لبنان قادر على إنتاج نحو 480 ميغاواط من الطاقة الكهرومائية؟
يغرق لبنان منذ سنوات في أزمة كهرباء مزمنة مجهولة الأفق، ساهمت في تراكم عجز الخزينة وتصدع الاقتصاد الوطني عامةً، وزادت من اعتماد اللّبنانيين على المولدات الكهربائيّة الخاصّة، ما ضاعف التكاليف ورفع نسب التّلوث على أشكاله وأنواعه، فهل فكرنا في ثرواتنا من مصادر الطّاقة المتجددة وأولها الاستفادة من كمية المتساقطات؟ ولماذا لا نتجه نحو إنتاج الطّاقة الكهرمائيّة؟.
فشل الدّولة
طارق عبدالله عضو مجلس إدارة كهرباء لبنان يقول لـ”أحوال” أن “الطّاقة النّظيفة تشكّل المصدر الرّئيسي لخلق بيئة صحية وخاليّة من التلوث، ولإنتاج الطّاقة الكهرومائية يتم استخدام الطّاقة المائيّة لتوليد الطّاقة الكهربائيّة، وتتميز بأنها تؤمن أنظمة طاقة مستقرة ونظيفة، وذات انتشار واسع، لكن في لبنان يبقى الاعتماد عليها خجولاً رغم أنها قادرة على تخفيض فاتورة الدولة اللّبنانية من مصاريف إنتاج الطّاقة، مشيراً إلى أنّ رأسمال هذه العمليّة يتطلب فقط بناء السدّ والخزّان”.
ويتابع “رغم أنّ حصة لبنان من الأمطار والثلوج كبيرة خلال السّنة، إلا أنه يستغل فقط 10% منها بشكل مفيد لإنتاج الطاقة الكهربائيّة”، ويعزو عبدالله سبب ذلك إلى “فشل المسؤولين في وضع استراتيجيّة لترشيد الإنفاق والاعتماد على الطّاقة المتجدّدة التي من شأنها أن تكون من ضمن خطط التّعافي في بلد مهترىء”، لافتاً إلى أنّ “قطاع الكهرباء في لبنان يعتبر من أبرز أسباب الأزمة الاقتصاديّة والكوارث البيئيّة”.
13 محطة كهرومائيّة
وعن عدد المحطّات الكهرومائيّة في لبنان يوضح أنّ “في لبنان 13 محطة كهرومائيّة لتوليد الطاقة، فهي تولّد كحدّ أقصى 280 ميغاواط في السّنة بسبب قِدَم هذه المعامل التي يجب إعادة صيانتها وبناء محطات جديدة حديثة من أجل الحصول على كفاءة جيّدة في عمليّات التوليد وبالتالي الحصول على إنتاج أكبر، ومن أبرز هذه المعامل، معامل اللّيطاني الثلاثة (مركبا، والأوّلي، وجون) بقدرة إجمالية تبلغ 192 ميغاواط، ولكن انتاجها حالياً أقل من 48 ميغاواط بسبب إهمالها من قبل وزارة الطّاقة والمياه وأصحاب الامتيازات الذين يسعون إلى جني الأرباح فقط”.
ويؤكد عبد الله أن “لبنان بإمكانه إنتاج طاقة مائية إضافيّة تصل إلى 200 ميغاواط، كونه يملك مسارات وشبكات مائية مختلفة على كامل أراضيه ما يجعل منه بيئة مناسبة لإنشاء مشاريع إنتاج الطاقة الكهرومائيّة، إلا أنّ سوء إدارة الطاقة في لبنان تحول دون ذلك”، ويعطي مثالاً عن معمل رشميا المائي المتوقف عن العمل منذ حوالى السّنتين والذي يكبّد الدّولة اللّبنانيّة يومياً خسائر بقيمة 20 ألف دولار، ويقول “يمكن لهذه المحطة أن تعمل بشكل جيّد كما ويمكنها إنتاج أكثر من 10 ميغاواط من قدرتها الإجمالية والتي هي عبارة عن 13 ميغاواط”.
ويتساءل “هل تولي الحكومة الجديدة أهمية لتطوير قدرات معامل الطّاقة المتجدّدة أم يبقى الرّهان على التّنقيب عن النّفط والغاز اللّذين يسيطران على الفكر السّياسي والاقتصادي المتحكم بلبنان؟”.
كلفة الطاقة المتجددة
إقتصادياً، يشير المحلّل الاقتصادي محمد أبو الحسن إلى أنّ “تكلفة الطّاقة الكهرمائيّة منخفضة نسبياً، الأمر الذي يجعلها مصدرًا تنافسيًا للكهرباء المتجدّدة، إذ توفّر على الاقتصاد الموارد النّفطيّة”.
ويلفت إلى أنّ “مشاريع الطّاقة المتجدّدة تتطلب دعماً من صندوق النّقد الدّولي أو من الاتحاد الاوروبي، ما يشكّل خطوة إلى الأمام في مجال الاستثمار في ترشيد الإنفاق ومكافحة الفساد والهدر كما وتخفّف النّفقات على خزينة الدّولة وتحدّ من الضّغط على العملات الأجنبيّة”.
ويؤكّد أبو الحسن أنّ “سدّ جزء كبير من العجز الحالي في قطاع الكهرباء في لبنان، من دون أيّ تكلفة بيئيّة تذكر يكون من خلال الاعتماد على الطّاقة المتجدّدة التي تملك القدرة على محاربة آثار تغيّر المناخ، وتحسين أمن الطاقة، ورفع مستوى المعيشة، وخلق فرص عمل، وتمكين التّرابط بين الطّاقة والمياه والغذاء. فهل ينجح لبنان من تحقيق ذلك؟”.
ناديا الحلاق