظنّ أنّ السكّر هو ألذ طعام وقادر على التحكّم بي، يجب أن افكر أنّني يمكنني الاستغناء عنه ساعة أشاء. وانه طعام يزيد الوزن ويسبّب لي مشاكل صحية. واعتاد على تقليل القيمة وأتناول قطعة صغيرة بدل أن تكون كبيرة . فعندما يقتنع العقل بالفكرة يصبح ترويض الجسم أسهل”.
تحضير الطعام مسبقاً
العمل على تحضير طعامنا مسبقاً حتى عندما نجوع لا نضطر الى تناول أي طعام أمامنا، وغالباً يكون هذا الطعام غنياً بالسكّر مثل البسكويت او الشوكولا او الأطعمة الجاهزة والسريعة.
تدوين ما نأكل من السكر
أهم مسألة لاحظتها أبو رجيلي في عيادتها والتي تقول إنّها جاءت بنتائج جيدة “هي تدوين ما نتناول من أطعمة لا سيّما السكّر، إذ يتفاجىء الشخص بكمية السكّر التي يتناولها. وهنا يمكن أن يدوّن كل النشويات التي يتناولها ايضاً لأنّها تدخل من ضمن السكّريّات”.
المناعة تخفّ مع تناول الكثير من السكر
نحن في عصر كورونا تضيف أبو رجيلي وتناول السكّر والنشويات بكميات كبيرة يقلل المناعة، لذا الأفضل الاتجاه نحو تناول الخضار والأطعمة الصحية التي تعزز مناعة الجسم.
كمال طنوس