مصادر “أحوال”: قرار فرنسي بالإستثمار في لبنان.. وتريّث خليجي
الحكومة تقرّ البيان الوزاري غداً وجلسة الثقة الإثنين
رغم الدعم السياسي الواسع الذي حظيت به الحكومة الجديدة والترحيب الغربي – والعربي، إلا أنّها وُلدت في مرحلة داخلية صعبة لا تُحسد عليها؛ فحكومة العهد الرابعة التي يترأسها نجيب ميقاتي، تواجه تحدّيات لا تُعد ولا تُحصى.
وُلدت هذه الحكومة من رحم الإنهيارات المتعدّدة الأوجه، ومن تداعيات أحداث كبرى غصّ بها لبنان بدءاً من 17 تشرين 2019 وصولاً إلى تفجير مرفأ بيروت مروراً بالفتن المتنقلة والفلتان الأمني والضغوط الخارجية، وهي ستواجه الكثير من الملفات الساخنة كرفع الدعم والبطاقة التمويلية والتدقيق الجنائي وأزمة الودائع والقطاع المصرفي وانهيار العملة وإصلاح الكهرباء والتعيينات والتشكيلات القضائية وقانون الإنتخابات وتحقيقات مرفأ بيروت وأزمة النازحين والعلاقات مع سورية وغيرها.
فهل تستطيع الحكومة تجاوز هذه الظروف القاسية والملفات المتفجرة التي من شأنها نسف الحكومة، علماً أن الوقت المتبقي من عمرها لا يساعدها في إنجاز مهامها؟
حكومة “العزم والأمل” تنطلق عملياً إلى العمل في مطلع الشهر المقبل بعد نيلها الثقة الأسبوع القادم، كما أنّها تحتاج إلى شهرين بحسب مصادر وزارية لـ”أحوال” لدراسة الملفات ووضع الخطط والتفاوض مع صندوق النقد الدولي تمهيداً لاتخاذ القرارات، ونكون حينها قد دخلنا في عطلة عيدَي الميلاد ورأس السنة، ما يعني أن أمام الحكومة فترة ثلاثة أشهر فقط قبل مواعيد الإستحقاقات البلدية والنيابية في نيسان وأيار المقبلين للتحوّل إلى حكومة تصريف أعمال.
ولذلك، وبحسب المصادر، فإن الحكومة ترشق بيانها الوزاري ولا تضمنه بنوداً لا تستطيع إنجازها لكي لا يخالف الواقع الآمال والطموح؛ فمهمة الحكومة كما تقول المصادر، هي “احتواء الإنهيارات وضبط الوضع الأمني وإنجاز بعض الإصلاحات وفق المبادرة الفرنسية للحصول على المساعدات وبعض الإستثمارات، وإنجاز الإنتخابات النيابية المطلب الأساسي للأميركيين تمهيداً لحكومة ما بعد الإنتخابات، ونكون حينها على مسافة أشهر قليلة من انتخابات رئاسة الجمهورية”.
وفي مؤشر إيجابي، تمكّنت لجنة صياغة البيان الوزاري من الإنتهاء من وضع مسودة البيان في جلستها اليوم، على أن يعقد مجلس الوزراء جلسة غداً لإقراره. وتوقعت مصادر وزارية لموقعنا ألّا تطول المناقشات في الجلسة ويُقر البيان بسلاسة، على أن يحدّد الرئيس نبيه بري جلسة نيابية الإثنين المقبل لنيل الحكومة الثقة. كما توقعت مصادر نيابية أن تمنح أغلب الكتل النيابية الثقة للحكومة، بمن فيها تكتل لبنان القوي، باستثناء كتلة القوات اللبنانية.
وأشارت مصادر مطلعة لـ”أحوال” إلى أن “القرار الفرنسي قد اتُخذ من الرئيس الفرنسي تحديداً، بالإنخراط في عملية إنقاذ لبنان وإرسال مساعدات نوعية والشروع بخطط لمجموعة استثمارات في عدد من القطاعات الحيوية كالمرفأ والكهرباء والإتصالات ومصرف لبنان”. كما كشفت المصادر عن تواصل بين الحكومة ودولة الإمارات العربية المتحدة لجسّ نبضها حيال الموقف من الحكومة والدعم المالي، وكان الرد ايجابياً، لكن مع التريث وانتظار سياسات الحكومة وتوجهاتها الخارجية للبناء على الشيء مقتضاه وبالتنسيق مع السعودية ومجلس التعاون الخليجي.
وبحسب أوساط مواكبة للتحولات في المنطقة، فإن التفاهم الاقليمي – الدولي على لبنان من الممكن أن يستفيد الأخير من هذه الفرصة عبر جذب مشاريع استراتيجية حيوية لا سيما مد أنبوب النفط العراقي إلى طرابلس مع تشغيل مصفاة طرابلس وتطويرها، وإعادة إعمار مرفأ بيروت ضمن تصوّر يضمّ سكك حديد تربط بيروت ببغداد، بما يعيد لبيروت صفة مرفأ المنطقة مثلما كانت في السبعينيات، مع دور سوري في المشروعين، كما حلّ ملف عودة النازحين السوريين.
وأضافت الأوساط لموقعنا أن “احتمال إعادة إحياء المفاوضات حول ملف ترسيم الحدود البحرية والتوصل إلى تفاهم وسطي، بعدما اقتنعت أميركا بأن ترتيب هذا الملف يجنب الحدود اللبنانية الفلسطينية والمنطقة الحرب العسكرية، ويحول دون دخول الشركات الإيرانية إلى البحر المتوسط”.
وفي سياق ذلك، أشار الوزير السابق، المحامي كريم بقرادوني، في حديث لـ”أحوال” إلى أنه “في أعقاب تأليف الحكومة تم الإتفاق على أمرين: الأول الإصلاحات التي تشكل المدخل الأساس للحصول على الدعم المالي الدولي، وبالتالي عودة الإستثمارات لتنشيط الدور الاقتصادية، والثاني معالجة المآسي اليومية التي يعاني منها اللبنانيون”.
ورأى بقراودني أن “الموقف الأميركي يتجه في المنطقة نحو تطبيع العلاقات مع كل من إيران وسورية وحلفائهما في لبنان أي “حزب الله”، بعدما فشل الأميركي بفرض شروطه ومشاريعه، ولذلك فضّل خيار التطبيع الأقل خسارة على مصالحه وتُرجم ذلك بالسماح للنفط العراقي بالدخول إلى لبنان عبر سورية، وإعادة تفعيل خط الغاز (المصري – الأردني) إلى لبنان عبر سورية، وهذا مؤشر إلى تغيّر ما باتجاه العلاقات مع سورية أيضاً”.
وخلص بقرادوني بالقول إن “هناك متغيرات أساسية ونوعية تحصل في المنطقة، أنتجت تحالفات وتفاهمات جديدة لإيران دور محوري فيها، بعدما غيرت في المعادلات في لبنان والمنطقة”، لافتًا إلى أن “الدور الفرنسي في لبنان سيكبر بدعم أميركي، وسيتعاظم بالتوازي الدور الإيراني بدعم من سورية والعراق”.
ويرى بقرادوني أننا “أمام اختتام عقد من الحروب والمعارك منذ ما يسمّى الربيع العربي والحرب على سورية، وبالتالي أمام تسويات واتفاق إيراني – أميركي أكبر من اتفاق نووي”.
محمد حمية