السفيرة الأميركية تُهدّد لبنان: البيطار أو العقوبات المُدمّرة
مصادر "الثنائي" لـ"أحوال": "المرفأ" أخطر من تهديد "شبكة الاتصالات"
تسارعت وتيرة الإتصالات على خط “حارة حريك” – بعبدا – السراي الكبير لمحاولة اجتراح حل للأزمة السياسية – القضائية قبل جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقرّرة اليوم، إلا أن عدم العثور على حل توافقي دفع برئيسَي الجمهورية والحكومة بعد التشاور بينهما، وإرجاء الجلسة لتجنيب الحكومة انفجاراً سياسياً محتّماً يقود إلى توترات أمنية في الشارع. لكن إشكاليتان تعيقان التوصل إلى حل، بحسب معلومات “أحوال”، وهما: الغموض حول صلاحية الحكومة بإقالة المحقّق العدلي أو سحب القضية من المجلس العدلي إلى القضاء العادي، والثانية تهديد السفيرة الأميركية المسؤولين وتخييرهم بين القاضي طارق البيطار أو فرض عقوبات خطيرة ومدمرة.
فهل تستطيع الحكومة إقالة قاضي التحقيق الحالي وتعيين قاضٍ آخر؟
أستاذ القانون الدستوري، د.عادل يمين، أشار عبر “أحوال” إلى أن “لا صلاحية لمجلس الوزراء بإزاحة قاضي التحقيق العدلي لأن تعيينه يتم بطريقة خاصة بموجب قرار يصدره وزير العدل بناءً على موافقة مجلس القضاء الأعلى، من أجل التحقيق في جريمة محددة بالذات محالة بموجب مرسوم متخذ في مجلس الوزراء على المجلس العدلي، الأمر الذي يعني أن قاضي التحقيق العدلي ليس جزءاً من تعيينات وتشكيلات قضائية، وفوق ذلك فإن مبدأ فصل السلطات المنصوص عليه في مقدمة الدستور يمنع تدخل مجلس الوزراء”.
ومن الإقتراحات الذي يجري دراستها، بحسب المعلومات، هي: إقالة البيطار في مرسوم يُتّخذ في مجلس الوزراء، طالما أن تعيينه تم بمرسوم مماثل، أو يكلف المجلس وزير العدل طرح قاضٍ آخر لهذا المنصب وعرضه على مجلس القضاء الأعلى للموافقة إنطلاقاً من الدراسة التي يعدها الوزير، إلا أن يمّين أوضح بأن “ليس من أي نص قانوني يرعى هذا الأمر”.
أمام استعصاء الحل القانوني، ما هو السيناريو المتوقع؟
أوساط ثنائي “أمل” و”حزب الله” أفادت لموقعنا بأن “وزراء الثنائي والمردة سيصرّون على اتخاذ قرار في مجلس الوزراء بكفّ يد البيطار بأي طريقة”.
لذلك وعقب انتهاء جلسة الأمس، تكثّفت الإتصالات للبحث عن حل، وبدأ وزير العدل بإعداد دراسة لهذا الملف للبحث عن مخارج قانونية. إلا أن المعطى الجديد الذي برز وعقّد الوضع أكثر، هو دخول السفيرة الأميركية في بيروت، دوروثي شيا، على الخط إذ أرسلت مساء أمس تهديداً مباشراً للمسؤولين، مضمونه بأن كفّ يد البيطار سيعرّض لبنان إلى عقوبات قاسية، وهذا ما دفع إلى تأجيل الجلسة.
من هنا، أشارت المعلومات الى أن “الوضع الراهن في غاية التأزّم ويتّجه إلى مزيد من التصعيد في الساعات المقبلة، والحكومة في وضع لا تُحّسد عليه ووُضِعت أمام خيارات صعبة وأحلاها مرُ؛ ففي حال كفّت يد البيطار، ستعرّض البلد لعقوبات أميركية وهي التي تحاول جاهدة التخفيف من هذه العقوبات وحشد الخارج للدعم المالي. أما إذا أبقت على البيطار في منصبه، فإنها تنصبه حاكماً بأمره واستكمال إصدار المزيد من مذكرات التوقيف وجر البلد إلى آتون الفوضى الأمنية”.
ولفت مصدر مطلع في فريق المقاومة لـ “أحوال” إلى “أن قيادتَي الحزب والحركة أبلغوا رئيسَي الجمهورية والحكومة، ظهر اليوم، بأنه إذا لم يتم التوصّل إلى حلّ دستوري قبل الجلسة، فإن اتجاه الوزراء السبعة إلى تعليق المشاركة في كل جلسات الحكومة والإعتكاف من دون الإستقالة، ولذلك تم تأجيل الجلسة لمزيد من التشاور لايجاد المخرج الملائم”.
والأخطر، بحسب المصدر، هو “أن التجربة في العراق مؤخراً شجّعت الأميركيين على تكرارها في لبنان، وذلك بإشعال مظاهرات شعبية بذريعة الأوضاع الاقتصادية وحصد حلفاء واشنطن الأغلبية النيابية في الانتخابات النيابية الأخيرة، وتركيب حكومة توالي الأميركيين”.
وشرح المصدر السيناريو المتوقع، بالقول: “اتهام “مفاتيح” رئيس المجلس النيابي نبيه بري، النائب علي حسن خليل في الجنوب وغازي زعيتر في البقاع، هو مقدّمة لاتهام نواب أساسيين في “حزب الله”، وبالتالي توجيه الإتهام لأطراف الطائفة الشيعية في التفجير في القرار الظني المرتقب صدوره قبل نهاية العام، ما يحقّق أهدافاً عدة قبيل الانتخابات:
-إحراج الحزب أمام الرأي العام وإضعافه انتخابياً في بيئته الحاضنة
-توجيه ضربة للرئيس بري كحليف للحزب، والعبث بالوضعية القانونية لأحد أهم المرشحين الأساسيين لأمل أي النائب حسن خليل، كونه يحتاج الى سجل عدلي للترشح
-وضع الطائفة الشيعية بمواجهة الطائفة المسيحية، وزرع الشقاق بين الحزب وحليفه “التيار الوطني الحر” المحرج مسيحياً بملف المرفأ
وهذا ما يفسر التصعيد في نبرة وموقف الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، والموقف الموحد لثنائي “أمل” و”حزب الله” في مجلس الوزراء، بحسب المصدر، الذي يشدّد على أن “الحزب لن يتراجع عن الدفاع عن النفس أمام الاتهام والظلم الذي يعتبره أخطر من المساس بشبكة الاتصالات عام 2008 التي أدت إلى عملية أمنية نوعية وخاطفة”.
محمد حمية